الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكامل الإقليمي كحل للبقاء والهيمنة

سليم محسن نجم العبوده

2009 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من تربع الولايات المتحدة على قمة القوة والسمعة الدوليتين عند نهاية أخر صراع هيمنة في عام 1945م اذ كانت قوتها الاقتصادية والعسكرية في أوج عضمتها . تلك القوة التي فرضت الأساس لنظام سياسي واقتصادي عالمي هيمنت على شؤونه الولايات المتحدة الأمريكية .وعلى الرغم من الولايات المتحدة ما تزال هي الدولة المهيمنة والدولة الأكثر شهرة في النظام العالمي الا انها لم تعد تمتلك القوة الكافية للتحكم بالنظام كما فعلت في الماضي . فأعادت توزيع القوة الاقتصادية والعسكرية في النظام لغير صالحها يعني زيادة تكاليف التحكم بالنظام بالنسبة لها مقارنة بقدراتها الاقتصادية الواقعية الحالية اللازمة لدعم الوضع الدولي الراهن . فالإعراض المزمنة للقوة المتدهورة ظهرت بواكيرها في بداية الثمانينات في ذروة التكاليف للحرب الباردة مثل التضخم الهائل وصعوبات مزمنة في ميزان المدفوعات وضرائب عالية . واستمر الحال بالتردي الى ان أميط اللثام عن الأزمة المالية التي عصفت بالمصارف الأمريكية نهاية عام 2008ومستهل عام 2009م ويمكن الرجوع الى مقال كتبناه بعنوان (الأزمة الاقتصادية العالمية من داخل المنظومة الأمريكية) والذي يبين بشئ من التفصيل إبعاد و مسببات تلك الأزمة التي أضحت عالمية أكثر من كونها أمريكية وسياسية اكثر من كونها اقتصادية ..! والسبب في ذلك هوا التبعية الاقتصادية والسياسية للدول للولايات المتحدة .
واذا ما استندنا لقول "ثوسيديديس"عندما حاول وصف السياسة الدولية فقال (بانها تفاعل القوى غير الشخصية والقادة العظام ) ولذلك ففان العوامل التقنية والاقتصادية والسكانية تدفع الدول باتجاهي الحرب والتعايش السلمي معا . لذلك فان القائد المخضرم المتبصر يستطيع قيادة الدولة باتجاه واحد او عدة اتجاهات فالخيارات متعددة رغم انها مقيدة أحيانا الا ان التجارب التاريخية قادرة ع7لى ان تبين لنا ماهية هذه الخيارات وماهية نتائجها المحتملة . لذلك فيمكننا ان نقول بان العلاقات الدولية من الممكن ان تكون أفضل اذا ما استلهمنا التجارب السالفة . ومن المؤكد بان " الواقعية السياسية" وهي التجسيد الفعلي لما تقدم لهذا الإيمان بالمنطق والعلم وتؤكد الواقعية من خلال حسابات( القوة والمصلحة ) ان باستطاعة رجال الدول خلق نظام من حالة الفوضى وبذلك يحددون حدة الصراعات الحتمية والمحتملة للدول المستقلة ذاتيا و المتمتعة بالاكتفاء الذاتي والمتنافسة من خلال البحث والاتفاق على حل وسط للتغيير الايجابي باتجاه الاستقرار .
لذلك فان التطورات التقنية والاقتصادية وغيرها في العقود الأخيرة للقرن الماضي للعديد من الباحثين والمهتمين في مجال العلاقات الدولية ان " الدولة القومية" لم تعد الخيار التنظيمي والاقتصادي والسياسي الأكثر كفاءة على الرغم من ان الدولة القومية كانت في بداية نشأتها هي الحل الأمثل والذي جددت واعتمدت على أساسه الخارطة الدولية الحديثة الاان الايجابية التي نتحدث عنها لم تكن الا ايجابية مرحلية أنهت توتر وعدم استقرار يعاني منه المجتمع الإنساني وكانت أساسا حيويا للتطور الذي أصاب العالم الا ان المعطيات التاريخية للعلاقات الدولية ونتيجة لما طرئ من تطور في موازين القوى وانتشار أسلحة الدمار الشامل فرضت واقعا جديدا يتعدى مرحلة الدولة المستقلة الى نظام عالمي اكثر استقرارا وانضباطا وسلاما . ونتيجة للتسارع في الإحداث والتطورات ضرورة قيام نوع جديد من الكيانات السياسية والاقتصادية تكون اكثر كفاءة من الدولة القومية او المستقرة لذلك كان قيام تنظيمات إقليمية او حتى دولية كبيرة تعالج فيها الشؤون السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية تكون اكثر كفاءة من الدول المنفردة . لذلك ترى انه التكتلات الدولية ظهرت في مناطق مختلفة وغالبا ما تكون مبنية على أساس إقليمي . وربما يكون " الاتحاد الأوربي " أبرزها وأكثر تلك التكتلات تميزا الا ان الوضع العام للاتحاد الأوربي على الرغم من الانسجام الظاهر والمثير للإعجاب الا ان الدول المكونة له تعاني من مشاكل التقدم في ما يمكن ان نسميه " مراحل الدورة الدولية" أي ان الدول ذاتها المكونة للاتحاد في مرحلي الشيخوخة والهرم ومن الممكن الاطلاع على تفاصيل اكثر حول هذا الموضوع الاطلاع على مقال (الرُهاب الدولي من الانهيار والترميم) الا ان مثل هذا التكتل من الممكن ان يطيل العمر الافتراضي لدول الاتحاد وكذلك إيجاد بديل مبكر لانهيار الولايات المتحدة الأمريكية .
فلا يمكن ان نخلص للقول ان البشرية قد تغلبت على الطبيعة الأساسية للعلاقات الدولية . فالسياسة العالمية لا تزال تتميز بصراع الكيانات السياسية على القوة والسمعة والثروة ولا زال المجتمع الولي يعيش في حالة من الفوضى الدولية . و لم تجعل الأسلحة الدولية اللجوء الى القوة امر غير وارد وان كانت تلك الأسلحة قد أثبتت بان لها قوة إخضاع ضئيلة فهي تجعل من الدخول النووية متكافئة من حيث القوة لذلك تجعلها أكثر استقرار الا ان الدول الغير نووية فإنها ستبقى في دوامة من الرعب والتبعية المباشرة او الغير مباشرة خصوصا ان كانت الأسلحة النووية في ايد غير منضبطة كما لدى إسرائيل والدوال العربية او الهند والباكستان او ما يثار حول إيران و إمكانية امتلاكها للقمبلة وإطماعها في العراق والخليج . لذلك فلا يمكن القول كما عبر عنه "روبرت جيلين" بقولة(لم يضمن الاعتماد الاقتصادي المتبادل انتصار التعاون على النزاع . و لم يتم لحد الان استبدال الفوضى الدولية بمجتمع دولي ذي قيم ونظرة مشتركة ) .
العرب حاولوا ان يدخلوا مضمار التكتلات الدولية كحل منطقي لمواجهة المكانة الدولية المتردية للعرب في المجتمع الدولي او لمواجهة السل الاسرائلي الذي اخذ يستشري في الجسد العربي من خلال إنشاء تكتل عربي الا وهوا " جامعة الدول العربية" الا ان المشكلة في هذا التكتل انه كشف وهن العرب وضعفهم بدلا من ان يقدمهم الى المجتمع الدولي كتكتل متوازن يتمتع بالسيادة والقوة والحكمة والتوحد . والسبب في ذلك يعود الى الطبقية التي يعاني منها المجتمع الدولي العربي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا والمشكلة الأعظم ان مثل هذا التفاوت بدلا من ان يكون سببا منطقيا للتكامل العربي أصبح سببا أزليا لعدم الوفاق العربي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت