الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبهوا ، فان البعث قادم !

ثامر قلو

2009 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تدور هذه الايام في الساحة السياسية العراقية نقاشات غرضها تقييم امكانية عودة حزب البعث العراقي لممارسة نشاطه السياسي العلني شأنه في ذلك شأن الاحزاب العراقية الاخرى ، ومثل هذا الامر يكون مفهوما ومقبولا لدى كل عراقي يطمح لبناء التجربة الديمقراطية الحقيقية في العراق ، حتى لو كان الحزب المعني دراسة قضيته ، هو حزب البعث العربي العراقي الذي أذاق الشعب العراقي الهوان والذل والدمار ، واضاع ثروات البلاد ، وأدخل البلاد في حروب كارثية على امتداد حكمه الطويل الذي جاوز الثلاثة عقود .

قبل الخوض في شئون هذا الموضوع الحساس ، لا بد من الاعتراف بان التجربة الديمقراطية العراقية لا زالت طرية وناشئة وتعيش مخاضا يوميا شائكا لقدرة البقاء والاستمرار دون حدوث عقبات سياسية كبيرة تعرقل هذا الاستمرار ، وتنطوي أي مجازفة تفسح المجال لحزب كبير مثل حزب البعث بالعمل في الساحة السياسية العراقية على خطر كبير قد يزلزل التجربة الديمقراطية في العراق ، لا سيما أن النية لاخماد الفوضى السياسية والطائفية من قبل القوى الحاكمة والمتنفذة لا تنبلج في الافق المنظور .
قد لا يتفق كثيرون على موضوعية التقييم ، ويعتبرون نهاية صدام بعد هزيمة النظام أمام القوات الامريكية في العام 2003 ومن ثم الحكم عليه بالموت قبل سنوات عدة هي نهاية للبعث كنظام وكحزب في العراق ، وانطلاقا أيضا من الكره الذي قابله أبناء الشعب العراقي للحكم في عهد البعث الصدامي ، ولا مناص في هذه الحال من الاقرار، بأن هذه التقييمات تحمل في طياتها بعضا من الحقيقة وليس كلها .

لا يتم القضاء على حزب البعث بهذه الشاكلة في أيام العراق الكالحة ، وهي تسير على هذه الشاكلة على الاقل حتى هذه الاوقات ، ليس لاعتبار الحزب المعني وهو حزب البعث ، يحمل في ذاكرة الناس تجربة ساطعة يلوذ بمنجزاتها العراقيون ، لكن رغم قساوة التجربة البعثية على امتداد عقود ثلاثة واكثر تلك التي تعجز الاقلام عن وصف سيئاتها، يبقى لحزب البعث العراقي فرصته التأريخية القائمة للانقضاض على منجزات الشعب العراقي المستقبلية التي تتولد لدى بسط الامن وتوفير الارضية الحقيقية لممارسة التجربة الديمقراطية بكل امتداتها السليمة ، ولا تخفت أو تزول فرصتهم للانقضاض على التجربة العراقية حتى يعود السياسيون العراقيون لرشدهم ويسهمون في بناء تجربة نموذجية توفر للناس الخدمات الاساسية للحياة علاوة على توفير الامن والاستقرار وهذه المتطلبات لا تتحقق دون بناء دولة المواطن والمواطنة .

العراق في هذه المرحلة يعيش مخاضا سياسيا عسيرا في كل الاتجاهات ، ويحمل هذا المخاض فوضى سياسية واجتماعية ، لا يمكن التنبأ بمدياتها بسهولة ، لذلك تلازم حركتها السياسية ثغرات يقتضي غلقها أمام القوى الحالمة باعادة العراق الى عهود الدكتاتورية بكل صورها وأشكالها ، فحزب البعث وخصوصا التيارات الصدامية تعتبر بلا أدنى شك من القوى التي تحلم باعادة مجد سيدهم والعودة لحكم أبناء الشعب العراقي بالحديد والنار، أما للقضاء على فكر وتراث حزب البعث الفاشي سلميا لا يتم الا عبر تأسيس حكومة يلتف حولها أغلبية المواطنين العراقيين ، أو على الاقل يساندون فعالياتها ، وحينها يصبح حزب البعث،هامشيا ، ويقل شانه يوما بعد يوم ، حتى يختفي تماما من الحياة السياسية العراقية بعد أن يتم استقرار الاوضاع من كل جوانبها .

يستفحل خطر البعث على التجربة العراقية الجديدة ، كلما نعاين القوى الاخرى في الساحة السياسية ، ويكاد يكون الحزب الوحيد الذي ينتشر فكره ومناصروه في كل المدن والقصبات العراقية ، بعد خفوت جماهيرية الحزب الشيوعي العراقي في المراحل الاخيرة ، ومثل هذه الميزة تجعل قدرة القائمين عليه مستقبلا على المناورة بخدع أبناء الشعب العراقي بوطنيهم وعراقيتهم الاصيلة قائمة ونشيطة وربما مبررة أيضا ، لذلك يتقتضي من القوى السياسية العراقية جميعهم لجم أي فرصة لحزب البعث من الدخول والمشاركة في الحياة السياسية العراقية في هذه المرحلة الحساسة من تأريخ العراق العصيب خصوصا تحت مسمى حزب البعث .

للحفاظ على التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة ، يقتضي التنازل عن بعض عنفوانها ، لذلك يكون من الجرم بحق الشعب والوطن فسح المجال بأي تعديل في الدستور لاعادة مشاركة البعث في الحياة السياسية العراقية ، ولا بأس من السماح للبعثيين الذين يعارضون الفكر الشمولي ولا يوالون البعث الصدامي من المشاركة تحت مسميات اخرى غير اسم حزب البعث في المستقبل انطلاقا من الايمان بتأسيس تجربة ديمقراطية حقيقية في العراق .

ومن التجارب التي تعكس الخوف لدى الناس من امكانية عودة البعث للسلطة ، فوز يوسف الحبوبي في انتخابات محافظة كربلاء ، فمن الخطأ الجسيم اعتبار تقدمه على كل القوى الاخرى تقدما اعتباطيا ، بل أن السبب الرئيسي لنجاحه في الانتخابات هو التفاف مناصري البعث وهم فئة لهم حضورهم علاوة على الناس البسطاء الين يرون بالحبوبي حنينا لتوفير الخدمات الاساسية في عهد النظام السايق ، وليس من المعقول أن يعتبر كل الناس متضررين من النظام البعثي في عهد صدام لكي يعزفوا عن مناصرة البعثيين في أي انتخابات قادمة ، فقد يكون هناك متضررين فعليين ، لكن كثيرون يتغافلون اليوم عن تبعات سوقهم للجيش الشعبي ايام النظام السابق أمام هول الارهاب وسوء الخدمات وانعدام أي رؤى حقيقية لمستقبلهم ، وهؤلاء يستطيعون على ترجيح كفة أي حزب في أي انتخابات تجري مستقبلا ، لدى الاعتبار أن القوة الفائزة لا تحتاج أكثر من عشرين بالمئة للفوز بالمرتبة الاولى ، حيث كانت نسبة الاصوات التي فاز بها يوسف الحبوبي لا تتجاوز العشرين في المئة .

ومن التجارب المثيرة أيضا في هذا المجال ، عودة الاحزاب الشيوعية للحكم في الدول الاشتراكية بعد تغير مسمياتهم في اعقاب انهيار أنظمة الحكم الشمولية في بلدانهم ، وانشداد غالبية من الناس في تلك البلدان للعودة الى الانظمة السابقة ليس حبا في تطبيق حيثياتها وانما لفقدانهم الكثير من المنجزات في العهود الجديدة التي نشأت في اعقاب التغييرات ، مع أنه لا يجوز بالمطلق المقارنة بين الانظمة الاشتراكية في بلدان اوربا الشرقية مع النظام البعثي الصدامي في مختلف المجالات فهؤلاء عادو للحكم مجددا في العديد من البلدان الاشتراكية السابقة وصارت لهم القناعة بتجربة التداول السلمي للسلطة ، ولكن من يضمن ايمان البعثيين الصداميين بهذا النموذج حتى لو بعد حين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخوف الذي ولد التنقض
شهد حسون ( 2009 / 4 / 4 - 21:23 )
إبتداءً انا لست ببعثي ، ولكني أستغرب هذا الطرح ليس منك فقط وإنما من كل الذين يخافون على التجربة الديمقراطية في العراق ، أن كانت اللعبة الديمقراطية والإنتخابات تجلب أي بعثي الى سدة الحكم فأليس ذلك تعبيرا عن إرادة الناخبين ؟ فإذا كان الشعب يختار البعث ورموزه ثانية فما المشكلة إن كان غير الراغبين في عودته يشكلون الأقلية ولا يستطيعون التحكم في صناديق الإقتراع ؟
لكنني اطمح أن نسمح لكل الأحزاب والتيارات والأفكاربالتباري في الميدان ولندع الشعب يقول كلمته ولا نسمح لأنفسنا أن نكون قيمين على إختياراته .
تقول في البداية أن البعث من الحزاب الكبيرة ثم تنهي الإشارة اليه كونه من احزاب الفئة وتخاف أن يأتي ثانية ! .


2 - الا.......ياصحاب القرار
اياد محمد العراقي ( 2009 / 4 / 5 - 03:35 )
ان تحقق الامر فان مسؤؤلية تحققه يتحملها اصحاب القرار وسوء ادائهم وانشغالهم بانفسهم وما يدخرون فبعد ان كنا نتغنى بمقطع شعري للاستاذ كاظم الحجاج
(ياقريتنا لمي ابناءك حيثما كانوا وفي اي مكان
ياقريتنا مجد الرمانة حب الرمان)
نقول الان كان من الخطا تسليم القرار بيد انس كنا ننتظر عودتهم وصورناهم (المنقذ) الذي انتظره النواب في قصائده كثيرا واضعنا عمرنا في الانتظار واخرنا مشاريع حياتنا لحين عودته التي وللاسف لم تكن ميمونة
فرفقا بنا وبتواريخ نضالاتكم ؛ان كانت لكم تواريخ كما تدعون وكما كنا نتصور؛وكفاكم نهبا وسلبا وتضييعا لحقوق هذا الشعب المستغل الم تتعلموا من الاخطاء التي وقع فيها حزب البعث فيوم المظلوم بالف وكفاكم خطابات تسويق ودعاية لشخوصكم فقد ولى زمن عبد الله المؤمن فالسياسة ليس مجرد كلمات تتضمنها خطبكم الطنانة واعتقد ان من اقصده مشخص للجميع فهو لايدع يوما يمر الا واطل علينا بصورته الملمعة بالوارنيش وصوته الجهوري وبلاغته التي نماها بارتقائه المنابر الدينية سابقا يدعوا لله اما الان فكل دعواه لنفسه


3 - هل تعتقد
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 4 / 5 - 11:45 )
موضوعك سيدي عن بلد اخر وليس العراق ----هل تعتقد حقا ان هناك عراقيين يؤمنون بفكر حزب البعث ؟؟ ابدا سيدي فهذا الحزب الذي لا يعرف التداول السلمي للسلطه ولا يفهم الدمقراطيه لم يعرفه العراقيين بعز عنفوانه وسلطته فكانوا يطلقون على الشخص البعثي كلمة حزبي التي تدل على الانتهازيه ومرض الانا واذية الناس وكتابة التقارير وقتل الناس والتعصب الاعمى في حين يطلقون على باقي الناس المنظمين الى احزاب اخرى كلمة سياسي فبضع من الناس هم بعثيين حقا ديدنهم الوصول للسلطه باي اسلوب كان ومنه اسلوب الانقلابات العسكريه فهو طريقهم الوحيد الى ذلك امكات باقي الناس فقد انضموا لهذا الحزب بعد استيلائه على السلطه لتحقيق منافع خاصه بهم فلا تتوقع ابدا ان الدمقراطيه قد تعيد الحياة الى حزب البعث مجددا فهي ارض غير صالحه له مطلقا للعيش فيها


4 - الامم العريقة لاتنهزم
ابو العلا العباسي ( 2009 / 4 / 5 - 12:04 )
ولكن بربكم هل نحن نمتطي ناصية العراقة حقا ونحن نخاف من الغول والسعلاة وطنطل؟ لو كنت أنا صاحب قرار لفتحت الباب على مصراعيه للبعثيين ليرشحوا للانتخابات ولكن سأعلن وبالوقائع الثابتة والمسجلة جميع جرائمهم بحق الشعب العراقي وأصور كل القبور الجماعية والانفال ومكائن التعذيب وأضابير القهر وأسجل ذكرى كل انواع التعذيب والاذلال والتجويع وليأتي عزة الاحمر برتبه العسكرية التي اكتسبها بجدارة عن ابادة الشعب العراقي بكل مكوناته كي تليق ببائع الثلج هذا رتبة المارشالية وليأتي معه من أراد أن يأتي من بلاد القات ثم يعرضون على الشعب فأن رشح الشعب قتلته بعد كل هذا فلا عتب اذن والا فلا تعطوا البعثيين اكثر من حجمهم كي يتصوروا أنفسهم بأن يصبحوا غيلانا من جديد

اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث