الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة ايام في ايران..(2)

غسان سالم

2009 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ايران تنطلق بلبوس اسود تنبض تحت طياته الروح الامبراطورية
استطاعت ايران ان تجعل المذهب الشيعي وسيلة للقومية الفارسية، على الرغم من تنوع الاعراق فيها والشعوب، مع ذلك تسيطر اللغة الفارسية على مفاصل الحياة الثقافية، و تسود في جميع اركان الدولة التي يفترض ان تكون للجميع، لانها دولة الحق والعدالة الارضية المنتظرة للمخلص، ليحكم بعدالة السماء!.
بشكل عام تجد القومية الفارسية سائدة ومدعومة من قبل ساسة ايران ورجالات دينها المهيمنين على اجهزة الدولة، تقول الاحصائيات بان الفرس يشكلون اقل من 50% من سكان الجمهورية او ربما اكثر بقليل، ومع ذلك تسيطر القومية الفارسية على الجمهورية، وعلى البقية ان يكونوا في الهامش، تلك البقية المكونة من الاذريين (من المجموعة اللغوية التركية) ونسبتهم 25% من السكان، والـ(25%) الباقية من الاكراد والبلوش والعرب واخرين.
رغما من كون ايران عرضة لمخاطر الانقسام بسبب تعدد الاعراق فيها الا انها استطاعت ان تكون لاعبا قويا في الشرق الاوسط ويتوسع نطاق نفوذها بشكل متزايد وملحوظ، وخاصة انها تسعى لامتلاك القنبلة النووية، وترى ايران من خلال ما تمتلكه من ارث حضاري انها مؤهلة للقيام بدور اكبر ليس فقط في الشرق الاوسط بل حتى في اسيا الوسطى ، جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، الاسلامية منها بالتحديد.
يقول (بريجنسكي) مستشار الامن القومي الامريكي الاسبق في كتابه (رقعة الشطرنج الكبرى) "مازالت تطلعات ايران لحد الان في مرحلة الفوضى(......) فالامبراطورية الفارسية تعود الى ماض ابعد من الذاكرة وكانت تشمل في فترة ازدهارها حوالي 500 ق. م. المناطق التي تشغلها حاليا الدول القفقاسية الثلاث تركمانستان، واوزبكستان. وطاجكستان، بالاضافة الى افغانستان وتركيا والعراق وسوريا ولبنان واسرائيل (......) ان المصلحة الدينية الايرانية تشمل جميع سكان المنطقة من المسلمين –حتى داخل روسيا نفسها- والواقع ان احياء الاسلام في اسيا الوسطى قد اصبح جزءا حيويا من تطلعات حكام ايران الحاليين".
وهم يسعون لاعادة امجاد امبراطورية اضاءت وانطفأت، والتي كانت النار رمزها المقدس، والافستا وهجها المستديم، لكنها الان تسعى لان تنطلق بلبوس اسود تنبض تحت طياته الروح الامبراطورية، وهي تمتد –او تسعى- لمحيطها الذي تعتبره محيطا استراتيجيا لا يمكن التنازل عنه.

جنة الزهراء.. حديقة الاموات
مازال النظام في ايران يسوق الموت، ويستثمره بشكل عجيب، ويعيش بين جنباته كما يعيش المتصوفة مع قبور اوليائهم، ويتنسكون بها، فشواهد القبور في كل مكان، وتتعاظم تلك (الشواهد) لارتباطها بالاحداث الكبرى التي عصفت بدولة (ولاية الفقيه)، قبور (شهداء) الثورة، الحرب العراقية الايرانية، احداث مكة في 1987..، والمسيرة مستمرة الى ان ياتي مخلص الزمان والمكان..
للموت حضور طاغ في دولة (ولاية الفقيه)، فهذه الدولة تعيش مع (شهداء) ثورتها الاسلامية وما بين قبورهم المخلدة في حديقة (جنة الزهراء) الواقعة جنوب طهران، والتي كانت اولى محطات زيارتنا، بحسب الجدول الموضوع من قبل اصحاب الدعوة في مؤسسة (همت) الثقافية.
عند مدخلها وضعت جدارية يظهر فيها (الخميني) وهو يحيي الجماهير وفي اطراف الجدارية ورود وازهار يتوسطها ثلاثة عصافير ترمز للجنة، ويرتفع احدها عن الاخر، ربما للاشارة الى مراتب الساكنين في الجنة، الحديقة كبيرة وواسعة وتنتشر فيها صور (الشهداء) الموثقة بشكل يثير الاستغراب، لكل حادثة من حوادث جمهورية ايران الاسلامية حضور في حديقة الاموات تلك.
اعداد الذين نذروا اجسادهم، اسمائهم، صور الغائبين، نصب تذكارية، نصب حربية، كلها موزعة بطريقة عشوائية وتظهر هكذا للقادم لاول وهلة، لكنها صممت بنسق مخفي، جدران عالية وضعت عليها اسماء (الشهداء)، ولكل سنة شهداؤها، الداخل الذي يسير بين هذا الكم من الضحايا، يعتقد بان ثمة عجلة كبيرة تسحق الشباب الايراني، تجرهم لنهاية يأملون بعدها الخلاص!.
كما زرنا متحفا خاصا يوثق للحرب العراقية الايرانية، في احد شوارع طهران غير البعيد عن فندق (هويزة)، يحتوي على صور وافلام وثائقية للحرب العراقية الايرانية تمجد تلك الحرب وتجعل الذاكرة الايرانية تعيش بإستمرار مع تلك الاحداث الاليمة.
المتحف الذي زرناه عرض فيه فلم يظهر النساء الثكلى وهن يحتضن جماجم وبقايا عظام بطريقة غريبة، اثارت فيّ الفزع والخوف من رهبة المشهد الذي يسوقه النظام للاجيال التي لم تعاصر الحرب ويجعل الموت ذلك الموت الفضيع والمجاني حاضراً بقوة امام هذه الاجيال.
لم تتجاوز ايران حروبها وتعيش مع احداثها في كل يوم وتجعل من تلك الاحداث تتكرر في ذاكرة الاجيال الجديدة، وتستثمرها لخلق روح مستمرة للمواجهة مع التحديات الدولية التي تمر بها ايران، التي تعد سببا لاستمرار (الثورة) ونظام الحكم، الذي سينهار لا محالة لانه نتاج مرحلة غير طبيعية، وما يجعل عمره يزداد هو الاستمرار بخلق مواجهات جديدة مع الغرب، الغرب الذي لم يعِ ذلك بعد، فأيران المتوحدة مع ذاتها وتاريخها الامبراطوري، الذي تريد ان تحييه تحت غطاء الثورة الدينية غير قادرة على الاستمرار وهي تضطهد شعوبها الراغبة بالانعتاق.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البون الشاسع بين النظام والشعب الأيرانى
أحمد السعد ( 2009 / 4 / 4 - 21:13 )
أنا زرت أيران الصيف الماضى وركزت على الناس ، كيف يفكرون وكيف يعيشون ، كم هى نسبة الأيرانيين الذين يمارسون الصلاة وأكتشفت حقائق كثيره أهمها أن الشعب الأيرانى مثل بقية شعوب الأرض محب للحياة وهو يعشق الموسيقى والجمال والطبيعه ميال الى حياة الحريه والتمدن والتحرر ، ميال الى التكنلوجيا والمعرفة لذلك يعمد الكثير من الأيرانيون الى أقتناء أجهزة الستلايت ويخفونها عن الأنظار ، عندما تستقل سيارة تاكسى تسمع موسيقى من جهاز التسجيل ولا تسمع( قرايات) أو قرآن ولا ترى مواكب اللطم ، الأيرانيون يعتزون بتراثهم القومى لذلك يهتمون بتراثهم الثقافى ولقد زرت أضرحة الشعراء (سعدى)و (حافظ) فى شيراز وضريح (عمر الخيام) و (عطار) فى نيسابور وأعجبت بالأهتمام الذى يولونه لتراثهم وتاريخهم فقد أقاموا حدائق غناء حول الأضرحة وجعلوها متنزهات جميله.أعتقد مثلك تماما أن عمر النظام قصير وهو كأى نظام شمولى تغيب الأنسان الفرد ولغى شخصيته ويقمع تطلعاته وخياراته . النظام يستند الى قاعده أقتصاديه متينه فأيران بلد غنى كثير الموارد رغم أن توزيع الثروات والعمران والخدمات محصور على المناطق ذات الأكثرية الفارسيه بينما وجدت أحياء فى الأهواز وعبادان بائسه ومتخلفه.
أشكرك على أختيارك هذا الموضوع وتقبل تحياتى

اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح