الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد في منظورين : الجفاء والوفاء

حسب الله يحيى

2009 / 4 / 3
الادب والفن



من العجيب والغريب في حياتنا الثقافية أن اسماع مثقفينا ليس بوسعها الأصغاء الا الى صدى اصواتها هي اولاً ، ومن ثم الى من يعزز هذا الصدى ويؤكده ويرسخه .. وان كان نفاقاً ، وان كان كذباً ، وان كان زائفاً..
والاعجب والاكثر غرابة من ذلك كله ، ان الوعي النابه من الناس ، يملك ثقة بنفسه وبما يكتب وبمن يسدد اليه اخطاؤه وينبهه الى عثراته .
فالمرء .. يعطي بقدر مايملك ويعرف ويدرك ويعي .. ولسواه رؤى اخر ، قد تلتقي او تختلف معه ، لكنها في جميع الاحوال ، يفترض الوقوف عندها ومراجعتها والعمل على معرفة مقاصدها واهدافها ومصداقيتها .
نعم .. هناك من يلغي ويسيء ويرفض ويعدم وجود الاشياء كلها ..
فليكن كل هذا ، ليكن ، شرط ان يبرهن ويحدد ويكشف عن مكامن الخلل ، وعن سبب الغاء مشروع ومحو حضور وهو موقف لايختلف ابداً عن الوجه الاخر الذي يمجد ويباهي ويحتفل بمشروع ثقافي او مادي معين .. شرط ان يجيب عن سر هذا البهاء ، وعن الق هذا المشروع .
المشكلة تكمن اذن في متلق ( مثقف) يعد نفسه محصناً من الاخطاء والسلبيات ، وماسواه الا عدو لدود ، ومشعل حرائق يفترض ان يلقى في قلب النيران التي اشعلها .. وفي احسن الاحوال .. يرى هذا الجمع من (المثقفين ) ضرورة ان ينظر الى النقد والنقاد من زاوية التجاهل والاغفال والأهمال .. وطي ماكتب وماقبل وماورد هنا .. في موقع الكتروني او صحيفة يساء النظر الى صوت الحقيقة الوارد فيها .
النقد .. رجاء ينشد الكمال والافضل والاغنى والاعمق .
النقد .. حوار مع الآخر ،وجسر ذهني مع من نبادله نسمة هواء ، وابجدية حروف .
انه ليس قطيعة ولاخلافا ولاجفاء ولانداً ولاخصماً ولاثأراً .
النقد .. حقيقة ماادرك ، وذلك حقيقة ماتدرك .. وادراك كل واحد منا ملك صاحبه، وله أن يباهي نفسه به ، وله أن يتأمل فيه ويراجعه ، وله كذلك أن لايأخذ به وأن يسدل الستار عليه ..
هذا هو رجاء النقد وحريته ووجوده ، وبغير هذا الفضاء المتاح ؛ ليس بوسعنا أن نفكر ونناقش ونضيف أو يضاف لنا .
من هنا نرى أن دائرة الجفاء ، تبدأ من جهل مطبق للعملية النقدية ، ومن غياب تام لمفهوم التربية النقدية المنفتحة التي نأمل ونمني انفسنا ونحن من نزعم ونطالب ونضحي من اجل حرية الكلمة .. فلماذا يتم اغتيال الكلمة في السر والعلن ، ولماذا يقف حراس الرقابة ويطلقون النار على الكلمة أو يعتقلونها في افضل الاحوال ؟ !
من العجب أن يحدث هذا في الاوساط الثقافية ، استثناء من الاوساط الاخرى التي قد تسوغ لنفسها الاسباب والنوايا الخفية .. وماهي في حقيقة الامر تملك نطفة من نية ، ولاخطى في الخفاء .
العلن .. سيد الاشياء وشمسها .. لذلك عد الخفاء قمراً تستره ظلمة الليل وهو يسرق نوره من بهاء الشمس .
فهل يريد الجفاء ان يمسك باللعنة حتى تصبح طلقة ، وبالسيف وهو في قمة الصدأ .. حتى يدمي ويلوث ويثير ويندد ؟
النقد .. لايشتم ولايسيء ولايتعامل مع مفردة ( الجفاء) أبداً ..
النقد ، صديق حميمي ، ومخلص بكامل النقاء .. وهو يمعن ويبصر ويحكم ويحتكم الى موازين مايعرف ، لا الى ظلم من لايعرف للعدل سبيلا .
النقد .. بصيرة نزيهة ، ومهمتها الأساس أن ترى الأشياء بعيونها لابعيون سواها .. فيما سواها يريد ان تبصر الامور كلها بعيونها هي وليس بعيون احد سواها .. وهذا هو الخطأ والعجب والغرابة معاً .. وهذه هي القطيعة بين من يهتم برؤاي ، ومن يريدني أن أهمل رؤاي وأرى برؤى غيري حتى اكون صديقاً زائفاً ، ومرشداً الى طريق محفوف بالعقبات والمصدات.
من هنا .. نحن بحاجة الى تربية نقدية حقيقية ، والى منظور جديد ، يرى في الآخر ، ماقد لايراه في نفسه .. ولايأخذ به الظن أنه بديل ، فلا بديل عن الباطل سوى الحق ، ولاسبيل الى النجاح الا الانتباه والنظر للاشياء بعيون متسعة بعيداً عن التأويلات الفجة ، والجفاء الغفل والنتائج المرة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذي الاديب الكبير والعلم المعروف المحترم
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 4 / 3 - 11:49 )
ارق التحايا الى نصك حول النقد ولا ادري من يستطيع ان يختلف حول مضمونه.. لكن السؤال هل يوجد الناقد الذي يخضع الى التربية النقدية التي اشرت اليها... هناك بعض المثقفين يمارسون النقد من هوية اخرى... اولا كون النص يأخذ قيمته الادبية من كونه انتاجا لعلم معروف.. وهتا لا يستطيع الناقد ينظر الى مضمون وشكل النص ولكنه سرعان ما يقع في فخ الشخص ثم ان هناك اتفاقات تسود بين من يتناول البحث والكتابة.. بغض النظر عن قيمة النص.. الا ترى يا استاذي الكبير مادام هذا الموروث يتحكم فينا فكيف نصل برأيك الى التربية النقدية؟؟ ثم نجد احيانا ان الناقد ايضا يطبق المعاير القديمة وهي اولا كشف اخفاقات النص هنا وهناك اما اذا وجد قطرة مميزة في نص شعري فهو لا يعيرها اية اهمية علما بان هذه القطرة اضافة مميزة.. ثم نظرته المعيارية في التقييم النقدي اراها هي الاخرى مازالت تراوح فوق فوق سقط اللوى وحومل... وختاما ما تفضلت به ايها الاديب الكبير اجده نصا ينبغي التوقف عتده
مع مودتي

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان