الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-عائشة القديسة- و-أحلام النوارس- جديد مصطفى لغتيري

هشام بن الشاوي

2009 / 3 / 30
الادب والفن



بعد أن تأخر صدورها ما يقارب خمس سنوات، صدرت حديثا، تزامنا مع فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدارالبيضاء، عن "دار النايا" بسوريا للقاص والروائي مصطفى لغتيري روايته الجديدة "عائشة القديسة"، وهي عن ما يعرف في المخيال الشعبي بـ(عائشة قنديشة)، ومن خلالها يفضح الكاتب تناقضات المثقف وانفصام المجتمع المغربي.



تبدأ الرواية بلقاء مجموعة من الأصدقاء مساء كل يوم بمقهى القرية، كنوع من الاحتماء بأحاديثهم وجلساتهم المسائية ضد الغربة، وهم يحيى الموظف بالبلدية، أحمد الممرض، والعرْبي الجمركي، وسعد المعلم، ويحدّث الممرض أصدقاءه عن المرأة التي طلبت مساعدته للإنجاب، مما يثير سخريتهم و يطلبون منه تحويل المستوصف إلى ضريح، ويسأل الممرض المعلم إن كان مازال يذهب للصيد ( البحري) ليلا... ويتصدر موضوع عائشة قنديشة حديثهم، ويؤكد المعلم للجمركي بأنها مجرد أوهام، في حين يؤكد الممرض أن أكثر من شخص رآها، حسب ما بلغه.. مما يثير فضول الجمركي، فيخبره المعلم بأصل الحكاية، فقد كانت عائشة رمزا للمقاومة ضد البرتغاليين، وكان جمالها الفتاك سلاحها، ومع رحيل البرتغاليين تحولت إلى خرافة تسيطر على الأذهان وتوارثتها الأجيال، وقد كتب عنها عبدالمجيد بنجلون في مجموعته القصصية "وادي الدماء" نصا شجيا موسوما بـ"عائشة"، إن لم تخني الذاكرة.



يتفرق الأصدقاء، ويعود سعد إلى بيته، ويصرّ على الذهاب إلى رحلة الصيد، رغم أن الزوجة حاولت أن تثنيه عن ذلك لكونها مريضة، وفي الطريق يشغله الحديث الذي دار بين الأصدقاء حول خرافة عائشة... ينتابه الشعور بالذنب لإهماله لزوجته وهي مريضة، تعترض سبيله كلاب حاول تجنبها بمضاعفة سرعة دراجته النارية، فارتطم بكومة حجارة، ووقع مغميا عليه...

وفي غيبوبته وهذيانه يراها... تأمره بأن يتبعها، ويرى كائنات هلامية، والمرأة تحلق في الفضاء، وتطلب منه أن يتزوجها... ويعتقد أنها زوجته-لأن لهما نفس الاسم- ويستغرب كيف يتزوجها وهما متزوجين.. يحاول أن يسترد وعيه، و يتذكر ما حدث، لكن سرعان ما يعود إلى الغيبوبة، وتُعقد محكمة ويُهدد بأن يختطف ابنه في حالة رفضه الزواج... ويعلم بأنها اختارته زوجا دون غيره عقابا له، لأنه تسبّب في إعاقتها بدراجته وهي نائمة في الخلاء، وفي ذلك العالم اللامرئي تطارده صورة الممرض ...



في الصباح الباكر يتعرف عليه المعطي خادم الفلاح الذي يسكن المعلم في بيته، وهو في طريقه إلى المرعى.. ويتصل مخدوم المعطي بالإسعاف والدرك، ورغم المصاب يراود الزوجة بعض الفرح حين تسمعه وهو ينطق باسم عائشة -وكان يقصد عائشة الأخرى-، وينقل إلى مصحة بالدارالبيضاء، ويعود إلى غيبوبته، لكنه يرى عائشة/ المرأة الخبيثة في صورة جدته هذه المرة، وبعد أن يستيقظ يجد أصدقاءه وزوجته بجواره....

وفي يوم الأحد، يلتقي الأصدقاء، ويكون فضاء القرية مختلفا عن بقية الأيام، حيث يذهب أهاليها للتسوق ممتطين دوابهم، وتغزو السيارات القرية طلبا للاستجمام هروبا من جحيم المدينة، و سيلاحظ قارئ الرواية بأن مصطفى لغتيري حين يكتب عن القرية و يصف أجوائها الشاعرية يشعرن اللغة.



ينضم إلى جلسة الأصدقاء المعلم، ومع توقف حافلة لنقل المسافرين، حافلة الجديدة- البيضاء، وفضاءات الجديدة و نواحيها تأسر الكاتب، فهي التي تؤثث مشاهد روايته ما قبل الأخيرة "رقصة العنبكوت"، وأذكر أنه حدثني عن الرواية قبل صدورها، ذات لقاء بأزمور، وهذا الولع بالمنطقة يتسرب لا شعوريا إلى إبداعاته، لأنه يختارها - كغيره من البيضاويين- مصطافا... ( والفرصة - الآن ...هنا- سانحة لممارسة بعض الحنين إلى الأيام الخوالي، في زمن يتعفن يوما بعد يوم، عبر هذه السطور). و مع توقف الحافلة يرى سعد امرأة متشحة بالبياض، لا يرى منها سوى العينين، وترمقه بنظره غريبة.. يخبر أصدقاءه، و يفاجأون بأن لا أثر لتلك المرأة بعد مغادرة جميع ركاب الحافلة للمقهى... ويغادر المقهى مستندا على عكازه، وأعينهم تتابعه حيرى.



و يضم الكتاب بين دفتيه أيضا "نوفيلا"/رواية قصيرة أخرى، وهي "أحلام النوارس".. هي عبارة عن رسالة يكتبها مثقف من ضحايا ما يعرف بـ"سنوات الرصاص"، حيث يخاطب صورة المحبوبة، لأنه منعزل وحيد ، (مثلما فعل بطل قصة "لمن أسرد أحزاني؟" لتشيكوف)، ويتذكر عذاب المعتقل و"كل جريمته لا تعدو أن تكون حلما بسيطا"، وحين غادر و زملاءه المعتقل لم يجدوا في استقبالهم أحدا، حتى من فاوضوا وتاجروا بعذاباتهم... وفي النهاية يختار أن ينهي عزلته بأن يمزق الصورة، لأنها لا تعوض غياب الحبيبة... إضافة إلى التخلص من كل ما يربطه بالعالم..

ليموت غريبا كما عاش.....



الجدير بالذكر أن "عائشة القديسة" هي ثالث روايات مصطفى، والرابعة قيد الطبع (وأظنه اختار لها من الأسماء "الإفريقي")، إضافة إلى أربعة مجموعات قصصية وهي : هواجس امرأة، مظلة في قبر، شيء من الوجل، تسونامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب