الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازدواجية السورية في التعامل مع الجماعات الاسلاموية

محمد كليبي

2009 / 3 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يعاني الانسان العربي , وبالتالي المجتمعات العربية , من حالة الازدواج في الشخصية . وتتمظهر هذه الحالة في العديد والعديد من السلوكيات والممارسات اليومية , وقبل ذلك في الافكار والنظريات والمعتقدات التي تحرك تلك السلوكيات والممارسات . ومن تلك المظاهر , حالة " التفكير الأحادي " ورفض الآخر والفكر الآخر , الآخر المختلف .. ويتجلى ذلك أكثر في الجانب السياسي والحياة السياسية , حيث تتجذر القطيعة الكاملة بين التيارات الفكرية والسياسية في الوسط العربي , خاصة بين التيار العلماني والتيار الاسلامي أو الاسلاموي , فينكران على بعضهما حق الاختلاف , وينفيان عن بعضهما حق الوجدود . وهي احدى الامرض الفكرية والسياسية والاجتماعية والحضارية للانسان العربي , والمسلم عمومل .
فالمجتمعات المتحضرة , تقبل بوجود الآخر المختلف , فكريا وسياسيا وسلوكيا , فتقبل بوجود التيارات المختلفة , وتترك الحكم بينها للشعب من خلال صندوق الانتخاب الذي يعتمد بدوره على الحملات الانتخابية والبرامج والوعود والانجازات لتلك التيارات والاحزاب .
ولنا في دولة اسرائيل المثل الأعلى في هذا المقام , فجميع التيارات الفكرية والسياسية متواجدة على الساحة , وتمارس حقها الطبيعي في العمل السياسي والاجتماعي داخل المجتمع الاسرائيلي , يستوي في ذلك التيارات العلمانية واحزابها , كحزب الليكود وحزب اسرائيل بيتنا وكزب كاديما وحزب العمل , أو التيارات الدينية وأحزابها , كحزب شاس , كما يستوي في ذلك التيارات اليمينية واحزابها كحزب الليكود وحزب اسرائيل بيتنا , والتيارات اليسارية واحزابها كحزب العمل , والتيارات الوسطية واحزابها كحزب كاديما . وجميع هذه التيارات والاحزاب الفكرية والسياسية تحتكم الى الدستور والقانون وصندوق الانتخاب , فلا أحد يجيز لنفسه حق اسكات الآخر وحق نفيه , انما يعمل الجميع تحت المظلة القانونية والدستورية , ولصالح المجتمع الاسرائيلي وتقدمه .
بينما العكس من ذلك تماما نجده في مصر مثلا , حيث يمارس الحزب الحاكم والمتحكم جميع أشكال الاستبداد والالغاء والنفي للآخر , كل الآخر , سواء الأحزاب والقوى العلمانية أو الأحزاب ! والقوى الدينية الاسلاموية , ممسكا مصر والشعب المصري من رقبته ويعد عليه انفاسه وحركاته وسكناته , وان كان الضغط الاكبر يأتي من نصيب التيار الاسلاموي المتمثل في جماعة الاخوان المسلمين .
أما في سوريا فحدث ولا حرج , حيث أن السلطة السورية غارقة في حالة من انفصام الشخصية يرثى لها, متقدمة جدا على غيرها من الانظمة والسلطات العربية في تعاملها مع الجماعات الاسلاموية . وتظهر هذه هذه الازدواجية في صورتين اثنتين :
الاولى ) نظرة وتعامل السلطة السورية مع الجماعات الاسلاموية السورية :
حيث نجد ان السلطة السورية تنظر الى تلك الجماعات نظرة ملؤها الريبة والشك , نظرة التخوين و الخروج على النظام والقانون . وتتعامل معها وفقا وبناء على نظرية مسبقة وحكم مسبق , حكمت عليها - مسبقا - بالابعاد والاقصاء والحرمان من حق الممارسة السياسية والاجتماعية .. وحق الوجود .بل لقد وصل الامر بالسلطة السورية الاستبدادية الى الحد الذي مارست القتل والابادة الجماعية بحق تلك الجماعات الاسلاموية , في احداث حماة الدموية في ثمانينيات القرن العشرين , حيث تم ابادة جماعة الاخوان المسلمين السورية عن بكرة ابيها , وبقوة السلاح , وبتهمة مبرمجة ومعدة سلفا تتعلق بالتعامل مع العدو , وهي ذات التهمة التي تلصقها السلطة السورية بكل من يخالفها ويعارضها .
ومن المؤسف أن تلك الابادة الجماعية بحق الاخوان المسلمين في سوريا قد تمت بدون لأن يحرك العالم أجفانه ؟؟؟
الثانية ) تحالف السلطة السورية مع الاسلام السياسي العربي والاقليمي :
حيث نجد أن السلطة السورية " تنفرد " بتحالفها المشبوه مع السلطة الدينية الكهنوتية الوحيدة في العالم , أي سلطة الملالي في ايران , ولاهداف مشبوهة وتخريبية , اقليميا ودوليا , وغالبا ضد المصالح العربية التي تتشدق السلطة السورية بأنها المدافعة عن العروبة والقومية العربية , في حين أن تحالفها مع ملالي ايران - اعداء العالم العربي - يقول بغير ذلك .
ثم ياتي بعد ذلك تحالف السلطة السورية , المشبوه ايضا , مع التيارات الاسلاموية الراديكالية العربية , مثل حزب الله الشيعي الايراني في لبنان , وحركة حماس السلفيية في قطاع غزة , وطبعا بالتعاون والتنسيق مع الحليف الاستراتيجي الاكبر , ايران .
وفي اعتقادي أن الحال هذا ينطبق - وان بنسب أخف - على اغلب الأنظمة العربية والبلدان العربية .
الا انه قد يقول قائل , بأن التيارات الاسلاموية في العالم العربي ( عدا سوريا ومصر وليبيا وتونس ( تمارس العمل السياسي الرسمي والعلني , كما هو الحال في الأردن والمغرب واليمن والسودان ... وغيرها . وقد يتهمني ذلك البعض بأنني أسلك مسلك التعميم , الغير علمي , والغير منطقي , والغير انساني . لكنني ارد وانوه الى ان تلك الأنظمة العربية وتلك البلدان العربية التي تسمح ! بعمل ونشاط الجماعات الاسلاموية هي انظمة وبلدان اسلاموية في حد ذاتها , ولا تتخذ العلمانية منهجا لها كما هو شأن سوريا ومصر مثلا . ففي اليمن مثلا , لا نجد فرقا يذكر بين أحزابها وقواها السياسية , سواء الاسلاموية أو القبليو أو الاشتراكية ! أو الهجين من كل ذلك , فجميعها في الاخير أحزابا اسلاموية , وان بنسب متفاوتة ... وبالتالي فوجود الاسلام السياسي لا يشكل ظاهرة ديمقراطية أو تشكل مظهرا من مظاهر التسامح والاعتراف بالآخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات