الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرح العبث يطلق مشاعر القلق نحو الوجود

عصمان فارس

2009 / 4 / 3
الادب والفن



كل هولاء الكتاب الطليعيين هدفهم كشف عبث العالم، ويصبون جم غضبهم وسخطهم علي العادات والتقاليد واساليب اللغة والحياة عند الناس بسبب عدم قبولهم البديل، والوعي بالعبث لايعني طابع المأساة التقليدي، ولكن هذه المأساة تعني الهزل من هذا العالم الرهيب وبكل مافيه من خوف وعبث وضياع، وهم في صدام وصراع مع عصر طغت فيه ويلات الحروب علي كل القيم الانسانية. وذروة الوعي عند يونسكو هو الاحساس بعالم خالي من الفضاء والضوء واللون،عالم فيه الضحك كالبكاء وهذه قمة ذروة الوعي بالعبث.

حياة بلا سعادة
أن كامي ويونسكو يعتبران العالم غير مجدي بسبب موت الانسان وهو غير سعيد وخاصة يونسكوفي مسرحيته الملك يحتضر،وبيكيت في مسرحية الايام السعيدة بسبب الحروب والدمار تتحول الحياة الي مجرد سخف وعبث ويونسكو يعتبرعوامل تحطم البشرية وكوكبنا الجميل بسبب النازية، و القنابل الذرية التي القيت علي هيروشيما وناكازاكي، والقنابل الهدروجينية وتهديد السلم العالمي، تتميز مسرحياته بالغموض المتعمد وانها تحتوي علي عدة معاني، كل معني يحوي هدف معين لذلك لايضع الحلول ويسود الغموض وعدم الانسجام بين رغبات وطموحات الانسان وذلك ان مسيرة وسلوك الانسان وهو يستعمل اقنعة مختلفة في حياته اليومية، وما علي الكاتب المسرحي سوي محاولة تغيير الاقنعة .رغم حالة الاحتجاج والتمرد في مسرحياته لكنه غير ملتزم بأي فكر سياسي فهو يسخر من البرجوازية والفساد الاداري، والسخرية من الفاشية والشيوعية في مسرحية الخراتيت،ومسرحية ضحايا الواجب يسخر من عقدة اوديب،واستعمال الصليب المعقوف في مسرحية الدرس. ويمكن اعتبار مسرحيات يونسكوا عبثية ولها خصوصية تمثل المسرح الطليعي وهي تحتوي بذور التحذير الاجتماعي كما في مسرحية القاتل اومسرحية الخراتيت وكذك تحوي الاعتراف كما في مسرحية الملك يموت والقاسم المشترك بين المشاهد في مسرحية لعبة الموت لعرضها بطريقة التجديد يطرح موضوع الصداقة ،الحب ،الموت ،الخوف والاضطرابات السياسية.ممكن اعتبار مسرحية لعبة الموت من حيث الشكل عرض وليست دراما.
وتتميز مسرحيات يونسكو وكل من بيكيت واداموف وجان جينيه وكل كتاب المسرح الطليعي بالاحتجاج والتناقض، الاحتجاج علي كل النظم الاجتماعية وعلي وضع الانسان في الكون، واستخدام اسلوب النقد المنطقي والمجرد من العواطف.ودراما المسرح الطليعي وخصوصية اللامعقول تبني علي اساس فن كتابة النصوص وتكنيكها ،وطريقة اظهار الحالات وملامح الحياة اليومية ومافيها من خواء وهي جزء من تقنية التناقض وكل كتاب المسرح الطليعي يعرضون مواقف متصارعة ذات صورغير معقولة . وتعتبر مسرحية يونسكو المغنية الصلعاء ء بداية الطريق للمسرح الطليعي الي خشبة المسرح، وفلسفة العبث وجدت الصياغة الكاملة من خلال مسرحية اسطورة سيزيف لالبير كامو ، وتبني فلسفة العبث عند كاموبسبب غربة واستلاب الانسان في هذا التيه الكوني ولايعرف وظيفته ويعيش حالة الغيبوبة بسبب العديد من المعتقدات الزائفة،ففي اكثر مسرحيات يونسكو نشاهد حالة القطيعة والعزلة بين الناس،فعبثية الحياة والخواء في لغة الحوار وعدم منطقيته في مسرحية المغنية الصلعاء ويظهر يونسكو حالة العبث في الحياة اليومية وحالة التناقض في حوارات الاسرة الواحدة حول الطاولة المستديرة. فسميث وزوجته يعيشان حالة العزلة كل منهم عن الاخر ،ولايعرف بعضهم بعضآ،حتي وان كانوا يعيشون معآ ومرتبطين.واستخدام الرموز في مسرحيات المسرح الطليعي ففي مسرحية الدرس ليونسكونشاهد وبشكل كايكاتيري هذيان الاستاذ وخطبه مع الطالبة يشبهخطب هتلر وكل مثقفي النازية في قلب الحقائق والباس الباطل ثوب الحق.
ومسرحية الكراسي من مسرحيات يونسكو المأساوية وهذيان العجوزين وكلامهما الفارغ الغير مفهوم ،هذا هو جحيم كل فرد حبيس عزلته وهو يعيش الوهم وحالة الخداع .الواقع عبارة عن كابوس مرعب ومخيفعندما يكون مسرح اللامعقول ثورة علي المعقولية ،ويصبح الفن وظيفة
ورؤيا اوسع وارحب واقرب الي الوجدان، وأكثر اتصالآ بروح الكون والوجود الانساني،والبحث عن الحقيقة في أكثر من شكل ومستوي، واللغة في مسرح العبث غالبا ماتكون في اخر اهتمامات المخرج وهي أقل أهمية من الحدث، الانسان لايستطيع ان يواجه ويدرك الكون بما فيه من موت وقسوة وتفاهات ، لذلك المتفرج في مسرح العبث يواجه الحقيقة المرة والغير معقولة، وحلقة الاتصال مفقودة بين الناس بعضهم ببعض. وكل مايحدث علي خشبة المسرح لامعني له ولكنه يتصل بتفاهة الحياة .

مسرح موقف
ويستعرض الكاتب في مسرح العبث احساسه بكيانه او تصوير موقف اساسي لشخص معين بالذات، هو مسرح موقف لا مسرح حوادث متتالية . ففي مسرحية في انتظار جودو لصموئيل بيكيت هناك العديد من الاشياء تحدث ولكن لاتشكل أي قصة اوحدث، والمسرحية عبارة عن صور وتيمات فرعية يندمج بعضها مع الاخر،عندما يكون شكسبير عالقآ في أذهان المثقفين والمسرحيين ،يبقي صموئيل بيكيت ومسرحيته في انتظارجودو تثير التساؤل منذ العرض الاول سنة 1953 في باريس، بعض النقاد وصفها انها تمس شغاف القلب ، تجد حيرة الانسان فيها علي مدي العصور وحالة الاشفاق علي شخصيات حولتهم ماكنة الحروب واليأس من الحياة يمارسون مهنة التسكع في انتظار المجهول القادم، ديدي وجوجو ولاكي وبوزو شخصيات او قاذورات كما يصفها البعض ولكنها شخصيات تصلح لكل العصور،المأساة الدائمة ومعاناة الانسان ،وثورته ضد الخيبة المريرة والمصير المحتوم بسبب قتامة الحياة واكتساب مهنة الخوف عبر الاجيال .وكثرة الانتظار والبحث عن اجابة سليمة لكل اسئلة جوجو وهو يخلع حذائه وقدمه المتورمة،وقبعة ديدي والمكان المجهول ودعوة التوقف عن الكلام، وكل الاحلام والكوابيس والحديث يطول بسبب العجز والخروج من الحيرة واتخاد قرار الانتحار وهم في انتظار جودو وقراره.إذا كانت حالة الاحساس بالفوضي والعبثية واهتزاز اليقين بكل الموروثات وهي حالة نتجت عن الحربين العالميتين اللتين مزقتا القارة الاوروبية خلال النصف الاول من هذا القرن . وكانت هذه الحالة أداة تفعيل وراء العديد من التجارب المسرحية وخاصة مسرح اللامعقول أي مسرح العبث ونموذج مهم للمسرح الطليعي مسرحية في إنتظار جودو تأليف صموئيل بيكيت وقد عرضت هذه المسرحية في باريس سنة 1953 واثارت عند عرضها جدلآ حادآ،وقد وصفها البعض انها مسرحية لها مساس بشغاف القلب والبعض الاخر وصفها علي انها حيرة الانسان في هذا الزمن المعكوس .
وهناك اختلاف مابين تصنيف هذه المسرحيات ما بين العبثية والواقعية النقدية والتسجيلية والتعبيرية، وهناك صعوبة في أن تدرج بعض المسرحيات ضمن أي مدرسة وذلك لأنه يصعب تبويبه ضمن شكل واحد ـ أما مسألة تبويب الأعمال الفنية وتصنيفها داخل قوالب فهذه مهمة النقاد، فالعمل الفني الجيد يستحق التصنيف والتبويب فلا يطلق عليه وصف مثل تجريبي لأنه تمرد علي القوالب الجامدة في المسرح، فمن السهل أن تقول هذا كاتب عبثي وهذا واقعي، وهذا تعبيري فتحل جميع مشاكل الحياة.
إن المسرح في العالم الآن يتجه اتجاهاً آخر لا تبويب ولا تصنيف فبعد مدرسة العبث في الخمسينات لم نر أي ناقد أوروبي يصنف المسرح الذي تشهده أوروبا طوال هذه السنين الأخيرة أو يحاول أن يفرض علي الكتاب الحاليين أن يدرجوا تحت مدرسة أو أخري من المدارس الفنية القديمة، وإلاّ فعل النقاد أن يذكروا لنا إن استطاعوا اسم المدرسة السائدة الآن في المسرح الأوروبي ؛؛؛ فمثلا في كل المهرجانات الأوروبية والعربية هناك اتجاه لدي الأغلبية من كسر القوالب القديمة والتحرر من أسر المدرسة الواحدة ،ان طريق ومحاولة الخلاص من كل ماهو عبث وباطل واعلان الاحتجاج علي الوضع الانساني والبعيد عن اي بارقة امل وكذلك القيود التي يفرضهاالمجتمع علي الفرد، ربما تكون النظرة التشاؤمية لكل كتاب الدراما المحدثين مثل الكاتب النرويجي يان فوسيه ،والكاتبة البريطانية سارة كان، الكاتب السويدي لارس نورين كلهم يركزون علي مظاهر الاضطهاد المتوارث عبر الحياة الانسانية نتيجة تمرد الابن علي الاب وتمرده علي المجتمع . هناك علاقة مابين كتاب المسرح الطليعي وكل الكتاب المعاصرين من خلال القواعد الدرامية التي وضعها انتونان ارتو والفريد جاري. مع الالتزام بالقواعد الثابتة في المسرح يمثل الآن إحدي صفات الحداثة في الفن المعاصر في العالم

ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي