الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتقال الفنزويلي نحو الاشتراكية

فنزويلا الاشتراكية

2009 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


أكملت الثورة عقدها الأول واكتملت معه الأرقام التي تدل على ما تحقق على أرض الواقع من تقدم ملموس في فنزويلا في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وباتت تمتلك خياراتها عوضاً عن أن تكون مجرد تابع يعمل بأجر يحققه من إنتاج بذاته تتكرم به عليه قوى تسلبه حقه في خيراته، ففنزويلا اليوم مستقلة وسيدة نفسها ومضت وبكل جدارة بمهمة تحقيق الاستقلال الوطني وتعزيز الديمقراطية التي ترسخت وبات من الصعب جداً ردها وازدادت فاعليتها ووضعت على الدرب الصحيح لتستمر بتطورها وتواكب مهام المرحلة المقبلة في "الانتقال الناجح نحو الاشتراكية".

الكومونات أساس الدولة الاشتراكية:
أكد قائد الثورة البوليفارية في فنزويلا على أهمية العمل لإنشاء الكومونات المؤلفة من المجالس العمومية القائمة حالياً كخطوة هامة وملزمة للانتقال نحو الاشتراكية. وهذا الطرح ليس الأول من نوعه فلقد عرّفت الكومونات في الدستور المقترح للعام 2007 على أنها "الهيكل التنظيمي الأساسي في الدولة، وهي جسم يتمتع بحكم ذاتي يتألف من منظمات اجتماعية اتحدت ونظمت كشكل للديمقراطية التشاركية".

فلا يكفي لتغيير الدولة ثورياً الاقتصار على تغيير بعض علاقات مؤسساتها مع بعضها البعض ومع المواطنين، بل لا بد من إحداث تبديل جذري في بناها الهيكلية والتنظيمية ولا يكون ذلك باستبدال الأفراد أو بكتابة الشعارات على الجدران بل بتطوير منظمات اجتماعية موجودة أصلاً وتتجاوز البيروقراطية التي تتسبب بها الديمقراطية التمثيلية وإيجاد بنى جديدة وتنظيمات حديثة موازية لمؤسسات الدولة التقليدية المكبلة بالفساد والبيروقراطية للتخلص منها تدريجياً لتحل مكانها وتشكل سوياً الدولة الاشتراكية الجديدة.

بناء الاشتراكية من القواعد:
ولتحقيق مهمة بناء الدولة الاشتراكية، كان لزاماً على الثورة أن تعبر عن ذاتها وما تحمله من تجارب وخبرات تاريخية تراكمت عبر عقود طويلة من النضالات الشعبية سواء بوجه الديكتاتوريات أو ضد الحكومات الليبرالية العميلة الفاسدة.

فلقد تعلم الفنزويليون أن الممثل المنتخب الذي لا يمكن مساءلته هو ممثل في حكم الفاسد أو البيروقراطي وبأفضل الأحوال لن يبالي بأحد، وعرفوا عن كثب أن الوعود الانتخابية لا تستمر إلا للحظة إعلان نتائج أي انتخابات يشاركون فيها وبعد وصول هذا الفرد أو ذاك لأحد المناصب يمتنع حتى عن تكرير وعوده ويختفي أثره ويغيب عن الوجود في أحد القصور بعيداً عمن صوتوا له وعمن دعموه ليصل لمنصبه، ولهذا نجد أن الديمقراطية التمثيلية مكروهة من أنصار الثورة الذين بدؤوا بعد أحداث الكركاسو في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بخلق منظماتهم الاجتماعية الخاصة بهم وابتكار وسائلهم الخاصة لفرض رغباتهم وتوجت تلك المرحلة الممتدة بين العامين 1989 و1999 بوصول الرئيس تشافيز إلى السلطة ليعطي الشرعية القانونية لهذه المنظمات ويقدم لها كافة أنواع الدعم وعلى رأسها الدعم المالي، ليكون دورها أكثر فاعلية ولتقدم أفضل مما تقدمه مؤسسات الدولة التقليدية.

وهؤلاء الثوريين الذين فرضوا منظماتهم الاجتماعية الخاصة بهم ووصول الرئيس تشافيز إلى السلطة وتغيير النهج الحكومي السابق له يرفضون أن تفرض عليهم الدولة الجديدة، حتى وإن كان الرئيس تشافيز هو الذي يسعى لذلك، فالدولة الاشتراكية لن تقوم إلا عبر القواعد ولن ينشئها أحد سواهم وعبرت الثورة عن ذلك على لسان قائدها عندما أكد على أن البناء الناجح للدولة الاشتراكية لا يكون إلا من القواعد ولإعطاء القواعد دورها لا بد من التزام الثورة "بالاشتراكية الديمقراطية" وتطوير نموذجها الديمقراطي المتمثل بالديمقراطية التشاركية.

منح وسائل الإنتاج للشعب:
وبما أن الديمقراطية البرجوازية نابعة من وجود تلك الطبقة المتملكة لوسائل الإنتاج والتي يبدأ شكل ديمقراطيتها بالزوال مع زوال شكل الملكية الملازم لها فإن الاعتقاد بوجود ديمقراطية أكثر تقدماً دون تغيير في ملكية وسائل الإنتاج هو وهم.

فلكل شكل ملكية نظام يعبر عنه لقيادة الدولة، وإن كان السعي في المرحلة المقبلة هو لبناء الدولة الاشتراكية بشكل تدريجي والتخلص من الدولة القديمة بأسلوب ممنهج ودقيق فلا بد من التغيير في شكل ملكية وسائل الإنتاج في البلاد.

ولأن الثورة لا تمتلك خبراء فنيين وتقنيين وإداريين قادرين على إدارة كافة أنواع المرافق فإنها اضطرت وستضطر للإبقاء على الملكية الخاصة في هذا القطاع أو ذاك إلى أن تتمكن من امتلاك الخبرات البشرية الكافية لإدارتها بنفسها وفي هذا المجال نجحت فنزويلا في تحقيق تقدم ملموس وبدأت بإعداد الكوادر البشرية القادرة على إدارة العديد من المؤسسات.

فأممت بعض الصناعات وعدد من المعامل وانتقلت ملكيتها للدولة، ولكن، وكما ذكرنا سابقاً فإن الدولة بشكلها القديم عاجزة عن تلبية تطلعات الفنزويليين ولتغيير الدولة لا بد من تغيير شكل الملكية وبالتالي لا يمكن أن تكون الملكية العامة هي الحل فسيحدث كما حدث في تجارب سابقة وهو انتقال الملكية من البرجوازية السائدة في دولتها إلى الطبقة البيروقراطية الجديدة السائدة في الدولة التي تمتلك وتدير كل شيء، أي في دولة الملكية العامة.
ولهذا قال الرئيس تشافيز: "من الضروري إعطاء الشعب وسائل الإنتاج".

فلم يتم تأميم كل شيء دفعة واحدة فيخرّب الاقتصاد لأن الثورة غير مستعدة لامتلاك كل شيء، ولم تفرض الملكية التابعة للكومونات مباشرةً، فلابد من التحضير لكل مرحلة كي لا نقع في أخطاء مميتة، فالملكية الخاصة ستستمر إلى أن تكون الثورة قادرة على التخلص منها، والملكية الحكومية ستستمر كذلك، وإن بذور التخلص من كلا الملكيتين اللتين تنتجان طبقتين تقتلان الثورة، البرجوازية والبيروقراطية، موجودة في قلب الثورة ونموها هي مسألة وقت تعتمد على نضالات الفنزويليين لتغذيتها وجعل نموها وتطورها قوياً بما يكفي لتحقيق المطلوب منها وهذا النمو يعتمد بشكل رئيسي على النجاح بإتمام هذه المرحلة والانتقال نحو الاشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء ومعاناة نفسية وذكريات جميلة.. تفاصيل مراحل مختلفة عاشته


.. فرنسا تدعم مسعى الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قاد




.. ما رمزية وتداعيات طلب مذكرة توقيف بحق نتنياهو؟


.. إيران تبدأ تشييع رئيسي.. ومجلس خبراء القيادة يعقد أول اجتماع




.. الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية في محافظة البيضاء| #الظه