الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجاوز على أملاك الدولة

كاظم الحسن

2009 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الفساد في العالم موجود ولا يمكن القضاء عليه، بل يمكن تحجيمه وتقليصه الى نسبة محدودة، كما هو الحال في معظم دول العالم، هكذا هو التعامل مع الكثير من اعراض الشر في الحياة.

ولكن خروجه عن الحد الطبيعي والتعاطي معه كشيء لابد منه من خلال اتساع نطاقه والدفاع عنه كضرورة لازمة لمواجهة تكاليف الحياة الباهظة هو ما يمثل الخطورة كما حدث من خلال التعدي على القانون وسرقة المال العام في وضح النهار او التجاوز على املاك الدولة، ويسوغون ذلك بادعائهم عدم امتلاك مساكن وكأن من ليس له منزل في العالم عليه ان يستولي على املاك الغير.

في العهد الملكي كان رئيس وزراء العراق يتندر بمقولة رائجة عنه ”دار السيد مامونة“ ولم يكن يدور في ذهنه، ان يأتي يوم على العراقيين يضعون لافتة على ابواب منازلهم تقول”الدار مسكونة “ وفيها ما يوحي ان خلو الدار من اصحابها يعرضها للاستيلاء والاستحواذ من قبل ابطال الحواسم.
اما طاغية العراق فقد احتاط للامر واقام 65 قصرا منيفاً وكانت هذه القصور يعد الطعام فيها يوميا في وقت واحد ولذلك كان يتعذر على الانقلابيين معرفة اي القصور مسكونة او غير مسكونة، وقد يكون اعتكاف الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر في قصر الرئاسة خوفا من الانقلابات العسكرية على طريقة”القصر مسكون “ والمرة الوحيدة التي سافر فيها الى بلغاريا كانت نذير شؤم عليه فقد حدث ما كان يخشاه ويتوقعه، محاولة انقلابية لازاحته من القصر.
ومن الطرائف التي تروى عن الانقلابات في السودان ان من يصلي صلاة الفجر يصبح رئيسا للجمهورية!

وربما ان زوار الفجر الذين يداهمون المنازل الامنة قد اقتفوا اثر سيدهم ومن شابه سيده ما ظلم، وفي الليل غالبا ما تحاك الدسائس والمؤامرات ولذلك يُقال:”ان هذا امر قد دبر بليل “.
وذهنية المؤامرة جاءت مع الانقلابات العسكرية وذلك لانهم استولوا على السلطة بصورة غير شرعية فيشعرون بالخوف من سلوك غيرهم نفس الطريقة التي اوصلتهم الى السلطة.

فاذا كان الاستيلاء على مقاليد الحكم يتم بالقوة، فمن الطبيعي ان ينتقل هذا الداء الى مفاصل المجتمع وتصبح العلاقات خاضعة لمفهوم الهيمنة والتجاوز بدلا من العقد الاجتماعي ولذلك ان الصراعات السياسية على السلطة قد انتقلت الى المجتمع واحدثت شرخا اجتماعيا في نسيجه.

ان اعمال العنف او القسر او الاجبار من جانب قوى المجتمع ضد الدولة او من جانب الدولة ضد المجتمع المدني او ضد نفسها، يكون من شأن هذه الافعال زيادة قلق الفرد على نفسه وبلده واكثر اشكال العنف السياسي شيوعا الاضطراب والتآمر والتمرد والثورة.
وبطبيعة الحال ان العنف سوف يؤدي الى الفساد وانتشاره بشكل قد يقوض من بناء او كيان الدولة.

ولمفهوم الفساد تعريفات كثيرة ومتنوعة، فاذا عدنا الى القواميس مثل قاموس اكسفورد وقاموس وبستر نجدها تتناوله بمعان ثلاثة تتردد في الكتابات السياسية، الفساد العضوي او البيولوجي والفساد الاخلاقي، ثم الفساد القانوني او فساد الموظف العام.

ويشير الفساد العضوي الى التلوث او التلف او العفن ويطلق في معرض وصف وادانة تفكك الدول وسوء سيرة الحكام وغيرهم من المشتغلين بالعمل السياسي، ويستخدم الفساد الاخلاقي بمعنى الانحراف وفقدان النزاهة والامانة وتجاهل الفضائل او مبادئ الاخلاق وبذلك تتدهور طبائع الحكام والمحكومين وتنهار العلاقات الاخلاقية بين الفريقين من ناحية وبين افراد كل فريق من ناحية اخرى، ان المجتمع الفاسد في عرف المنظور الاخلاقي تحركه المصلحة الخاصة فحسب ولا يأبه بالقيم المدنية والمسؤولية الاجتماعية ويتنافس اعضاؤه بشراهة في سبيل القيم الذاتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان تكشف نقاط ضعف في استراتيجية الحرب الإسرائيلية


.. تراجع مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين للمرة الثانية




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح


.. مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام -الع




.. ديفيد كاميرون: بريطانيا لا تعتزم متابعة وقف بيع الأسلحة لإسر