الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى المصالحة

سلمان النقاش

2009 / 3 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



بات من المؤكد ان موضوعة المصالحة الوطنية احتلت الحيز الاهم في عملية الترتيب المزمع تنظيمها للسيطرة على المرحلة القادمة المستندة على تكوينات وانجازات المرحلة الممتدة منذ سقوط النظام في 9/4/2003 اذ اتخذت المواجهة جملة من الوجوه كان مبتداها الظاهر او كما اتضحت صورها بين الفرقاء متصفة بصفة الطائفية الملقحة بارادات سياسية دولية واقليمية والتي كانت ترجو نتائج في صالح المشروع الامريكي او بالعكس حسب المخطط لها،لكن بناء الدولة فرض حالة من الحتمية لاستكمال ما اقر في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي اعتمد من قبل القائمين حينها للبداية السياسية المفترضة وادى فعلا ما اريد منه وتحققت خطواته حسب التوقيتات المسجلة بدقة كما اعتمدت الكثير من بنود هذا القانون في الدستور الدائم الذي اقر في 2005 وجاء في احدى مواده بشكل صريح حظر مشاركة او نشاط حزب البعث (الصدامي) حسب ما مثبت في هذا الدستور وتحت اي مسمى كان ، ومع اتضاح اشكال الفرق المعارضة وتنامي قدرة الدولة في مواجهة هذه الفرق اذ تمكنت من خلال تطور اجهزتها الامنية من فرز مراكز القوى فيها وتعبئة الشارع العراقي للمساهمة في الحد من عنف بعضها وتطور السياسة الخارجية والمحاولات في استدراج القوى الدولية والاقليمية للاعتماد في ضمان مصالحها على الدولة العراقية بشكلها الجديد حتى استطاعت انهاء نشاطات الكثير من هذه الفرق وتحديد المتبقي منها بشكل يقترب من فهم مراميها ومطالبها وحدود امكانياتها سواء على الصعيد الداخلي او الاقليمي ويمكن ان يكون الدولي ايضا ، وفي ضوء هذه الرؤية يمكن تحديد التأثير الذي يمكن ان تلعبه تنظيمات حزب البعث الذي انهار بشكل فعلي اثر الصدمة الاولى وتبعثرت امكانياته في المواجهة الاولى اذ ترك الامر(المواجهة) بداية الى التنظيمات الاسلامية المتطرفة اذ ذكى نتائج عملياتها العنيفة في التعبئة النفسية للجماهير من خلال تضخيم اثر هذه العمليات ومحاولاته الملحة في استخدام شعارات الرومانسية الثورية (الاحتلال- الاستعمار- المقاومة-التبعية – السيادة الخ) ..ويمهد لاسلوب جديد يعتمد بشكل اساسي على امكانياته المادية اذ تقدر المبالغ في حوزته بمليارات الدولارات اضافة الى منظومة معلومات ساعدت الكثير من منفذي عمليات الخطف والتصفيات السياسية والاغتيالات المتمرس بها في تأخر سيطرة الدولة في بعض الجيوب وليكون لاحقا متوهما قيادة الاتجاه المعاكس لبناء الدولة .
واليوم وبعد ما وصلت اليه العملية السياسية في العراق من نتائج اتخذت صورة النجاح ، بصور (التخلص نهائيا من شبح الحرب الاهلية-سنة-شيعة) علاقات دولية وعربية واقليمية راسخة ومعتمدة – قدرة امنية محلية للسيطرة على اوضاع الداخل،قوانين مشرعة جديدة حفرت جداولها في نسيج النشاط الاجتماعي ولاقتصادي والثقافي والاعلامي – مزاج اجتماعي جديد يتحدد في الثقة في الهويات الفعلية للنسيج العراقي والاقتراب من الوعي السياسي لدى الفرد العراقي واخيرا وليس اخرا النجاح الكبير الذي جاء في انتخابات المجالس المحلية التي مدت مجساتها لتؤشر الى امكانية تنظيم الحكومات المحلية باداراتها المختلفة والخلاص لاول مرة من شبح التهميش الذي كانت تؤذن له الحكومات المركزية قبل هذا الوقت.. فاقتضى ذلك ازالة الخوف من الانتماء الى هذا الفكر والحصول على احقية المواطنة ولكي يستمرهذا الشكل المكون الان وما تحقق فيه من ضمانات تبدو انها للجميع دون استثناء فهو بحاجة الى تثبيت مضمونه باجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وامنية للتوصل الى استمرارية النهج المفترض في الحكم دون اللجوء الى حمايات القوى العسكرية الدولية ، اي بعبارة اخرى بناء يحمي نفسه .. وهذا البناء يعني ان تكون المصالحة اساسه وهذا لايعني ان البعث والبعثيين هم المعنيون بهذه المصالحة ، ان الامر حسب اعتقادي يتجاوز هذه الصورة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان ما يجري من اتصالات وحوارات ووساطات ركز على شخصيات كانت تعتبر من الفاعلين في هذا الحزب ، لكن في الامر وجه اخر هو ضمان مصالح شرائح اجتماعية كانت عباءة البعث قد غطتها ووضع على عيونها غمامات لا تكاد ان ترى غير هذا الدرب طريقا لاستمرار تطور هذه المصالح التي تتعدى من المكانة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية وحتى الوجاهة وبعض ما تستند عليه القيم الموروثة من طبيعة المجتمع العراقي المتجذرة فيه ثقافة النسب وما لها احيانا من امتيازات .
ان دعوة المشروع السياسي العراقي لتثبيت اركان المصالحة الوطنية يعني تماما العودة الى المعين الطبيعي لاستمرارية تطور هذه المصالح دون الاعتماد على تنظيرات الفكر البعثي الميت والمستند على مراحل التطور الاجتماعي العراقي المتحد مع التطور العالمي بعد مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وطبيعة الصراع الاجتماعي المستجد انذاك بين شرائح جماهيرية ما كان لها وجود في اي موقع من مواقع السلطة والتقسيمات الدولية حينها اذ تشكلت لوحات سياسية جديدة في مجتمعات العالم الثالث افرزت انظمة لا يمكن استمرارها الا بالشكل الدكتاتوري، والواقع يشير تماما الى هذه الصورة وبالامكان بسهولة تتبع الخارطة السياسية الاقليمية واكتشاف ذلك .
يمكن تلمس ما ارمي اليه بملاحظة النجاح الذي تحقق من خلال مشروع الصحوات والكيفية التي امكن من خلالها ان يخضع افرادها لارادة القانون وسيادته والقناعة التي نشأت لدى الكثير من هؤلاء بضرورة بناء الدولة بشكلها المقترح ولكن بشرط ان يكونوا جزءا من عملية البناء هذه دون الاعتماد على هوياتهم الفرعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24