الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دارفور:النزاع غير المنسي -

محمد سيد رصاص

2009 / 3 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أصبحت منطقة دارفور،بين القرنين السادس عشر والسابع عشر،في إطار مملكة حازت قوة كبيرة امتدت شرقاً حتى نهر عطبرة،تحت حكم سلاطين سلالة (الكيرا) الناتجة عن تزاوج بين التونجور(الذين أدخلوا الاسلام لدارفور في القرن الرابع عشر)والفور،حتى دمر المصريون تلك المملكة عام1875،ليكون أبناء دارفور بعد ذلك السند الأساسي للدولة المهدية التي قاومت المصريين والإنكليز، ثم لتترك دارفور،إثر تدمير الدولة المهدية عام1899ونشوء الحكم الأنكلو- مصري للسودان ، في إطار حكم ذاتي للسلطان علي دينار،إلى أن ضمها البريطانيون عام1916خشية موالاة السلطان الدارفوري للعثمانيين في زمن الحرب.
بعد استقلال 1956،عانى اقليم دارفور من التهميش الحكومي في الاستثمارات والتعيينات،ولكن اضطراب الإقليم لم يبدأ إلامع مجاعات عقد الثمانينيات،الناتجة عن الجفاف في اقليم لايملك الموارد لذلك العدد الكبير من السكان القاطنين وأولئك الزاحفين نحو مناطقه الزراعية أوالملائمة للرعي من أقاليم سودانية أخرى ضربها الجفاف،ماأدى إلى حصول أوائل الصدامات بين المزارعين الأفارقة والرعاة العرب من قبيلتي العبالا والبقَارة،مع دعم من الحكومة للعرب،الشيء الذي استمر حتى أوائل القرن الجديد مع تدمير الجفاف وآثاره الإقتصادية- الإجتماعية للنظام الإجتماعي الدارفوري القديم منذ قرون،ليأتي تمرد شباط2003،الذي قامت به حركتا(تحرير السودان)و(العدل والمساواة)ويختلط ويتداخل مع ذلك الوضع بالإقليم.
نشأ التمرد الدارفوري بعد سبعة أشهر من (اتفاقية مشاكوس)بين الحكومة المركزية والمتمردين الجنوبيين بزعامة العقيد جون غارانغ،وقد استندت حركتا التمرد إلى القبائل الافريقية الثلاث:الفور،المساليت،الزغاوة،التي تمتد،وخاصة الأخيرة،إلى التركيب السكاني لتشاد المجاورة،فيمااستندت الحكومة للقبائل العربية،وخاصة العبالا،التي أتت منها ميليشيات (الجنجويد).
هنا،كانت الحركتان القائدتين لتمرد شباط2003من مصدرين أيديولوجيين مختلفين:أتت(حركة تحرير السودان)من الوسط الشيوعي،ليرأس المحامي عبد الواحد نور(من الفور)الحركة،فيماكان أمينها العام هو ميني أركو مناوي(من الزغاوة)الذي كان القائد العسكري الميداني للحركة،التي كانت على علاقات وثيقة مع تنظيم جون غارانغ وترتبط بروابط متينة مع إريتريا حتى عام2006،فيما أتت(حركة العدل والمساواة)من رحم تنظيم حسن الترابي ولتنشأ بعد عامين من إقالته من مناصبه في عام1999،وكان مؤسسها الطبيب خليل ابراهيم وهو وزير سابق من زمن حكم الترابي- البشير بين عامي1989و1999،حيث استندت هذه الحركة أساساً إلى قبيلة الزغاوة،لترتبط من خلال هذا بعلاقات وثيقة مع الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي ينتمي لنفس القبيلة.
ظلت الحركتان في حالة توحد ضد الحكومة السودانية،مع بروز عسكري أقوى لحركة تحرير السودان،إلى أن رعت نيجريا وليبيا،بدون رضا غربي،اتفاقية أبوجا(5أيار2006)،التي وقعها أركو مناوي مع الحكومة السودانية لتشكيل إدارة ذاتية تشمل ولايات دارفور الثلاث مع حصة في الثروة والاستثمارات الحكومية بنسب محددة من الدخل القومي تخصص لدارفور،ليحصل معها وعلى إثرها انشقاق بين مناوي وعبد الواحد نور فيمارفضت(العدل والمساواة)الإتفاقية،التي أصبحت نتيجة هذا الوضع حبراً على ورق،وخاصة مع ازدياد الدعم الدولي للحركات الدارفورية المعارضة ولظهيرها الرئيس التشادي الذي تحولت عاصمته إلى وضع شبيه معهم بوضع هانوي مع جبهة الفيتكونغ.
بالمقابل،فإن تنازلات الرئيس عمر البشير للجنوبيين في (اتفاقية نيفاشا)بالشهر الأول من عام2005،التي فاقت ماقدمه في(مشاكوس)،ثم مع أهل الشرق في خريف 2006- لم تؤد به،مع(أبوجا)،إلى استقرار لحكمه،ولاللسودان،لتتحول أزمة دارفور إلى المصدر الرئيس للوجع السوداني ولتصبح المقرِر الأكبر للتحولات السياسية الكبرى في ذلك البلد - الجسر بين العالمين العربي والإفريقي ،كما كان التمرد الجنوبي الأول(1955)الذي أدى إلى سقوط الحكم المدني في عام1958،ثم حكم الجنرال ابراهيم عبود بعد ست سنوات،وسقوط النميري عام 1985إثر التمرد الجنوبي الثاني(1983)،فيما كانت اتفاقية أديس أبابا(1972)مع الجنوبيين ضامنة لإستقرار حكم النميري لعقد من الزمن،رغم صدامه مع القوى السودانية الشمالية الكبرى في أحزاب(الأمة)و(الإتحادي)و(الشيوعي)بين عامي1970و1971.
السؤال الآن:إلى أين يتجه السودان على ضوء التطورات المتسارعة لأزمة دارفور،والتي أصبح العامل الدولي متداخلاً فيها بشدة بعد مذكرة توقيف الرئيس السوداني من قبل (محكمة الجنايات الدولية)؟.........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي