الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحساس ومسؤولية

سعدون محسن ضمد

2009 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


(1)
عاتبني أحد أصدقائي على عمود نشرته في الصباح تحت عنوان (حرب على القانون)، يتناول تجاوزاً قامت به وزارة الاعمار والإسكان على أراض مملوكة لمواطنين وذلك بأن انشأت عليها مجمعات سكنية، برغم علمها المسبق بعائدية الأرض.. صديقي يعتبر أن الموضوع خاص بمجموعة من الموظفين، ولا يرقى ليكون قضية عامة يتناولها عمود يحمل عنواناً (استفزازياً)... الأمر الذي دفعه لاتهامي بالتهويل والمبالغة.. لكن بالنسبة لي بدا ان الأمر معكوس، فصديقي هو الذي يبالغ بالتهوين من شأن موضوع خطير.
ليس هناك أخطر من تجاوز القانون، وخاصَّة من قبل وزارات الدولة، وهذه مفارقة خطيرة لا تُقبل إلا في بلدان تنخفض فيها معدلات الإحساس بالمسؤولية مثل العراق. صحيح أننا غارقون بفوضى اختراق القانون، وهي فوضى يشترك بها المسؤولون عن حمايته من بعض رجال المرور والشرطة والجيش إلى بعض الوزراء ونواب البرلمان بل وحتى بعض القضاة.. لكن مثل هذه الفوضى يجب أن لا تدفع بنا لنكون فوضويين عن طيب خاطر.
الذي يخضع ويحترم القانون دون أن يحتاج لمراقبة، هو شخص كامل الأهلية والمسؤولية، والذي يخرق القانون رغم أنف الرقابة مستخدما سلطة الدولة أو سلاح الميليشيا أو هيمنة الحزب أو تغطية الطائفة، فهذا لص مقزز ويفتقر لأدنى مستويات الأهلية والمسؤولية. وزارة الاعمار والإسكان استمرت بالبناء على أراض لا تملكها، وكما أشرت لذلك بعمودي سابق الذكر فان الموظفين المغلوبين على أمرهم استحصلوا الأوامر القضائية التي تلزم الوزارة بإزالة التجاوز، ووضعوها على مكاتب المديرية المسؤولة عن رفع التجاوزات، ومع ذلك لم يحصلوا إلا على الخيبة. وهذا أخطر ما بالموضوع، أقصد أن يشعر المتسلح بالقانون بأنه أضعف الأطراف جميعاً. فهذا يعني اننا نعيش في بلد عصابات لا مؤسسات.

(2)
سمعت قبل أيام من يتحدث عن أوامر إلقاء قبض صادرة بحق ضباط بقوى الأمن وبرتب (عالية). لأنهم متهمون بما يسمى بـ(جرائم القتل الخطأ) بحق مواطنين أبرياء، وطبعاً هذه الأوامر (مجمدة) ولا أحد يعرف السبب. وعندما سألت بعض المعنيين أخبروني بأن أوامر إلقاء القبض المجمدة كثيرة وموزعة على أغلب الوزارات. وكلها لا تُفَعّل تحت ذريعة تعلقها بجرائم وأخطاء ارتُكبت أثناء أداء الواجبات، وسواء أكانت هذه الواجبات صحية أو أمنية أو خدمية. وهنا أيضاً تتدنى مستويات المسؤولية وثقافة احترام القانون، فأوامر إلقاء القبض بعد صدورها مقدسة وواجبة التنفيذ، وإذا كان لدى الوزارات المعنية بالموضوع ملاحظات فيجب عليها أن تُعبِّر عنها عن طريق القضاء ووفق ضوابطه، لكن بعد أن تنفذ أوامره وبشكل ينم عن احترامه لا الاستهانة.

(3)
هناك حادثة ثالثة تصب في ذات السياق، وتتعلق هذه المرة بوزارة العلوم والتكنولوجيا، فهذه الوزارة أعلنت عن عطاءات تتعلق بتفكيك أو إزالة مبان كانت تستخدم كمنشآت نووية، لكن بعض المطلعين يقولون بأنها تشمل إزالة نفايات ملوثة. والمشكلة أن العطاءات عُرضت على الشركات العراقية، والتي لا تملك أدنى خبرة لا في مجال طمر النفايات الملوثة ولا بعموم التعامل مع المنشآت النووية. ولو صح هذا الموضوع بكامل تفاصيله، فمعدلات انعدام المسؤولية سترتفع هنا. إذ الأمر لا يتعلق بخراب ينجم عن قيام شركة لا تمتلك خبرة ـ أو تمتلك خبرة بمجال النصب والاحتيال ـ بتنفيذ مشروع خدمي، بل بتفكيك مؤسسات نووية وطمر نفايات سامة. هنا حياة الملايين على المحك، وعمليات التخلص من مثل هذه المواد يجب أن تتم وفق ضوابط ومواصفات عالمية ومن قبل أناس يتمتعون بأعلى مستويات المسؤولية تجاه الإنسان والبيئة....
هذه الأحداث تشير لمثلث نتائج اللامسؤولية، وهي سرقة أملاك المواطن، وقتله وحماية قاتليه، وتعريض صحته وبيئته لأخطر الملوثات.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة