الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة القذرة بين سقوطين

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2009 / 3 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


كان يوم 11 آذار 1917 يوما هز المجتمع العراقي من الأعماق، فقد كان إيذانا بانتهاء الحكم العثماني الفاسد الذي لم يهتم بتاتا بتطوير العراق و إخراجه من طور البداوة و العشائرية سواء في الصحراء أو السهول أو تلك العشائرية التي استفحلت في المناطق الجبلية، و لكن هل استفاد العراقيون من الوجود البريطاني في العراق على غرار تجارب مماثلة مثل هونغ كونغ أو ماكاو؟ الحقيقة أن ذلك لم يحصل، فقد ارتكبت المرجعية الشيعية "الشيرازي" آنذاك أحد أكبر أخطائها حينما أوعزت إلى شيوخ العشائر و الوجهاء بالقيام بحركة أو "ثورة"!! ضد الوجود البريطاني، و كان ذلك في عام 1920 أي أن نواة دولة حديثة لم تكن قد نبتت بعد، كما أن سرعة إنجاز حكومة عراقية في ذلك الوقت هيأ العراق للدخول في صراع طائفي و قومي على السلطة، و كان هذا الصراع يتمظهر بمظهر "الشعارات الوطنية"، بينما كان في الواقع انقلابات و صراعات طائفية حادة.
للأسف، كانت المرجعية الشيعية، حالها حال المؤمنين بها، تتعامل مع شعارات الوطن و الانتماء إلى العراق بمقاييس متناقضة و مشوشة مدفوعة بالعاطفة أكثر من كونها ((تحركات عقلانية))، و بالإضافة إلى ما سبق فإن المرجعيات الشيعية أخطأت ثانية حينما انسحبت من بناء الدولة العراقية، و لسوء حظ العراقيين، فإن الشيرازي كان المرجع الأعلى و هو الذي كان يختلف كلّيّا عن آية الله كاظم اليزدي الذي لم يكن يرى أي مشكلة في التعامل مع البريطانيين، و كان أن فتح أية الله اليزدي أبواب المرجعية للمبعوث البريطاني ستورز الذي أعجب ببساطة هذا العالم البسيط و ذو السلطة الروحية، و هكذا ضيعت قرارات مستعجلة و خاطئة لكونها مبنية على العاطفة الدّينية و القومية فرصة مشاركة أغلبية العراقيين في بناء دولتهم (لاحظوا معي كيف أن حارث الضاري أثر سلبا على العرب السنة في إقناعهم بعدم المشاركة في الانتخابات و تبين مدى فداحة الخطأ في اتباع هكذا فتوى).
و حينما تم تهميش القطاع الأكبر من العراقيين في بناء البلد، أصبحت السلطة لقمة سائغة في أفواه القوميين و من شتى ألوانهم إضافة إلى الشيوعيين، و كانت النتيجة كارثية، فرغم مساويء العهد الملكي إلا أنه بدا بالمقارنة مع العهد الجمهوري الذي جاء بانقلاب دموي و كأنه حكم الملائكة و الأتقياء، فقد جلب عبد الكريم قاسم و اليساريون و القوميون عهود الدم و المشانق إلى العراق و ما جره البعثيون القتلة المنحطّون على البلاد كان أكبر من أن يتصوره حتى أكبر العقول الفكرية.
من المؤسف حقا، أن المرجعية الشيعية و الطبقة المثقفة في الوسط الشيعي (و التي كانت تكاد تكون المعارضة العراقية الأقوى للبعث) تبنت الخطاب الديني العاطفي و الذي لم يتضمن أي حديث عن الديمقراطية إلا في عراق ما بعد البعث و صدام و الذي أطاح به التحالف الغربي الديمقراطي عام 2003 و نحن هنا إذ ننتقد الخطاب الإسلامي لا ننتقده إلا من حيث كونه افتقر إلى البرنامج الوطني الذي يستطيع لم شمل المعارضة العراقية و توحيد كلمتها في وجه الفاشية و الطائفية البعثية.
مؤخرا و من خلال التجربة تبين لكتلة الائتلاف العراقي أن الإسلام السياسي ـ بالإضافة إلى كل خطابه الضعيف ـ لا يناسب العراق، بل و يضر بمستقبل الشعب و البلد و بالتالي لا بد من تغيير جذري فكري في تنظيم التحالفات السياسية على أُسس وطنية، و الإسلام السياسي هنا لا يختلف عن المناهج القومية في فشله كمشروع سياسي، إلا أن الدور السلبي لرجال الدين "الشيعة و السنة" هو الذي كشف للمواطن العراقي عن مدى خطورة الطائفية السياسية، فقد تبنى رجال الدين في كلا الطائفتين ـ مع استثناءات هنا و هناك ـ خطابات "المقاومة" و "مقارعة المحتلين"!! و "مواجهة الاستعمار"!! الأمر الذي جلب للبلاد الهلاك و الخراب و التخلف و الطبقية و قبل كل شيء قتل النفس الإنسانية المحترمة، فلا توجد مقاومة شريفة، بل كلها "مقاومة إرهابية إجرامية ملوثة" كان من واجب الأمريكيين و العراقيين أن يسحقوها بكل القوة، من هنا نجد أن "المـــــــقاومة القذرة" هي التي دمرت العراق من الشيرازي و حتى "الضاري".

Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألي سهيل مع ألتقدير
جيفارا ( 2009 / 3 / 30 - 19:45 )
أفلت بطلعت بدرك ألانوارو 00وبنور هديك تهتدى ألاكوانو


2 - كاتب مبدع دائماً
زينب ( 2009 / 3 / 30 - 22:51 )
عزيزي أستاذ سهيل ..تابعت أغلب مانشرته من مقالات على المواقع الألكترونيه ..أسمح لي أن أسجل عميق تقديري لعراقيتك أولاً ..وللموضوعيه والعمق التي تتسم بها مقالاتك ..يحق لي أن أفتخر بكاتب عراقي مبدع مثلك ..أمنياتي لك بالموفقيه دائماً.


3 - صراحتك في الكتابة تمنحك القوة
ناصر عجمايا ( 2009 / 3 / 31 - 01:43 )
الحقيقة يا استاذ سهيل انا دائما اتابع كتاباتك الغنية بانتقادك للفعل الطائفي المقيت والاسلامي المسيس والقومي الفاشي والبعثي الشوفيني المدمر والمقاومة الارهابية اللعينة
شكرا لك للروح الوطنية السمحاء التي تغذي جسدك العليل وفكرك الناطقالوطني الاصيل, وانتقادك للاسلام السياسي هو خير دليل لفشله اولا ولفقدانه الوطنية ثانيا و الولوج الى مصالحه الذاتية امر واقع لنهبه الاموال والعراق معا انه سيفشل مهما طال الزمن عاجلا ام آجلا يا سهيل البطل بفكرك الريان


4 - جحا والحمار
قاسم الدرويش ( 2009 / 3 / 31 - 07:42 )
تحية للاخ سهيل على طروحاته المعبرة حقا ومايجول ويلامس الواقع العملي والمطلوب على الساحة العراقية
كما لايفوتني أن أعرج على هذا الجيفا و (الاكوانو )واعتقد انها دولة جديدة معشعشة برأس هذا المسكين وأقولها إنه سد قريحتي للتعليق
ومرة اخرى عذرا ياسهيل


5 - الملازم البريطاني والضريبه
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 31 - 09:40 )
قبل ثورة العشرين كان هناك ملازم بريطاني شاب رئيسا لسرلي الرميثه ولانه وطني اكثر من كثير من العراقيين فقد اراد اعمار المنطقه باقامة الجسور الصغيره على الترع وشق طرق جديده في المنطقه واقامة بعض المشاريع الاروائيه البسيطه فيها ولان هذا يتطلب اموال فقد فرض ضرائب على مالكي الارض الكبار في المنطقه اي على الشيوخ وحينما ارسل اليهم لدفع الضريبه رفضوا بكل شيمه وطنيه وعشائريه ان يساهموا بتعمير منطقتهم فقام الملازم البريطاني بزج اللذين لم يدفعوا الضريبه في سجن الرميثه اي السراي فانزعج المواطنين وقاموا بثورة العشرين التي هي ثوره ضد الضريبه لا اكثر ولا اقل


6 - الاسلام السياسى
ابو فراس ----السويد ( 2009 / 3 / 31 - 16:23 )
شكرا لهذه المقاله الرائعه يارائع --والله يا اخى لايفسد السياسه غير الدين ورجال الدين --خلى يركنون رجال الدين فى صوامعهم وسنرى تطور العراق والعراقيين --كل مشاكلنا هى دينيه --الشيعى يقتل السنى والسنى يقتل الشيعى وهذا حلال وهذا حرام --سنبقى كالانعام مادام رجال الدين يسيرون الدفه --اقتراحى للحكومه ان تلغى دور كليات السياسه والاقتصاد والاعلام والابقاء على دور كليات الفقه والحوزات --حتى طيحان الحظ يصير للتالى --


7 - ألي أبو ألقواسم
جيفارا ( 2009 / 3 / 31 - 18:25 )
أخي أريد أأصارحك بلحقيقة ولاتزعل علية ,وقبل متزعل علية أتذكرت أغنية للفنانة ألراحلة فا ئزة أحمد يقول مطلعها(بتسئل لية علية ملكش دعوة بية )وتكرركلمة بتسئل لية بتسئل لية 00علية هذة ألاغنيةأحسن ألف مرة منهاي ألكتابات ألصار عمرة (6)سنوات نرجع لقريحتك ألفذة هي أذا مسدودة لو مفتوحة نفس ألشى0 بس لتصور أنزل لمستواك ألرث أستطيع أن أرد بمثل مستواك لكن لاأفعل ولايعجبني أن أرد علي غبي دعي أمعة أنسان فاقد ألوطنية أستطيع أن أكون أكثر منك وضاعة0وأبقة أكتب ,انا أكتب وبعدين أنطيك طينتك بكصتك000 good gock my boy باباتي أبن درويش صير مثقف

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-