الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف ضوء

حنان فاروق

2009 / 3 / 29
الادب والفن




بسم الله الرحمن الرحيم
نصف ضوء
مصابيح النيون الخابية هذه تثير أعصابي..لم أفق بعد من صباح الغيوم بالخارج حتى يستقبلني هذا النصف ظلام هنا..أبتسم..أتذكر مذ كنت فتاة صغيرة مقبلة على الحياة لم أكن أحلم أبداً أن أغلف لحظات رومانسيتى بأضواء الشموع..كلما تذكرتها تخنقني..تتسع ابتسامتى وأنا أتذكر وجه زميل عمل التهم الذهول ملامحه حين عرف لأول مرة أني شاعرة..لن أنسى أبداً سؤاله العاصف لحظتها : كيف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تحول وجهه إلى علامة استفهام كبيرة لم تزل تضغط أزرار قهقهاتى كلما استعدتها…لم أفكر فى إجابة لأسئلته المتوالية فقد كنت أضحك حتى الموت بينما انشغلت صديقتى الواشية بالدفاع عن شاعريتى بينما ظل المسكين على ماهو عليه..لديه حق فمنذ دخلت ميدان العمل لم أذكر أبداً أنى أمت للقلم بصلة ومن لايعرفوننى لا يرون في إلا تلك الماكينة الطبية التى لا تغلق أجهزتها إلا حين ينهكها التعب وتنتهي مناوباتها فتسقط من الإعياء لتعود من جديد إلى الدوران داخل محيطها بلا توقف..مصباح النيون الخابي بدأ يرتعش.. انطفأ تماماً..أحضرت كرسي المطبخ..ارتقيته..حاولت تثبيت محول المصباح فربما اهتز بعض الشيء لكنه تحداني ولم يعد إلى الحياة.. لا صبر لي..ارتديت ملابسي وذهبت لأشترى مصابيح جديدة …. قبل أن أخرج نظرت من النافذة..المطر يطلق صافرة إنذاره الرعدية ..ترددت قليلاً لكنى صممت على النزول…بدأ البلل يتسرب إلى أنحائي..لم أفكر أن أحتمي حتى تنتهي معزوفة الهطول..أخيراً لاح باب المتجر..يبدو نصف مغلق..بابه الزجاجي موصد بينما ساتره المعدني يغطي نصفه الأعلى استعداداً للهبوط..وسعت خطوتي لأصل إليه قبل أن يخرج أحدهم ويسحب ماتبقى من أمل ..حين وصلت ..أطللت من نافذة العرض الزجاجية..بائع يستعد للرحيل يلملم أشياءه..اقتحمت الباب بسرعة..بمجرد أن دخلت اخترقنى نصف ظلام..أخبرنى البائع أن كهرباء المتجر مقطوعة منذ ساعة وأنه حاول إصلاحها وفشل ..سألته عن المصابيح فطلب منى أن أعود فى المساء فالمخزن مظلم تماماً ومن المستحيل أن يجد لي الآن ماطلبت ..ارتبكت..اغرورقت عيناى بالدموع..لم يلحظهما..حملت يأسي وخرجت..توقف المطر ..ثقلت السحب المزدحمة فوق رأسي ..أصر وجهي على ألا يجف..
د.حنان فاروق
http://fisabeelellah.maktoobblog.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا


.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم




.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب