الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعم النقابات ام محاصرتها؟

جاسم الحلفي

2009 / 3 / 27
الحركة العمالية والنقابية


ابان انهيار النظام الدكتاتوري، وانتشار عمليات السطو والنهب والسرقة، وسيادة الفوضى العامة، حتى بدا للكثير ان عودة الاوضاع الى مسارها الطبيعي ضرب من الخيال، في ذلك الوقت العصيب والخطير، بادر عدد من الشخصيات النقابية والاجتماعية، الى جانب الأحزاب الوطنية، الى إعادة تنظيم الحياة شيئا فشيئا، والوقوف بقوة لحماية مؤسسات الدولة، والتأكيد على ان تلك المؤسسات هي مؤسسات الشعب، وليست ملكا للنظام المقبور كي يتم الانتقام منها. وبهذا دافع العمال عن معاملهم، والموظفون عن مؤسساتهم.

وتطورت فكرة التنظيم تبعا لذلك، وتعددت إشكاله وتنوعت اختصاصاته، فكان منه النقابي والاجتماعي والمهني. واشّر ذلك الى وجود استعداد مجتمعي لإعادة البناء والتنظيم، وتحديا لفكرة انهيار الدولة العراقية، فالأرض باقية والشعب يمضي في تنظيم نفسه، وان الذي انهار هو النظام الدكتاتوري ومؤسسات القهر والاستعباد التي اختفت حال إحساسها بالخطر. ولأن المواطنين الواعين عز عليهم رؤية وطنهم مخربا، فقد انطلقو، رغم افتقارهم للموارد المالية والمادية الى بناء منظماتهم النقابية والاجتماعية والمهنية، غير عابئين بالمخاطر والصعوبات، فعزمهم وإرادتهم الوطنية والمهنية تنطلق من رغبتهم الشديدة لإعادة بناء العراق من خلال تنظيم المجتمع على أسس جديدة لا تنهار لأي سبب من الأسباب.

وحين يتم استعراض تلك الصفحات البطولية من الإصرار على بناء النقابات والجمعيات والاتحادات، فلا بد من التذكير بتلك التضحيات الجسيمة التي بذلت، خاصة من الذين قدموا أرواحهم، شهداء من اجل بناء التنظيم النقابي والاجتماعي والمهني الجديد.

لم يثن الإرهاب وأعماله الشريرة نقابيي العراق من ان يسهموا مع شعبهم وقواه الخيرة في اعمار ما خربته الحروب والاحتلال، والدفاع عن المصالح الطبقية والمهنية والتضامن وفضح الفساد، فضلا عن دورهم في بناء الوعي الوطني العام في الدفاع عن العراق، وبث الوعي الديمقراطي، والترويج للانتخابات والتشجيع على المساهمة فيها والتصويت على الدستور، والمساهمة في نشر قيم التسامح والمحبة والتعايش المشترك، والتأكيد على ان مؤسساتهم المهنية هي مؤسسات مفتوحة للجميع من ذوي الاختصاص، بغض الطرف عن أي انتماء فرعي، إنما الوطنية والمهنية هي العامل المشترك. وبهذا المعنى وقفوا بالضد من كل إشكال تقسيم المجتمع على أساس مناطقي وطائفي. و ناهضوا القيم الاستهلاكية والنزعات الأنانية والانكفاء على الذات.
وكان ولا يزال انطلاقهم في بناء وترسيخ منظماتهم ونقاباتهم من فكرة تؤكد ان التنظيم المهني والنقابي بشكل خاص والدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني بشكل عام هو احد الأسس لترسيخ الديمقراطية في المجتمع، وهذه هي الأطر السليمة والمتحضرة التي تنسجم مع متطلبات العصر وتقدمه وليست الأطر التقليدية التي تتعارض، في عدد من منطلقاتها وقيمها، مع الدستور والقانون.

لكن مما يدعو للاستغراب انه بدلا من دعم هذه النقابات والاتحادات وتقديم التسهيلات كي تنهض بمهامها ، فقد تم تجميد أموالها والتضييق، عملياًً، على نشاطها والتدخل في شؤونها، ومؤخراً صدرت قرارات من اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004، بتسليم النقابات الى لجان مؤقتة، هي غير اللجان والهيئات الإدارية التي بادرت إلى تشكيل هذه التنظيمات وسهرت وقدمت التضحيات وواصلت العمل طوال هذه السنوات رغم الإرهاب والتخريب.

ان النقابيين لم يكونوا ينتظرون من الحكومة الى هذا الموقف غير المنصف، بل توقعوا منها احترام استقلالية منظماتهم ورفع التجميد عن أموالها، وتكريم الرواد والمبادرين والقادة الذين كان لدورهم في بناء الوعي الوطني العام وفي تكريس قيم التمدن والتحضر والتقدم اثر واضح في السعي لاقامة العراق الجديد، فالدستور كفل لهم حقوقهم، لذلك ينبغي إنصافهم، بدلا من تهميشهم كما يجري الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من فرحتها.. عروس تركية تحضن عمال الإنقاذ خلال حفل زفافها


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا-الرئيس السيسي: أتقدم بالتحية والتقد




.. نافذة إنسانية.. قوات الاحتلال تستهدف العاملين في تشغيل آبار


.. طلاب جامعة في السويد يضربون عن الطعام نصرة لغزة




.. كوريا الجنوبية تستدعي السفير الروسي لديها احتجاجا على معاهدة