الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم الشرف إلي أين ؟؟

نعمة حسين الحباشنة

2009 / 3 / 30
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


كانت وما زالت المرأة في مجتمعاتنا الشرقية المتقوقعة علي نفسها مستهدفة وسط ذلك الكم الهائل من العادات والتقاليد البالية والنصوص الدينية التي يقوم علي تفسيرها أشخاص ليست لديهم أي رغبة في إعادة القراءة لتلك النصوص والإصرار علي الوقوف عند تفاسير قديمة قام بها أفراد يخطئون ويصيبون استندوا فيها علي الرؤية الدونية للمرأة والامتداد الفكري لسياسة وأد البنات التي سادت ومازالت ..
المرأة التي هي نصف المجتمع يقع علي كاهلها تربية النشء وصناعة المجتمع ؛ تلك المرأة من نعول عليها في تربية الجيل القادر والمتمكن من الانضمام لركب الشعوب المتحضرة ؛ من يجب علينا تربيتها لتكون فرد قوي فاعل وداعم للمسيرة لا فرد مستضعف يخاف حتى من خياله ويحصر وسط مخاوفه كل تصرفاته ليكون كما العضو المبتور ؛ للأسف الشديد أصبحت المرأة وسط ما يحدث مجرد أداة لإشباع النزوات ثم الخلاص منها تحت ذريعة الشرف وجرائمه .
ما يحدث هو مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة وليست المرأة وحدها المسئولة عنه لتحاسب ويترك الطرف الآخر حرا طليقا تحت مقولة أنه رجل ويحق له ما لا يحق لغيره وإعفاءه من مسؤولياته فقط لاختلافه عنها في التركيبة الفسيولوجية أو لأن بعض النصوص والعقائد والتقاليد تعطيه ما لا تعطيه لها ؛ علي الرغم من الخطأ الواقع في تطبيقها وتفسيرها لتلاءم الفكر الذكري البحت ؛ تلك النصوص المشكوك في أمرها والتي قام بوضعها رجال فقط ينتمون لنفس البيئة الاجتماعية التي تحجم من دور المرأة ومن تربوا علي عادات وتقاليد متوارثة منذ عصر وأد البنات وحتى الآن دون أن يكون للمرأة أو ما يمثل رغباتها الإنسانية أي اعتبار في نصوص وقوانين تخصها هي وحدها ومنهم وللأسف من يعتبرون المرأة جارية خلقت من أجل متعتهم وتحقيق رغباتهم ومتطلباتهم وتناسي حقها في الحياة أو حتى التعبير عما تريد دون أن تحاسب وبقسوة .
في الكثير من مجتمعاتنا وللأسف تربي المرأة لتكون غير مدركة لحقوقها وواجباتها هي فقط شخص يتلقي الأوامر وعليه تنفيذها وإلا سيعاقب مما يخلق لديها رد فعل معاكس بالرفض والخروج عن الخط الذي نريد لها أن تكون عليه لخلق المرأة الإنسانة الفاعلة في المجتمع ويصبح تحصيلها العلمي وعملها مجرد أفكار علي الورق بعيدة عن التطبيق الحقيقي إلا من وراء الكواليس وخلق مخلوق ضعيف يعتمد في كل شيء علي الطرف الآخر باستثناء البعض من النساء من قدرن علي كسر الحواجز والنهوض وهو تهميش متعمد ليبقي الوضع السائد كما هو دون تغيير .
أنا هنا لا أنكر وجود بعض الرجال من أصحاب الفكر الواعي من يحاربون وبقوة من أجل إعطاء المرأة حقوقها وخلق الإنسانة القوية الفاعلة المتفاعلة مع مجتمعها و التي يعتمد عليها لتكتمل دائرة الحياة بالتقارب الفكري والعملي في سبيل الوصول إلي التكامل بين أطراف المعادلة المختلة حاليا ؛ والتي من أساسياتها الرجل الواعي المتزن تسانده امرأة متزنة متفهمة لحقوقها وواجباتها تساند مسيرته وليس مجرد حجر عثرة في طريقه تعتمد عليه في كل شيء .
جرائم الشرف هي نتاج لكل ما يحدث في هذه المجتمعات المتمرسة في التمييز بين الرجل والمرأة والتي تري فيها الطرف الأضعف في المعادلة والقصاص منها يمثل قمة العقلانية والثواب من وجهة نظرهم . لماذا تقتل المرأة وينفذ فيها حكم الإعدام مع سبق الإصرار والترصد وتحت نظر الجميع دون اعتراض أو حتى الولوج داخل نفسها المتعبة لمعرفة حقيقة ما حدث أو محاولة إصلاح الأمر دون اللجوء إلي العنف المتفق عليه من جميع الأطراف وقد تكون المرأة من ضمنها حيث تسارع هي وقبل الجميع للمطالبة بتنفيذ القصاص بمن هي مثلها ناسية أو متناسية أنها تقف في نفس الصف تنتظر دورها لتكون الضحية التالية عند أي إشارة بوجود خلل ما .
جرائم الشرف كثيرة ومتعددة الأشكال والصور ومحصلتها النهائية دائما ضحية مغرر بها وقاتل حائز علي وسام شرف وترقية في المجتمع ليتحول من عضو غير معترف به إلي شريف مؤمن تقي وفي أغلب الحالات لو نظرنا في تاريخ هذا البطل الأسطوري لوجدناه يرزح تحت الكثير من الأخطاء والتجاوزات الغير معلن عنها أو المعلن عنها والتي غفرت له فقط لأنه رجل ولا تطبق عليه بنود قانون الشرف بينما حرصت كل المعتقدات والشرائع علي المساواة بين خطيئة الرجل والمرأة ومطالبتها بالمساواة في التنفيذ بين الطرفين ...
في كثير من حالات جرائم الشرف تكون المرأة فيها ضحية لمجرد وشاية كاذبة أو محاولة لتلويث شرف عائلة ما من طرف أشخاص آخرين أو حتى ضحية اغتصاب من قريب وقتلها يعني الخلاص من التهمة أو أن تكون ضحية الرغبة في حرمانها من حقها الشرعي في الميراث والرغبة في المحافظة علي أرض العائلة من التقسيم الذي يهدد به وجودها وزواجها من غريب يشاركهم في ملكيتها .
المؤلم في قضايا الشرف بالإضافة للموت الغير الرحيم لبريئة هو إصرار المنفذين علي الخروج دون مسؤولية قانونية مما حدث من تسليط للأخ الأصغر أو القريب الأصغر من هو خارج نطاق المسؤولية القانونية أو من هو من أصحاب الإعاقات أو تدبير الأمر ليبدو وكأنه حادث غير مقصود وغيرها من وسائل التغطية علي القانون والتدليس وقد تصل في بعض الأحيان إلي إخفاء الجريمة وتعطيل أي سبيل لمعرفة حقيقة ما حدث حتى لو تطلب الأمر التمثيل بجثة الضحية وعدم مراعاة أصول الدفن اللائق لها .
التكافل الاجتماعي والذي هو من أساسيات تكوين المجتمع المتكامل والمعطل في كثير من مجتمعاتنا يصبح في حالة جرائم الشرف قضية أساسية ومتفق عليها وليست مفاجأة أن نجد من ابتعدوا عن بعضهم وتناحروا فيما بينهم لفترات كبيرة وربما كانوا من أسباب ما حدث وقد أصبحوا فجأة وبدون سابق إنذار رفقاء درب في تصفية ما يطلقون عليه العار ومشتركين في وأد المرأة التي هي محل التصفية الجسدية والغير مرغوب في وجودها . كل تلك المظاهر من العنف المدروس والمتفق عليه تواجهه المرأة التي هي نصف المجتمع والموكل إليها مهمة التربية لخلق الجيل الذي هو أساس المجتمع فماذا ينتظر بعدها أولئك من المرأة والي أين تقودها تلك السياسة الغير حكيمة ؟؟؟

المرأة المهددة في أي لحظة بان تكون مشروع قربان يقدم للرب أو وليمة تتقاسمها غربان البين ممن هم مشاركين لها في الحياة وليسوا جلادين من عليهم مؤازرتها ومساندتها ...
هل تقدر تلك المرأة أن تربي جيل قادر علي العطاء وتقديم التنازلات أم أنها ستزرع فيمن تربيهم الخوف وال لا مسؤولية تساندها الأنانية المفرطة ؟؟؟
المرأة التي تري أن عليها أن تفعل كل ما تريده في السر لأنها حرمت من حقها في أن تكون صريحة لتقول أريد هذا ولا أريد ذاك وهو ما يميز الإنسان القادر الصريح عن الإنسان الضعيف المختبئ دائما وراء ستار الكذب والخوف هل هي قادرة علي الوقوف في وجه نوائب الزمان ومواجهة الأخطار التي قد تواجهها من الاعتماد علي النفس لفقدانها من يعيلها أو مواجهة أخطار الحروب والتي تجبرها علي التصرف بحكمة وفطنة وقوة لمواجهة الأخطار التي قد تحدق بها وبمن هم تحت مسؤوليتها من اختطاف وقتل واغتصاب ؟؟؟
جرائم الشرف ليست إلا قيد يقيد المرأة إليه ليجعل من نسائنا مجرد نقاط مشتتة علي سطور لا تجتمع أبدا لتزداد فرقتنا وتزداد مشاكلنا وهي بكل الأحوال مسألة تحتاج إلي إعادة النظر والي فرض القوانين الصارمة بحق منفذيها ومع اني من المناهضين في كثير من الأحيان لحكم الإعدام إلا أني أري أن تنفيذ حكم الإعدام بكل المجموعة التي تنفذ قتل الشرف هي أقل ما يجب للحد من هذه الظاهرة الغير سوية التي ما زالت تتربع علي عرشها في مجتمعاتنا ويستمر السؤال . إلي أين تقودنا جرائم الشرف ؟؟ وأين الحكومات المسئولة عن حماية الفرد مما يحدث ؟؟ و إلي متى تبقي تلك الشرائع والعادات الوضعية والمستهلكة والتصرفات الغير مبررة والغير إنسانية دون تغيير ؟؟؟

نعمة الحباشنة / عمان _ الأردن 27 / 3 / 2009 م ( من سلسلة مقالاتي كفى عنف ضد المرأة )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القتل بدافع الشرف
جميل السلحوت ( 2009 / 3 / 30 - 09:27 )
القتل بدافع الشرف


تزهق أرواح نساء كثيرات كلّ عام في مختلف أرجاء المعمورة لأسباب ثقافية لا علاقة للحروب والنزاعات المسلحة بها.واذا كانت بعض النساء تقتل عند شعوب أخرى لأسباب جنسية كأن يجد رجل زوجته أوعشيقته في علاقة حميمية مع رجل آخر فإن دافع -تملك- الرجل للمرأة قد يكون الدافع وراء مثل هذه الجريمة، او قد يكون واقعا تحت تأثير المخدرات.
وما يهمنا نحن هو القتل بذريعة ما يسمى -الدفاع عن الشرف-، فمن أين جاءتنا هذه العادة الجريمة التي تضعنا أمام تساؤلات كثيرة وكبيرة منها:-
هل الشرف صفة للنساء فقط؟؟ وإذا ما افترضنا وجود علاقة جنسية -غير مشروعة- بين رجل وامرأة فهل يمسّّ شرف الرجل كما يمسّ شرف المرأة؟! ولماذا توقع العقوبة على المرأة فقط؟؟ ولماذا يتم التستر على الرجال خصوصا الذين يمارسون سفاح القربى مع محرمات مثل البنت أو بنت الأخ أو بنت الأخت مع أن غالبية المرتكبين لهذه الجرائم يكونون رجالا بالغين ويمارسون فعلتهم مع بنات أطفال؟؟ بل لماذا يتم قتل البنات عندما يجري استغلالها جنسيا من قبل محرمين كالأب أو الأخ أو العم أو الخال...الخ؟
وكم عدد النساء اللواتي قتلن ظلماوجورا لمجرد أشاعات كاذبة اختلقها رجال منحرفون؟؟ وكم عدد العذارى اللواتي قتلن وأثبت الطب الشرعي أنهن عذراوات؟؟ وه

اخر الافلام

.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا


.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة




.. LBCI News(04-05-2024)- شبكة اغتصاب الأطفال.. شبهات عدة وقضاء


.. حملة توعوية لمحاربة التحرش الجنسي في المغرب




.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام