الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعتذار لحقيبة دبلوماسية - المذكرة الخامسة

نبيل قرياقوس

2009 / 4 / 4
سيرة ذاتية


حدثني احد اليابانيين عام 1986 في مدينة اوساكا موضحا لي ان بلاده تفتقد لاهم ثلاثة شروط لاسس قيام صناعة متطورة ناجحة مربحة الا وهي : المواد الاولية والطاقة والقرب من مراكز التسويق ، فلا حديد ولا نفط في اليابان المعزولة في بحر كبير ، ورغم ذلك فان الدماغ الياباني استطاع ان يحجم تأثير تلك الشروط بتفعيل طاقة تفكير وتخطيط اداري وعلمي لم تجعل اليابان بلدا صناعيا حسب انما جعلتها من كبريات الدول المصدرة ومصنوعاتها مفضلة في كل دول العالم . اوساكا هي ثاني المدن اهمية بعد طوكيو العاصمة ، نفوسها كانت حينها قرابة الخمسة ملايين نسمة يعتنق اغلبيتهم ( كحال بقية اليابانيين ) الديانة البوذية وهي الاكثر نسبة بين سكان الارض . اوساكا هي العاصمة الصناعية لليابان لكثرة المعامل والشركات الصناعية فيها ، اما بناؤها ومعمارها فلا يقل كثيرا عن جمال وروعة بناء طوكيو ، يكفي ان اتذكر عشرات أسواق كبيرة كنت انزل اليها وهي في الطابق الثاني تحت الارض ، هذه الارض التي هي جزيرة تحيطها المياه من كل الجهات وتزورها الزلازل المجهولة الاتجاهات والاوقات .
رجعت وزملائي من حفلة الاستقبال الساهرة التي اقامتها لنا الشركة المضيفة ونزلنا من سيارة الاجرة ( التكسي ) في شارع قريب على فندقنا لكي نمتع انظارنا باشكال الزينة والانارة التي تتحلى بها الشوارع والمحلات والاسواق ليلا ، وبينما واصل زملائي السير توقفت عند حفارة كانت تعمل في احد الشوارع الفرعية يحيط بها اربعة من العمال اليابانيين ، وددت فضولا معرفة ما يقومون به ، وكعادتي السيئة دائما اخرجت علبة سكائري ناويا التدخين ، منعني احد العمال الواقفين ناطقا كلمات لغة بدت لي يابانية ولم افهم منها الا كلمة ( غاز ) ، عرفت ان الغاز السائل لا يوزع في اوساكا بالقناني المعدنية وانما بانابيب تحت سطح الارض ( رغم الهزات الارضية ) ليصل لكل المستهلكين ، وقد اختارت الشركة ذات العلاقة اجراء صيانة احد انابيب الغاز وقت منتصف الليل لتخفيف التأثير على حركة الشارع اضافة لضرورات الامان .

وصلت فندقي ، وجدت أحد زملائي وهو يندب حظه الذي جعله ينسى حقيبته الدبلوماسية في سيارة الاجرة التي اوصلتنا قرب الفندق . وثيقة جواز السفر ، نقوده التي تقارب الف وخمسمائة دولار ، كتلوكات الشركة اليابانية هي كل محتويات حقيبته المفقودة .

لم ينم صاحبنا ليلتها متنقلا بين غرفنا شكيا لنا همه بينما كنا نحن نتابع اخر اخبار التلفاز عن الهزة الارضية التي طالت احدى مدن اليابان ذلك اليوم .
حل الصباح ، توجهنا الى مقر الشركة بعد ان لم نجد اي أثر للحفرة التي حفرت ليلا لصيانة انابيب الغازعدا وجود اختلاف طفيف بين لوني مادة التبليط الجديدة عن القديمة .
استقبلنا المسؤول الاداري بابتسامة لم نعهدها عليه ،سائلا زميلنا صاحب الحقيبة المفقودة :

ــ سيد ( خميس ) هل فقدت حقيبتك أمس ؟
ــ نعم ، كيف علمت ؟

ــ تعتذر الشركة الخاصة بالنقل والتي ينتسب اليها سائق السيارة التي استأجرتها أمس لكونها أضطرت مجبرة لفتح الحقيبة الدبلوماسية لكي تسهل عملية الوصول الى صاحبها لاعادتها له ، وقد اتصلت شركة النقل بنا وقامت بارسال حقيبتك الينا بعد ان تأكدت من وجودك في ضيافتنا .
في حال حالم مندهش استعاد ( خميس ) حقيبته الدبلوماسية بمحتوياتها الكاملة دون نقص .
لامتداد الرحلة في اليابان نوادر طريفة قد لا تصدق ساحكيها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران