الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات ما بعد الانتخابات

تقي الوزان

2009 / 3 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


النتائج التي افرزتها انتخابات مجالس المحافظات – وبغض النظر عن كل السلبيات التي رافقتها – اكدت على افلاس الخطاب الطائفي بشقيه الشيعي والسني , وبات واضحاً ايضاً ان الكسب الذي حصل عليه حزب " الدعوة " برئاسة المالكي ليس بسبب امتلاكه للسلطة وتحقيق انجازات عملية فقط , بل ويعود في جزء كبير منه للخطاب السياسي البعيد عن الطائفية . والمتتبع لخطابات المالكي في جولاته الانتخابية التي بدءت قبل اجراء الانتخابات بفترة طويلة وفي مختلف المحافظات العراقية , لم يذكر اسم حزبه " الدعوة " الذي يوحي بالظلال الطائفية الشيعية , بل رسخ بدلها " ائتلاف دولة القانون " التي توحي بالعلمانية .

بعد ان تم تجاوز فورة الانفعال السلبي على نتائج الانتخابات للاحزاب التي تراجعت حضوضها ومنيت بالخسارة , تحاول هذه الاحزاب ان تدرس اسباب الوصول الى هذه النتائج , وبرزت في الايام الاخيرة اتجاهات غير متكاملة تحسباً للانتخابات البرلمانية القادمة , وهي الاهم في اعادة بناء البلد . فمن جهة الاحزاب الشيعية التي مزقت شرنقة قائمة " الائتلاف " ووجدت نفسها امام هاوية الخسارة التي قد تكون افدح في الانتخابات القادمة , يجري الحوار حول امكانية عودة قائمة " الائتلاف " الشيعية ولكن ليس بزعامة " المجلس الاعلى " , بل بزعامة حزب " الدعوة " . الاتجاه الآخر توجه حزب " الدعوة " لمحاورة اطراف علمانية واخرى من الجانب السني والبعثيين , وبالذات جبهة " الحوار " برئاسة صالح المطلك , في محاولة ظاهرها خلق تعاون يخرج العملية السياسية من اطارها الطائفي .

كلا الاتجاهين يدور حول الرابح الاكبر ( الجوكر ) السيد رئيس الوزراء وحزبه " الدعوة " , وكلا المشروعين لايبتعدان عن استمرار الصراع بين المشروعين الرئيسيين الايراني والامريكي . الايرانيون يحاولون المحافظة على كتلة " الائتلاف " الشيعية لانها الاضمن في استمرار نفوذهم الفاعل داخل العملية السياسية و الحكومة , والثاني يريد اخراج العملية السياسية من اطارها الطائفي لتحجيم النفوذ الايراني واضعافه من جهة , ومن جهة اخرى اضفاء صفة التآلف الوطني الذي يمكن تصنيعه بمنح بعض السلطة التي هي هدف اغلب هذه الاطراف , ويبقى المشروع الوطني الديمقراطي الحقيقي الذي لايزال يحبو , يحتاج الى وقت اطول كي ينمو ويشتد عوده . ولو قدر للاتجاه الثاني ان يكون اكثر جذرية فهو الاسلم لاعادة بناء العراق في المرحلة الحالية , خاصة وان الامريكان امام استحقاق اقناع العراقيين بجدوى الاتفاقية الامنية معهم من جهة , وضغوط الازمة العالمية التي تدفعهم للاسراع بسحب جزء من قواتهم من جهة ثانية .

التوجه الاول سيكون تحقيقه اكثر صعوبة لعدة اسباب , من بينها تجاوز اطراف " الائتلاف " ذاتها للاطار الطائفي الذي ا صبح لايلبي المصلحة الذاتية التي توسعت لكل طرف . ومن الاسباب المهمة ايضاً الخبرة والامكانية والاثرة في عدم التنازل التي يمتلكها " المجلس الاعلى " داخل العملية السياسية , واهم حلفائه القائمة الكوردستانية التي تعتبر تجريد مفهوم الفيدرالية من كورديتها شأن يهم الآخرين , بل تسعى لمنع ربط الفيدرالية بكوردستان فقط , وتحالفها مع " المجلس الاعلى " الذي يريد تنفيذ مشروع التسع محافظات الطائفي لكي يتم تجريد الحكومة الاتحادية ( المركزية ) من اغلب صلاحياتها , ويسهل للاقليمين وضعاً يكاد ان يكون مستقلاً . وهذا التكتل يمكن ان يسحب اليه ( بصورة اكثر جذرية ) الحزب الاسلامي السني . والحزب الاسلامي سيقرر بعد ان يعرف ما يحققه من نفوذ داخل الوسط السني .

توحد رغبات الحزبين الكورديين الرئيسيين و" المجلس الاعلى " ستساعد في اتفاق الاطراف المناوئة الاخرى التي تعمل على قيام حكومة اتحادية قوية , ومن هنا تأتي امكانية اتفاق رئيس الوزراء وحزبه مع الاطراف السنية وبعض العلمانيين . ويبقى عامل الزمن عنصر مهم في هذه المعادلات , حيث لم يبقى على الانتخابات البرلمانية الا القليل , وستكون مجازفة كبيرة ل"المجلس الاعلى " لو سار بهذا الاتجاه , وذلك لكون اكثرالعراقيين اخذوا يميلون لوجود حكومة مركزية قوية تفرض الامن والنظام , بعد ان ذاقوا نعمة الامن عن طريق الحملات العسكرية التي قادها المالكي في محاربة العصابات الخارجة على القانون في بغداد والبصرة والموصل وديالى وباقي المناطق الملتهبة , وهو سبب جوهري ايضاً يضاف لاسباب فوز المالكي وحزبه في الانتخابات الاخيرة . ولعل فشل التصويت على مشروع اقليم البصرة الذي روج له الاستاذ وائل عبد اللطيف ما يؤكد هذه الوجهة , رغم تصوير المشروع من قبل القائمين عليه على انه المنقذ الحقيقي للجماهير البصرية المنكوبة بنار الفقر والحرمان , وكل بصراوي سيرفه مثل اي مواطن في دول الخليج . الا ان المشروع سقط في هاوية لايرجى منها اية شفاعة . وسيخسر " المجلس الاعلى " الكثير من اصوات مؤيديه لو اصر على السير في هذا الطريق , وطعم الخسارة المرّة لايزال طرياً ويفرض عليه مراجعة عسيرة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل الذي قلته صحيح ولكن ..؟؟
كامل الكوتاوي ( 2009 / 3 / 24 - 17:30 )
استاذي العزيز ان المرحلة هي للأسىلاميين في الجزء العربي وللقوميين في الجزء الكوردي. اما المشروع الوطني الديمقراطي فهو الآن مؤجل لأن لاالشعب مؤهل ان يميز بين ماهو طائفي وماهو برنامج سياسي يؤكد على مطالب جماهيرية. ولا اهل العمائم توقف فتاويها الخنفشارية تسمح له بالتوسع. باختصار شعب معظمه هفكيره متخلف شبه امي وصد رجع الى الوراء كثيرا و.....خليها على الله؟؟؟؟

اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث