الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة التي تسكنّني في عباءة من غيم أزرق

فرات إسبر

2004 / 4 / 6
الادب والفن


في مملكة الخبايا ، طرق متعرجة المفارق، والاتجاهات ، انحدارات كوديان عميقة لا يصل إليها الملح ، لذلك تراها ، هشة وطريه ، وتكسرك بطحالبها المتشعبة البعيدة في أغوارك السحقية .
هذه المملكة ،لاشيء بها واضح ، أنت تعتقد أنك تراها ولكن في الحقيقة غير مرئية ، تقنع نفسك بأنك تسيطر عليها ولكن هي التي تتحكم بك في هذه المملكة عورات كثيرة لا تحب الظهور وأن هي ظهرت لا تموت بسرعة ، متعددة الأرواح ، شهية في اقتناصك بالضوء وخارجه ، فيها الباطن المتلبس، والظاهر المتعدد بنا ، والحكيم لن يصل إلى فهمها ، والعاقل لن يجروء على البوح فيها،والسكران هو من يفضح ذاته ، وبعدها يقول لم أذق الخمر من يومها .
في أول عتبة تدخلونها ، بيت اللسان ، منقسم قسمين ، ذو وجهين ،ذو حدين ، يشبه الأفعى الملساء بجلدها ، السامة أنيابها ، من منكم يغريه الدخول في مملكتي ، فليقف في بابي ، أنا كاشفة العورات وزلات اللسان ، من منكم دخل مملكتي فليكشف عن عورته ، وليعترف ..، مملكة اللسان لاسلطان عليها عندي ، فيها القول يتربع على عرش اللسان ولا سلطان يتحكم به .
في مملكة اللسان ، أفك الكلام حرفأ ..حرفاّ وأعيد ترتيبه ومنها يطير غيم أزرق ، تلك عباءة أنسجها كل يوم وترتديها المرأة التي تسكننيّ، كانت تشبه الغموض الواقف على خط الأفق .
علقت أطراف ثوبها في الفضاء فبان عري خفيّ من تحتها، أسرجت حلمها في الأزرق المنسوج من خيط المدى عابراَ في الأديم البعيد ، تاركاَ خلفه ظلاَ كسيراً ،مشدوداَ في وتر الأرض ولكن بلا جناحين يطير.
هل يمكنك أن تتخيل هذه الزرقة ، الفضاء وقد تعرى تماماً، أمامك ترى وجهك بتعويذاته، وجسدك بضلاله، ونفسك بينهما بتيهها ،في هذا الأزرق تدرك تمام أنك محاط بالوهم ، الوهم الذي لم يكن يوماً حقيقة ، كجبل الغيم هناك ، إذا قطعته لن ترى الغيم ولن تمسك به.
هل فكرت يوماً بنفسك عندما تطيل النظر في الأشياء المحظورة عليك ، وأنت تدرك أنك تخيط للعنكبوت بيتاً، كنتَ قد استعرته منه ،لتخرج العنكبوت من بيته ، عليك أن تقطع خيط الحرير.
المرأة التي تسكنني ، لا تغادر ني ، هي تكتب بعينيّ ، وترى بيديّ ،وتتمنى بأمنياتي ، ولكنني أنا التي اسقط في فخ رغباتها .
المرأة التي تسكننيّ لها وجهان ، وجه للماء ، ووجه للريح ، تخيط رغباتها في الإبر الصغيرة، تحيكها في الضوء وترتديها في العتمة كي تظهر بلا أثام .

من منكم قادرُ على إظهار الباطن ، كما هو قادر على أ ظهار الخارج، لن يدخل مملكتي أنا لا أجرؤ خوفاً من فوضى ، خوفاَ من فيضانات، خوفاَ من تيه لا قرار له ، هو الباطن الخفي وأنا الجبانة في مواجهته، لذلك أنا مزدوجة ، فهل أنتم مثلي ، إذاً تعالوا إلى تلك المملكة لنختبئ بها ، حتى نتمكن من فتح شبابيك اللغة المحظورة فينا ، ولكن أنا العاقلة بحكمة الشيخ أنهرها ، أقعدي ، لا تتحركي قد تجرحي الخفاء المزيف فينا .
كلنا عراة في تلك الغرف ، بلا ملابس أو رو توش ،وكلنا يدرك ما يرتكبه باطنه من خفايا الروح.
المرأة التي تسكنني ، تذهب في الخفاء إلى بيت الحلم ، وتسأله لماذا هجرتني ،يغلق الباب في وجهها ويقول: أنت "طالق".
خرجت امرأة من جسدي استوقفتني وسألت : أتعرفين طريق الخيانة .
قلت : ويحك ما سرك في السؤال ؟
لكنها شدت عليَ بقوة "أنت مسكونة بي وإليك " أسير"
ذات يوم قال لي : الضوء لك خيولا والفضاء
سأحيك الضوء عباءة ولعينيك منار
ذات يوم قال لي أنت في البعد المستحيل
أنت في النار وأنا في الهشيم
* * *
على باب قلبي تمطر الأشجار
ورقات صفراء …
ورقات خضراء
وكان الزهر أصفر
الرجل الذي أحببته يسألني :
ماذا أحببت بي ؟
المرأة التي أحبته
تسأل من أنت ؟
لقد نسيت .
هذه اليد التي يتكئ عليها رأسي
وتلك الرأس التي تتكئ عليها يدي
كلاهما يدرك تعب الآخر
بارتجاف الأصابع ..
وخفقان القلب ..
تنسل من وراء الباب
ذكريات..
كانت قديمة ..
لكنها لا تزال في سجل الخيانة العظمى محفوظة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا