الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين استقلال مفوضية الانتخابات وصعوبات قيادة المالكي

عزيز العراقي

2009 / 3 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كنا نأمل ان يكون القضاء ولجنة النزاهة والمفوضية المستقلة للانتخابات مكونات اساسية لضمير الوجود العراقي الذي يراقب تطور العملية السياسية , ويؤشر اختلالاتها ليعيدها الى الطريق الصحيح . الا ان هذا الضمير اصبح حاله حال الهيئات الرئاسية الثلاث ( الجمهورية , البرلمان , مجلس الوزراء ) , فقد نخرته المحاصصة ولوثه الفساد , وباتت عدالة هذا الضمير المنخور مرتبطة بارادات المراكز الاقوى في داخل هذه العملية السياسية المشوهة . فقد ذكر البيان الصادر عن المفوضية المستقلة للانتخابات يوم 20090328 المنشور في " صوت العراق " : ( ان الهيئة القضائية نظرت في 593 طعناً تقدم بها مختلف المرشحين والقوائم المشاركة في الانتخابات . وقررت الهيئة رد كل الطعون المقدمة وعدم ثبوت مؤدياتها ) . والسؤال للقضاء الذي اخذ وكالة الرب والوكالة الوضعية لاحقاق الحق للعراقيين وللمفوضية المستقلة عن الاستقلال : هل ان ال593 طعناً كانت جميعها مزاعم واكاذيب ؟! الا يوجد بينها ادعاء واحد صحيح ؟! والذين قدموها يمثلون الاغلبية التي سرقت اصواتها , وبينهم احزاب وطنية عريقة , وشخصيات عراقية معروفة في نزاهتها واخلاصها . لااحد سيحاسبكم لانكم القضاء والاستقلال والنزاهة , ولكن عليكم ان تتعلموا شيئاً عن اخراج مسرحيات الاطفال , فالبهائم عندما تتحدث مع الاطفال بلغتهم تقنعهم , ولا نريد اكثر من ان تعتبروننا اطفالاً , وتتحدثون معنا بلغتنا كي نستوعب هذا الرفض الكلي لكل هذه الطعون .

ويبدو ان التوجه الحزبي لايزال هو العامل الاقوى في تشكيل العملية السياسية واعادة بناء الدولة , حيث لم تتمكن اية مؤسسة عراقية فاعلة من النهوض خارج هذا المؤشر , الا بعض اعمال الجيش والشرطة في الفترة الاخيرة والتي قادها المالكي في محاربة العصابات الخارجة على القانون من الشيعة والسنة , والتي شكلت الرافد الاكثر عمقاً لحد الآن للنهوض بالمشروع الوطني العراقي . ولعل الاصوات التي حصل عليها المالكي وحزبه في انتخابات مجالس المحافظات توضح الحاجة الملحة للعراقيين في السير بهذا الاتجاه , وان انكفاء نصف الناخبين وعدم مشاركتهم في الانتخابات كان احتجاجاً سلبياً واضحا ضد تسلط رجالات الاحزاب على موقع القرار في ادارة المحافظات . الا ان النجاح في هزيمة المشاريع الطائفية الشيعية والسنيةاعاد الثقة للعراقيين في امكانية اعادة بناء مؤسساتهم الوطنية , وانتشالها من اخطبوط تسلط الاحزاب الطائفية والقومية التي قادت السلطة وفرضت محاصصاتها الاقطاعية .

النهج الوطني المترفع عن الطائفية الذي اختطه المالكي في الفترة الاخيرة , والذي لف الكثير من العراقيين حوله , يضعه امام مسؤولية تاريخية تفرض عليه تعميق وتطوير هذا النهج وزيادة زخمه , وعدم السماح للمراوحة او التراجع . واي تراجع مع تردي امني سيعرض العملية السياسية برمتها الى الانهيار , خاصة وان البعض من الاطراف الشيعية ومعها النظام الطائفي الايراني يعملون ب( تقية ) دقيقة , المالكي وحزبه اعرف بطرقها من الآخرين , ولاتزال هذه الاطراف ترتبط بتحالف قائمة " الائتلاف " الشيعية – حتى ولو بشعرة معاوية – مع المالكي وحزبه " الدعوة " . ولعل الزيارات المتكررة لمسؤولين ايرانيين كبار كرفسنجاني مسؤول تشخيص مصلحة النظام , ورئيس البرلمان لاريجاني , ومتكي وزير الخارجية الى النجف واللقاء بالسيد السيستاني ما يوضح شدة الاهتمام الايراني بالخريطة السياسية الجديدة في العراق بعد انتخاب مجالس المحافظات والضربة التي وجهت للنفوذ الطائفي الايراني وممثليه في العملية السياسية , رغم نفي " المجلس الاعلى " للجهود التي يبذلها ( الضيوف ) الايرانيون في اعادة ترميم قائمة " الائتلاف " الشيعية .

وفي الجانب الآخر لاتقل الخطورة عن المحيط الطائفي الشيعي ما لم تبادر قيادة الحزبين الكرديين الرئيسيين لتدارك الصراع المستفحل داخل الجسم السياسي الكوردستاني , والذي ستنعكس سلبياته المدمرة ليس على كردستان فحسب بل على مجمل التجربة العراقية , واولها عدم توحيد الادارتين التي بقيت معلقة على اهم ثلاث وزارات ( الداخلية والمالية والبيشمركَة ) , ومعالجة الانهيار في قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي سيخل بميزان القوى بين الحزبين الرئيسيين , حيث طالب الحزب الديمقراطي الكوردستاني بعودة نوشيروان الذي سينزل بقائمة انتخابية لوحده , وسيأخذ من اصوات الاتحاد التي ستنزل عن النصف , ولاتبقى ضرورة لتقاسم السلطة مناصفة , والديمقراطي يدرك جيداً تقطع سبل العودة بين نوشيروان وقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني . وجاءت قضية كشف ارصدة الطالباني 400 مليون دولار , والبرزاني 2مليار دولار , لتزيد الطين بلة , والتي كشفتها احدى الصحف الامريكية , ونشرت على نطاق واسع في المواقع الالكترونية على حلقتين وتحت عنوان ( هل رأس كردستان هو رأس الفساد ) بقلم هوشنك بروكا , وتحولت الى المطالبة بالكشف عن صرف المال العام والميزانية المخصصة لاقليم كوردستان والبالغة 17 في المئة من الميزانية العراقية , وتقدر باكثر من سبعة مليارات دولار . وهذا ربما سيدفع القيادة الكوردية للمبالغة بالمطالب القومية مع الحكومة الاتحادية لشد الجماهير الكوردستانية وابعادها عن المطلب الاساس وهو الشفافية في توزيع الميزانية .
والانكى ان بعض القيادات البعثية والسنية تعتقد ان المياه الخابطة في الساحة الشيعية والكوردية في صالحها , وتطرح اسنادها للمالكي تحت لافتات وطنية , وعسى ان تتمكن من توسيع الفجوة بين هذه الاطراف لتزيد من مساحة سلطتها ونفوذها . ولا شك انها ستكون اخطر على سير العملية السياسية من مشاكل المياه الخابطة ذاتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟