الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه بغدادنا تنهض من جديد

سميرة الوردي

2009 / 3 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بغداد بعد الغياب
سالتني صغرى أبنائي التي ابت الا مرافقتي لكسر حاجز الخوف والرعب الذي عشعش قبل عشرات السنين وآن أوان انتهائه والعودة للوطن.
بعد ثلاث ساعات انتظار، انطلقنا مرتفعين ، سنصل بعد ساعتين ونصف سنصل الى ارضنا الحبيبة بعد طول انتظار .
تتصارع مشاعري حنيناً شوقا غضبا ،رغبة مجنونة لرؤية الوطن ، وعذابا لتركي ابنتي الكبرى وصغيريها الرائعين .
كم وددت ان يُلّمَ شملنا ونعود ، ولكن هيهات ( تجري الرياح بما لاتشتهي السفن ) ثمن الغربة باهض ومقيت .
ألملم شتات نفسي فالدموع تأبى الا النزول.
هل حقا ( النهر لايعود الى منبعه ) إذا كيف سنعود بعدهذا الغياب !
لم أتوقع بغداد واهلي بهذا الشموخ والالق . اُمسية عاصفة اختزنت كل الآلام والجروح لتصبج ذكرى مؤلمة طواها الزمان . انها بغداد الدفء والحنان ، تزهوبربيع آذارها .
رأيت أبي الذي أحنته السنون ولم تستطع كسر شموخه ، أبي الذي صار جزءا من نبض بغداد الزاهي ، قدم لي نارنجة قطعها من شجرة الدارالتي لم تتزحزح ، والتي صبرت رغم ما مر بها من دمار .
لك حبي واعجابي ولراننجتك طول البقاء.
....
في دار أخي لم يزل للفجر بهجته ، فخطوات أخي توحي دوما ببدء يوم جديد ، لم تغير الأحداث من عاداته الصباحية في تحضير أشهى أطباق الإفطار لكل من في الدار ، سواء لمن كان على عجل للخروج لعمله أو لمن ما زال ينعم بالغفو تحت ظله، حدثتني نفسي والألم يعتصرها اهذه نهاية مطاف رئيس قسم في اهم دائرة تكنولوجية ، يقضي جل نهاره في تعقيم مياه الشرب ومراعاة الابناء والاحفاد والأخوات وابناءهن . سألته يا أخي لم لا تعود لوظيفتك التي خرجت منها قسرا ، والبلد بحاجة لخبرتكم وهو مقبل على نهضة تكنولوجية وعلمية ؟
ضحك مجيبا أي دائرة حبيبتي ولم تعد تلك الدائرة في الوجود ! لقد ابتلعها الحصار والأحداث ولم يعد لمعمل الإسكنرية وجود ، حزنت حزنا شديدا فالبلدان نمت بنيتها الأساسية وازدهرت صناعتها وارتقى مستواها الإقتصادي والعلمي والإجتماعي ، ونحن علينا البدء من الصفر .
....
خطواتي الأولى لبغداد أوحت لي بأني أسير في مدينة عافها التاريخ ، مدينة جدر لم تخطر على بال أي بغدادي حتى في أتعس الكوابيس ، هالني أن أرى مدينتي الحبيبة الخالدة التي تغنى بها أبرع الشعراء وأنبل الفنانين والأدباء توحي للقادمين أنها سجن كبير ، انني مع هذا السجن مادام يحفظ دماء هؤلاء الناس الطيبين الذين قاموا من بين الركام ليخلقوا بغدادنا من جديد ،يساؤلني عقلي
لمَ بغداد أصابها دمارٌ لم يصب أي مدينة عبر التاريخ ؟
ولم استهدفت بغداد العصية بغداد الجميلة بكل هذا الفناء والدمار ؟
....
مدينة الجدر والأقفال لم تفقد طيبها وعطرها فشوارعها عامرة بنفوس من بقي من أبنائها من تحمل واستعد ليتحمل وزر الآخرين لتتنفس بغداد المستقبل وتجتاز محن التاريخ ولتبقى عصية على العتاة والبغاة وليتغنى بها الشعراء، هذي هي بغدادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور