الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمشون في العراق

سميرة مراد

2004 / 4 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


(( طرق الباب ، لم يكن عودة لاخي من الجبهة ، لقد كانت مفرزة امنية لترمينا خلف القضبان )).
حينها ادركت بأننا الكورد الفيليين علينا واجبات المواطنة رغم الغاء مواطنتنا من قبل الانظمة الشوفينية المتعاقبة على حكم العراق ، وكان الغاء المواطنة والجنسية العراقية كونها رابطة قانونية سياسية وروحية ونفعية بحق الكورد الفيليين مناقضا لكل القوانين الدولية حيث نصت لائحة حقوق الانسان عام 1948 بمادتها المرقمة 6 ( لكل انسان اينما وجد الحق في ان يعترف بشخصيته القانونية ) ( وهذه الشخصية القانونية لامعنى لها بدون الجنسية التي تعتبر اساسا في تحديد هذه الشخصية ولايجوز تجريده منها وجعله بلا مواطنة ) هذا اضافة الى القوانين التي وقعتها الحكومة العراقية اثناء تشكلها بعد انسلاخها عن الدولة العثمانية، فمن الناحية القانونية ووفق المواد 30 و36 من اتفاقية لوزان المبرمة في 24/7/1923 بين الحلفاء وتركيا كونها وريثة الدولة العثمانية بعد هزيمتها الحرب العالمية الاولى ، يعتبر كل المواطنين الساكنين في العراق في6 اب 1924 عراقيون بدلالة المادتين اعلاه (ان الرعايا المقيمين عادة في اقليم منسلخ عن تركيا بموجب هذه المعاهدة يصبحون رعايا الدولة التي تنتقل اليها تلك الارض ) واصبح هذا القرار نافذ المفعول في 6 اب 1924 وهو يوم اعتراف تركيا بالعراق.
اما تشويه مفهوم التبعية العثمانية واعطاءها مفهوما قوميا فأنه يتنافى مع الحقائق التاريخية حيث كانت الدولة العثمانية لها مفهومها الديني لموضوعة المواطنة والجنسية باعتبار كل مسلم من سكنة حدود تلك الدولة المترامية الاطراف والمتعددة القوميات عثمانيا ، اي ان التبعية العثمانية ليست مرتبطة بالشأن العراقي او العربي فكان تبعية الكورد والعرب والتركمان والبلغار والالبان عثمانية اثناء السيطرة العثمانية على اراضي تلك الشعوب .
اما موضوع التبعية العثمانية والايرانية والذي كان شائعا في العراق فأن بعض العراقيين من العرب والكورد الفيليين قد اختاروا التبعية الايرانية لعوامل مذهبية واسباب يتعلق بالتخلص من الخدمة في الجيش العثماني الذي كان بحدود 25 عاما، اضافة الى تداخل العوامل القومية والتاريخية وتشابكها مع ايران وخير مثال على ذلك مدينة زهاب الكوردية والتي تقع في الجانب الايراني حيث كانت تابعيتها للباشوية في بغداد من القرن 16 ولغاية القرن 19 وهو فترة السيطرة العثمانية على المنطقة ، وهناك موضوع يجب التطرق اليه وهو ان تبعية العراق للدولة الصفوية ( الايرانية) كانت اسبق من تبعيتها للدولة العثمانية،وهذا يؤدي الى اعتبار العراقيين من التبعية الايرانية حق الاسبقية في المواطنة اذا ما تم استخدام نفس الاساليب والمفاهيم الشوفينية الذي استخدمها النظام السابق ووصل به الامر الى الحط من احد مكونات الشعب العراقي حينما تصدرت الصفحات الاولى من جريدة الثورة خبرا تحت عنوان حملة على الحيوانات السائبة ( من يمسك كلبا سائبا يمنح نصف دينار والقط بنصف دينار والايراني ب بلاش) .
ويبقى السؤال المطروح عن الاسباب الحقيقية لحملات التهجير المأساوية بحق ما يزيد عن نصف مليون فيلي وتصفية ما يزيد عن 10000 شاب ؟
والتي تتمثل بالنقاط التالية :-
1-العامل الاجتماعي المتمثل بالتركيبة الطبقية للفيليين حيث يمثل الكادحين والطبقة التجارية اغلبية هذه الشريحة وهذان العاملان ادى الى ارتباطهم باليسار العراقي والحركة التحررية الكوردية واللذان كانا يمثلان اعداء استراتيجيين للفاشية المقبورة
2- العامل السياسي:- ان ارتباط الكورد الفيليين باليسار العراقي بل و تمثيلهم للعراقيين في مقاومتهم البطولية لمدة 4 ايام في حي الاكراد(شارع الكفاح وباب الشيخ) بعد الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963 كانت عالقة في اذهان الطغمة الحاكمة والذي عاد الى الحكم في 17-30 تموز 1968 .
3- العامل القومي :- باعتبار الفيليين كوردا بل تواجدهم في المركز واعتبارهم الخط الدفاعي الاول من قبل الحركة التحررية الكوردية واعتبارهم الخط الهجومي الاول على الكورد من قبل الشوفينيين السابقين واللاحقين جعلهم الهدف الاول في قمع الكورد وحركتهم التحررية .
4- العامل المذهبي :- وذلك لارتباط الكورد الفيليين بمذهب ال البيت والذي كان مضطهدا عبرتاريخ العراق القديم والحديث حيث بدأ النظام السابق حملته ضد الفيليين باعتبارهم الحلقة الاضعف والاقرب في سياسةالاضطهاد المذهبي المقيت ومن المواقف الذي مازال الفيليين يبحثون عن تبريراته هو وقوف بعض الاطراف السياسية من نفس المذهب ضد التمثيل الفيلي في مجلس الحكم المؤقت
5-العامل الاقتصادي :- ان المركز الاقتصادي الكبير للكورد الفيليين كان ينافس الطبقة التجارية التي نشأت بقرارت سياسية طائفية ومناطقية للنظام المقبور وخاصة ان رأس المال المتمركز بيد الفيليين كان له توجهات وطنية وتحررية لذا كان لابد من ازاحتهم لهيكلة التركيب الاجتماعي الجديد والمتخذ اشد الاشكال نهبا وتخلفا وارتباطا بالنظام السياسي القمعي .
ان معاناة الفيليين في نيسان وما تلاها من سنوات مرة في تاريخ هذه الشريحة والذي ارتبط بالتهجير والمصادرة والغاء المواطنة قد يكون سببا في تذكير الاخرين بمعاناة هذه الشريحة بغية اعادة حقوقها المشروعة بدل من دغدغة عواطفها المذهبية والقومية في صراع التوازنات السياسية في العراق
سميرة مراد
ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة