الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل تخاف من فعنونو حرا

هداس لهب

2004 / 4 / 8
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


"جريمة" فعنونو في نظر اسرائيل لم تكن امنية بقدر ما كانت سياسية، اذ تخشى اسرائيل ان يؤدي تحريره المفترض قريبا، الى اثارة الضغوطات من جديد في مسألة تسلحها النووي؛ وقد انكشف ان الموساد فكر في اغتيال فعنونو، قبل ان يقرر اختطافه بعد افشائه اسرار اسرائيل النووية؛ المفارقة ان كل القوة الذرية الاسرائيلية، لا تحميها من غضب الشعب الفلسطيني المحتل.



هداس لهب

"شبح فعنونو" عاد ليزعزع المجتمع الاسرائيلي، مع اقتراب تاريخ 21 نيسان (ابريل). ففي هذا الموعد ستنتهي محكومية مردخاي فعنونو، الموظف في مجال التقنيات بمفاعل ديمونا النووي، والذي كشف للعالم اسرار امتلاك اسرائيل للقنبلة النووية. المقابلة التي اعطاها للصحيفة اللندنية "صاندي تايمز"، نشرت هذه المعلومات للمرة الاولى في تشرين اول (اكتوبر) عام 1986. ولكن قبل نشر المقال بفترة قصيرة، قامت المخابرات الاسرائيلية باختطاف فعنونو ونقله سرا الى اسرائيل.

اطلاق سراح فعنونو بعد قضائه 18 عاما في السجن الاسرائيلي، اثار عاصفة في الجهاز السياسي والامني. وحتى الآن لا يعرف داعموه الكثر إن كان سيحظى بالحرية خارج الاسوار، او ان مضايقات ستفرض عليه في حال تقرر اطلاق سراحه. جهاز الامن يطالب بسجنه اداريا، غير ان الموقف الحاسم كان للمستشار القانوني للحكومة، مني مازوز، الذي عارض فكرة الاعتقال الاداري.

في مقال بيديعوت احرونوت (1 شباط) بعنوان "قنبلة اسمها فعنونو" نادى الصحافي ايتان هابر الحكومة الى فرض المراقبة على الاسير المحرر، وذلك على مدى 24 ساعة يوميا، ومنع خروجه من البلاد، واضاف: "قد يصرخ العالم؟ قد تنتقد مؤسسات حقوق الانسان اسرائيل؟ لا يهم – ليس امامنا خيار آخر". وذهب الصحافي دان مرغليت الى ابعد من ذلك. فبعد ان اتهم فعنونو بالحاق الضرر ب"اركان الوجود اليهودي"، دعا سلطات الامن ان توضّح لفعنونو انه اذا فتح فمه بعد اطلاق سراحه، فانه "سيتحمل المسؤولية عن حياته". (معاريف، 17 شباط)

في برنامج بالقناة العاشرة الاسرائيلية، مطلع شباط، اعترف الرئيس السابق للاستخبارات الاسرائيلي (الموساد)، شبتاي شافيط، الذي كان المسؤول عن اختطاف فعنونو، بان الموساد فكر في امكانية اغتيال فعنونو، قبل اتخاذ القرار بخطفه. في رده على سؤال المذيع لماذا لم يتم اغتياله في النهاية، قال شافيط: "اليهود لا يفعلون ذلك باليهود". ولكن رحمة الاستخبارات لم تحم فعنونو، كما يبدو من التعذيب ومن حرمانه من الحقوق الاساسية.



دون حقوق

محكمة فعنونو اجريت خلف ابواب موصدة، بعد ان تم انكار وجوده في اسرائيل على مدى شهور. حقيقة مصيره انجلت في اليوم الذي كان عليه المثول امام المحكمة، فقد الصق راحة يده بنافذة سيارة الشرطة، وقد خط عليها العبارة التالية: "اختطفت في روما 30-9-1986". منذ ذلك الحين تحولت راحة اليد على نافذة السيارة، رمزا للنضال ضد كم الافواه وقمع الحريات.

من مدة محكوميته قضى اسير الضمير 11.5 عاما في السجن الانفرادي، وفي وضع من العزل التام عن سائر السجناء. كاميرا سرية كانت تراقب تحركاته 24 ساعة يوميا، وسلط ضوء دائم في غرفة ضيقة لا مخرج منها. واحتاج الامر الى ضغط عالمي مكثف على اسرائيل، الى ان وضع حد لهذه الممارسات.

ولكن الاعوام ال18 لم تمكّن اسرائيل من إركاع فعنونو او كسر معنوياته. في حديث مع اخويه، قال مؤخرا: "انتصرت. الابواب والاقفال ستفتح. لم يتمكنوا من كسرنا خلال كل هذه السنوات. لم يستطيعوا ان يفقدوني صوابي". فعنونو انكر نيته الحاق اضرار بامن الدولة، وقال: "الادعاءات بان في حوزتي اسرارا اضافية، هي ادعاءات كاذبة ومجرد حجة واهية. انهم يعرفون تماما ان كل ما كنت اعرفه نشرته في حينه... اريد ان اعيش حياتي خارج اسرائيل كانسان حر. من حقي ان اعبر عن رأيي، مثل كل انسان، ضد السلاح النووي في العالم وفي اسرائيل". (هآرتس، 26 شباط)

ولو كان مردخاي فعنونو، ضابطا في الجيش، او كانت له علاقات شخصية مع رؤساء الحكومة او اصحاب رؤوس المال، لو كان مجرد مجرم يبيع المعلومات لتجار مخدرات، ربما لما كان ليتحول الى غول تنبذه اسرائيل. لكن خلافا لتننباوم فان فعنونو ينتمي لعائلة فقيرة قدمت الى اسرائيل من المغرب عام 1963. نقله المعلومات للصحيفة اللندنية، جاء من منطلق مبدئي وليس تجاري. وفوق ذلك قام فعنونو بعد تركه اسرائيل عام 1986 باعتناق الدين المسيحي، الامر الذي يعتبر في القاموس الاسرائيلي انشقاق عن "القبيلة".



اسرائيل والمسألة النووية

لماذا يواصل اسم فعنونو دب الرعب في قلوب الاسرائيليين، مع انه لا يملك اسرارا اخرى؟ الصحافي دان مرغليت يقدم في مقاله المذكور جزءا من التفسير: "اذا قدم فعنونو اعترافا حول ما يحدث في ديمونا، فقد يشعل ذلك الحصار حول اسرائيل، ويجبر الولايات المتحدة على فرض العقوبات عليها.

"في عام 1969 توصلت الدولتان الى تفاهم، حسبه لا تقوم اسرائيل بتجربة سلاحها النووي ولن تعترف بوجوده، وامريكا من طرفها لن تبحث ولن تسأل. وطالما بقيت اسرائيل على سياسة الغموض النووي، فانها تعفي امريكا من اتخاذ خطوات ضدها. اما اذا اعلنت اسرائيل عن محتوى مخازنها، فستصعب على واشنطن وحتى وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، امكانية ايجاد التبرير للسماح لها بمواصلة نشاطها النووي في ديمونا".

عكيفا اور، من ادارة "اللجنة الاسرائيلية للتضامن مع فعنونو ومن اجل شرق اوسط نظيف من السلاح النووي والكيماوي والبيولوجي"، قال للصبّار: "اسرائيل رفضت التوقيع على الميثاق الدولي لمنع انتشار السلاح النووي، وهي ليس خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما يحتّم القانون الدولي. هذا الوضع يخلق مشكلة للولايات المتحدة، فهي ملزمة بتعديل دستوري تم اعتماده في الكونغرس الامريكي عام 1976 (تعديل "سيمنغطون")، والذي يمنع تقديم المساعدات لدولة ترفض اخضاع منشآتها النووية لرقابة المؤسسات الدولية".

ويبدو اذن ان "جريمة" فعنونو ليست امنية بقدر ما هي سياسية. فهو من جهة خرج عن الاجماع الاسرائيلي الذي يزعم ان من حق اسرائيل احتكار السلاح النووي، خلافا لكل القوانين الدولية. ثم مزق الستار عن الموضوع الذي يعتبر الضمان المطلق لوجودهم في امان بالشرق الاوسط.

المفارقة في الموضوع ان الخطر الحقيقي على سكان اسرائيل ليس تهديدا نوويا من بيئة معادية كما تزعم اسرائيل. بل ليست هناك اسلحة نووية قادرة على مواجهة المنتحرين الفلسطينيين والغضب المتنامي تحت اشتداد وطأة الاحتلال. ان امن اسرائيل غير متعلق بعدد "الكرات الخطرة" التي تُصنع في ديمونا، بل بامكانية ايجاد صيغة للعيش مع الشعب الفلسطيني جنبا الى جنب بكرامة.


* لمزيد من المعلومات عن مردخاي فعنونو انظر www.vanunu.freeserve.co.uk





أنا جاسوسُكَ

مردخاي فعنونو

كتب فعنونو قصيدته من المعتقل عام 1987، قبل بدء محاكمته، ونُشرت في ملصق اصدرته لجنة التضامن معه. ترجمها عن العبرية للصبّار، علاء حليحل.



أنا الموظفُ، التقنيّ، الميكانيكيّ، السائقُ،

قالوا لي: إفعلْ كذا وكذا.

لا تتطلعْ يمنةً ولا يسرةً، لا تنظرْ في ورقةٍ.

لا تنظرْ إلى كلِّ الماكنةِ. بُرغيٌ واحدٌ –لا غيرَ- في مسؤوليِّتِكَ.

خِتمٌ واحدٌ في مسؤوليتِكَ

شأنٌ واحدٌ يهمّكَ

لا تنحشرْ في شؤونٍ من يكبرونكَ.

لا تفكر بدلاً عنّا.

سافرْ.

سافرْ أبعَدَ،

أبعَدَ وأبعَدَ.



ظنّ الكبارُ، الأذكياءُ، العالمون بالغدِ:

لا ضيْرَ، لا خوفَ. الكلُّ يعملُ، يشتغلُ.

موظفنا الصغيرُ عاملٌ مُجتهدٌ.

تقنيّ بسيط، وصغيرٌ هوَ.

مثلَ كلِّ الموظفين الصِّغار:

آذانٌ لهم ولا يسمعونْ،

عيونٌ لهم ولا يُبصرونْ.

الرأس لنا، لا للصّاغرينْ.



أجابهم، تفكّر مع نفسِه، المواطنُ الصغيرُ.

الرّجُلُ ذو الرّأس، ورأسُه ليسَ بالصّغير.

من القائدُ هنا، من يعرفُ وجهةَ القطار؟

أين رأسُهم؛ فليَ أيضاً رأسٌ.

لِمَ أرى كلَّ الماكنةِ

لِمَ أرى الهاويةَ

هل للقطار سائقٌ؟

رفعَ المُوظفُ السّائقُ التقنيّ الميكانيكيّ رأسَه.

ابتعدَ قليلاً ورأى أيَّ وحشٍ!

غيرُ مُصدّقٍ فرَكَ عينيه ثانيةً: حقاً-

أنا على ما يُرامْ

أنا أرى وحشًا فعلاً.

أنا جزءٌ من الجهازْ؛

أنا وقّعتُ هذه الاستمارةِ.

والآنَ فقط أقرأ تتِمَّتها.

هذا البرغيُّ جزءٌ من قنبلةٍ.

هذا البرغيُّ أنا.

كيفَ لم أبصرْ وكيفَ يُواصلُ الآخرونَ شدَّ براغيهم.

من يعرفُ أيضًا، من رأى، من سَمعْ

الملك عارٍ حقًا.

ها انذا أراهُ.

لماذا أنا، فأنا لا أنفعْ.

يكبُرُني هذا الأمرُ

قمْ ونادِ.

قمْ وخبِّر هذا الشعبَ.

بوسعِكِ ذلكَ.



أنا البرغيّ، الميكانيكيّ، التقنيّ.

أنتَ كذلكَ.

أنتَ وكيلُ هذا الشعبِ السِّريُّ.

أنتَ عيونُ الدولةِ.

أيّها الوكيلُ الجاسوسُ: إكشف عمّا رأيتَ!

قلْ لنا ما يُخفيه الفاهِمون والأذكياءُ عنّا.

أنتَ ملاذنا الوحيدُ منَ الهاويةِ.

مِنَ الكارثةِ.

أنتَ وحدكَ من يجلسُ خلفَ المِقوَدِ ويرى الهاويةَ.

لا مفرَّ أمامي.

أنا صغيرٌ، مواطنٌ، وضيعٌ

ولكنني سأقوم بواجباتي.

لقد سمعتُ صوتَ ضميري.

ولا مكانَ ألوذ بهِ.

العالمُ صغيرٌ.

صغيرٌ في مقابلِ الأخِ الكبيرِ.

فأنا مبعُوثُكم.

أقومُ بمهامِي

خذُوا هذا عنّي.

تعالوا واحكُموا بأنفسِكُم.

خفّفوا عنّي الحِمْلَ.

تعالوا نتشاطرُهُ.

تمِّمُوا مُهمَّتِي.

أوقِفوا القطارْ.

إنزلوا منَ القطارْ.

الكارثةُ النوويةُ محطتّه القادمة.



الكتابُ القادمُ، الماكنة القادمة، لا-

لا شيءَ كهذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح