الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الرحيل

صباح مطر

2009 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


وجود وعدم-خير وشر -نور وظلمة -فرح وحزن -ثنائيات لا تنتهي ألحت بضغوطاتها على أذهان الآدميين مذ هبط أبيهم من علياء الجنان منفياً إلى كوكب أعد ليكون وطناً له ولعقبه إلى أن تأزف الآزفة .
أكثر هذه الثنائيات إلحاحا ثنائية الحياة والموت التي خلقت إشكاليات متشابكة لم تحل عقدها ولم تفك رموزها رغم المحاولات الكبيرة والكثيرة التي بدت في ماهيتها طرقات خفيفة على باب صلد محكم الرتاج أوأسئلة عز الجواب على أغلبها وبات التكرار فيها عبثا قد لا يثير إلا من ارتأى لنفسه أن يكون مشاكساً أوهومجبولاً بطبعه على التفكر بالآلاء والغوص في لجج الغياهب بحثاً عن أسرارها لعله يفلح بشيء ولو ضئيل قد يطفئ به قليلاً من الغليل المعتمربه حباً لاينتهي بآخرية للاستكشاف والبحث عن الحقيقة : ما هي الحياة ؟-تعريفها -بداياتها -غاياتها- فلسفتها-أسئلة كثيرة صال بها الباحثون وجالوا-اتفقوا واختلفوا... لكن الموت هذه النهاية الداكنة للموجودات والهاجس المتعب شبه المجمع على مطلقية حقيقته هو الضاغط الأكبر على الذهنية الجمعية للبشر والدافع لها باتجاه التأمل والتفكر والمناقشة والاستنتاج الذي كثيراً ما يرافقه الجنوح و(الشطح) نحو الميتافيزيقيا المدغمة بغنوصيةٍ أصبحت مع الوقت منبعاً ثراً وغنياً للمثيولوجيا الشعبية والدينية عند الكثرة الكاثرة من الناس، ويبقى الموت عندنا نحن غير الفلاسفة رحيلاً إجبارياً من هذا العالم أو الدار إلى عالم أو دار أخرى لم نراها ولم نرى أحداً قد رآها- رحيلاً يزهق الروح ويبلي الجسد لا مهرب لنا منه إلى غيره ولا مندوحة عن وروده وكرع زؤامه سبقنا إليه أحبتنا،
وما نحن إلا مثلهم غير إننا
لبثنا قليلا بعدهم ثم نرحل
ومن هؤلاء الأحبة صديقنا الصدوق كامل طعيمه (أبا رشا)الذي تمر هذه الأيام ذكرى رحيله الثانية إذ رحل كسابقيه بلا موعدٍ غير الذي رسمه القدر طويَ أحلامه وأوقف هواجسه ورمى بطرفه لحاظاً اخترقت الحجب فأسدل الجفن وأسبل اليد وغفا إغفاءةً سرمديةً فتوقفت الحياة عن.. أو توقف عن الحياة قلب متعب مكلوم بضيم المرارات والهموم المتعددة المصادر والموارد ،قلب صغير بقدر قبضة يده لكنه وسع الناس حباً،طفح بالمحبة فاندلقت من أركانه سيولاً غامرة شملت الأقربين واغترف منها الأبعدين تحسها مرسومة على محياه الذي لاتفارقه البسمة الهادئة حتى في أحلك الظروف ، غابت الابتسامة وصاحبها الذي سألتني عنه أسواق المدينة وشوارعها وضفتي النهر ونخيلات الواشنطونيا الباسقات اللائي كثيراً ما غازل إحداهن وهي تسمق في أفق السماء وحَلُم لوأن في قلبها كنزاً وشغلنا وشغل نفسه في كيفية الوصول إليه لقد سقط قلب النخلة ورأسها وظهر ان لاكنز وإنما هذا القلب والرأس المترنحين هما الكنز سقطا واحترقا بعد ان جعلا من نفسيهما دريئةً لأطفال المدينة حين تصديا لقنبرة هاون طائشة أطلقها الرعاع في زمن أصبح لهم فيه قولة وجولة ...سقط الرأس وبقي جذع الواشنطونيا نابتاً كالرمح شامخاً باتجاه الأعالي يحاكي النجوم ويسرد على مر الأزمنة قصته مع المارقين ،لو أنك رأيت الرأس المقطوع يا أخي كامل لرثيته شعراً أو لأبنته بأحسن القول ولكتبت عنه قصةً من قصصك القصيرة لكنك رحلت إلى عالم الملكوت فلن تعبر الجسر بعد ولن تدلف المقهى ولا تحضر أمسيات منتدى الشطرة الإبداعي ،أصبحت جدثا غيبه الثرى وروحاً ذهبت إلى عليين وذكرى تستدر من مآقينا الدموع وأحرها دموع صديقك الشاعر الذي لم يرثيك بقصيدة فلربما رأى إن الدمع أصدق من القصائد وأكثر رقةً وشاعريةً من الشعر فاكتفى خليل مزهر ألغالبي بدموعه وكم ذكرك وهو يصارع المرض وآلام الكسور التي لم تلتئم بعد قائلاً أخي كامل لو كنت تعلم ما حل بي لشققت أستار الحجب وانسللت من عالمك البرزخي وأتيتني سعيا لكنك في رحلتك الأبدية فأنّى لك المجيء.
نم قرير العين يا أبا رشا وأنت في لحدك الصغير فلربما ألفته الآن وأصبح لك في عالمك الآخر رفقةَ ً وأصدقاء من ملائكة طيبين يجتمعون حولك ليقهقهوا وأنت تتحفهم بقفشاتك الجميلة .
نم هانئا ً هادئا ً فإن من كنت تخشى عليهم أن يبقوا بذي مرخ ٍ زغب الحوا صل لا ماءٍ ولا شجر قد باتوا في سهل يحفهم الأهل ويحيطهم الماء ويظلهم الشجر وتغمرهم عناية الله .
دع لنا مكابدة الهموم وحرقة الشوق ولوعة الفراق واسترح يامن خطفته من بيننا يد المنون فأصبح في الذكرى مع الغابرين ولو أن هذه اليد أمهلته قليلا ًليتعرف عليه حيدر عبد الله فلربما سيكتب عنه مسرحية ً ويخرجها لاتكون نهايتها مشهدا لنسر عائد بعنفوان كما في مسرحيته سلاما ً أيها الوطن وقد تكون النهاية التي سيختم بها (أبو الأمير)مسرحيته حمامة ً غاديةً تخوض في أفق اللامنتهي تخترق الغياهب الداجية وتترك ألقا ً يكحل ضوءهُ العيون.
..................................................










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو