الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الغضب الثاني في مصر

بدر الدين شنن

2009 / 4 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الشارع المصري .. المتمثل بمختلف ألوان الطيف السياسي المعارض .. هو على موعد اليوم 6 أبريل ، للقيام بيوم غضب وإضراب .. ضد النظام المصري الذي يمارس منذ ثلاثين عاماً ، منذ توقيع الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية " كامب ديفيد " مع الكيان الصهيوني تحت الرعاية الأميركية ، يمارس نهجاً منسقاً مع الصهاينة والراعي الأميركي ، نهجاً متعارضاً مع مصالح المجتمع المصري عامة والطبقات الشعبية خاصة على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. الوطنية .. والقومية .. يوم غضب وإضراب ضد المآلات التي أوصل هذا النهج البلاد إليها ، من فساد وفقر وعجز للإنسان المصري ، ومن تحجيم وتقزيم لدور الدولة المصرية الوطني ، إن في مجال الحفاظ على السيادة الوطنية وعلى قيم وثروات البلاد ، أو في مجال صون وتعزيز دور مصر الإقليمي في مواجهة الأطماع والتوسعات العدوانية الأجنبية ، وخاصة أطماع وتوسعات وعدوانية الكيان الصهيوني المغتصب لمعظم السيادة المصرية في سيناء ، والسيادة الأردنية في غور الأردن ، والمحتل للأراضي السورية في الجولان وأجزاء من لبنان ، ويهدد ويبتز بوقاحة بالمزيد من هذه الأطماع والعدوانية .. كما في لبنان عام 2006 وفي غزة عام 2009 .. وكما يخطط وصولاً لأطماعه الكبرى على مدى القوس العربي الممتد من الرباط إلى بغداد .. حيث يستخدم سطوة قوته النووية وتحالفاته الأميركية والدولية الإمبريالية كالسوط .. لدفع الثيران من الحكام العرب للجري على دروبه والاستسلام لإملاءاته .

وإذا كان من الرجاحة القول ، أنه عند قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، قد بدأت العملية الاجتماعية السياسية تأخذ قدراً من البعد وطنياً وقومياً بالنسبة للبدان العربية ، وخاصة مصر ، وذلك لكونها تشكل طرفاً ملتزماً في الصراع مع هذا الكيان دفاعاً عن الأرض العربية في حينه والأراضي المصرية لاحقاً ، فإن هذا البعد قد أخذ ، بل تمكن من أن يكرس نفسه بعداً ثابتاً في العملية الوجودية بكل مستوياتها ، بالنسبة لمصر تحديداً ، وبالنسبة لسوريا والأردن ولبنان ، وكذلك بقدر لايقل أهمية بكثير لبقية البلدان العربية .

وقد لعب النهج السياسي الاقتصادي الاجتماعي المرتبط لزوماً باتفاية " كامب ديفيد " لعب دوراً متعمداً حاسماً في خلق قوى سياسية واقتصادية واجتماعية تتضافر مصالحها مع المسالمة والمصالحة مع الكيان الصهيوني ، وذلك لضمان ا ستدامة هذه الاتفاقية وتوظيفها لصنع مثيل لها مع بلدان عربية أخرى . فكانت سياسة الانفتاح الاقتصادي ، التي أدت إلى الخصخصة وتحرير السوق من الرقابة ، وتجريد الدولة من مرتكزات دعم اقتصادي ثابتة ، وكان إطلاق ذئاب وحيتان اقتصاد السوق ، لنهب لقمة عيش الطبقات الشعبية ودفعها للمزيد من الإفقار حتى بلغت مستويات ما دون قاع خط الفقر بكثير ، وبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو عشرة ملايين عامل .. وصار لمصر شهداء على أبواب المخابز .
كما وحد أو دمج أبعاد النضال لتجاوز الواقع المزري في بعد واحد متعدد الوجوه ، حيث بات النضال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، ومن أجل ا ستقلال القضاء ، من أجل رغيف الخبز أو غرفة للسكن ، أو فرصة عمل .. ، أو حماية الكرامة أمام عسف البوليس ، أو الحصول على الدواء .. أو الزواج لملايين الشباب العانس ، لاينفصل عن إلغاء اتفاقية الغاز الذي باعته قوى النظام ، متجاوزة أنه ثروة وطنية لايجوزتداولها مع طرف غير صديق ، بأبخس الأثمان للشركات الصهيونية .
كما وحد ، موقف النظام المخزي إبان محرقة غزة ، باشتراكه غير المشرف مع الصهاينة في حصار المقاومة والسكان في غزة ، وحدالمسألة الوطنية المجسدة بالسيادة الناقصة في سيناء بالنضال الشعبي العام ، ولافتاً إلى الربط العضوي لأهمية ومشروعية ا ستعادة الحق السيادي المهدور على الأرض الوطنية في سيناء .. أي إلى إعادة تحرير سيناء .. وتحرير الإرادة المصرية من الهيمنة الأميركية الأطلسية ، والوقوف بشرف إلى جانب المقاومة في غزة ولبنان والأردن ، وإلى ا ستعادة مصر دورها الريادي القومي التحرري في الإقليم .

وهنا تكمن أهمية اليوم 6 أبريل .. يوم الغضب والإضراب ، الذي دعت إليه حركة 6 أبريل ، وحركة حقي ، وشباب من أجل التغيير ،وحركة كفاية ،وحزب العمل وحزب الغد ، وحركة اليسار المصري المقاوم ، وتضامن ، وحزب التجمع ، وحزب الجبهة الديمقراطية ، واتحاد العمال ، والاشتراكيون الثوريون ، وحركة عدالة بلا حدود ، تكمن من حيث تعدد ألوان طيف تجمع القوى الرافضة للنظام ولنهجه المدمر ، ومن حيث شموله القاهرة ومعظم المدن المصرية ، وكذلك من حيث المطالب التي تركزت على :
- رفع الأجور .. رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه في الشهر
- ربط الأجور بالأسعار
- تغيير الدستور
- وقف تصدير الغاز إلى الكيان الصهيوني

وقد جاء في أحد الملصقات المشاركة في التعبير عن الشعارات المطلبية " عايزين شقق للشباب تتجوز .. عايزين تعليم لأولادنا .. عايزين مواصلات آدمية .. عايزين مستشفايات تعالجنا .. عايزين دواء لأولادنا .. عايزين قضاء يحمينا .. عايزين أكل وعيش .. عايزين حرية وكرامة .. عايزين نشتغل .. عايزين نعرف حقوقنا "

" حقنا وهناخذه - أي سنأخذه "
" يسقط مبارك الديكتاتور "
الجدير بالالتفات إليه ، هو أن انطلاقة الشارع السياسي في مصر اليوم ، ليست مصادفة عابرة تزامنت مع حدث مفجر ( محرقة غزة ) وحسب ، أوهو ردة فعل آلية للأزمة الرأ سمالية العالمية الناشبة الآن ، والتي تجر منعكساتها الرغيف نحومجاهيل مرعبة وحسب أيضاً ، وإنما هي نتيجة سيرورة الفعل الخياني المتمثل باتفاق " كامب ديفيد " الذي أهدر الحقوق الوطنية وحقوق شعب مصر بخيارات البناء الاقتصادي المستقل وحقوقه بالخيارات الاجتماعية الديمقراطية ، وكذلك نتيجة النفاق والاستبداد والقهر المنظم من قبل الدولة لصالح الصفقة الخيانية تحت الرعاية الأميركية . ما يدفع ا ستطراداً إلى المقارنة مع ما جرى ويجري في بلدان عربية أخرى ، حيث تمارس مناهج تدفع البلاد إلى أوضاع مماثلة للأوضاع التي نشأت وماتزال في مصر . بدءأ من مفتاح التسوية أو المصالحة مع الكيان الصهيوني ثم التدرج على بساط الشروط الاقتصادية والاجتماعية الضامنة لهكذا مصالحات ، والتي تفتح آفاق المصالح المشتركة للطبقات السياسية الحاكمة مع المنظومة الاقتصادية الشرق أوسطية ، التي يعتبر فيها الكيان الصهيوني بمثابة الموجه لآليات المصالح والتحولات المطلوبة في المنطقة .

لهذا فإن صوت هدير الشارع في مصر اليوم ، الذي يتحدى كتائب الأمن وشرطة مكافحة الشغب ، هو صوت كل الجماهير الشعبية في البلدان العربية وخاصة التي قيدتها أو ستقيدها معادات وصفقات ا ستسلام للوجدود الصهيوني العنصري - الدولي في المنطقة ، وهو صوت ومثال يحتذى للبلدان العربية كافة ، وخاصة سوريا ولبنان والأردن ، التي هي على تماس مع الكيان الصهيوني ، وهو مؤشر على أن النضال ضد الفساد والفقر والاستبداد وفقدان السيادة الوطنية ، هو نضال من أجل قضايا متعددة تنصهر كلها في قضية واحدة مشتركة لمئات الملايين المقهورين العرب وأبناء المنطقة كافة ..

فلترفع .. اليوم 6 أبريل .. شعارات .. ولافتات التضامن .. في كل المدن والمصانع في الوطن العربي .. مع جماهير الشعب المصري العظيم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعب المصري يستعيد دوره الطليعي
سعاد خيري ( 2009 / 4 / 6 - 11:36 )
الشعب المصري اليوم يقتحم كل ادوات ووسائل واساليب اعداء البشرية التي ركزتها عليه خلال ما يقرب من نصف قرن لادراكها لدوره الرائد في تحرير الشعوب العربية والمساهمة في تحرير البشرية فالف تحية للجماهير المصرية الثائرة والى مواصلة الكفاح حتى تحقيق النصر الحاسم بالتحرر من الهيمنة الامبريالية الصهيونية وادواتهم وفي مقدمتهم مبارك


2 - معكم يا احرار مصر
ابن الاردن ( 2009 / 4 / 6 - 12:44 )
نشد على ايدي احرار مصر في هذا اليوم التاريخي ونقول لهم قلوبنا معكم يا من اعدتم كرامة الامة ورفعتم هامتها عاليا ... فهيا معا لنسقط الانظمة القمعية التي سرقت خبزنا وكرامتنا وحريتنا


3 - شيئ جميل ولكن
مصرى ( 2009 / 4 / 6 - 18:42 )
شيئ جميل ولكن ما دخل اتفاقيه السلام بذلك؟ دعونا نفترض مع عدم تغير المعطيات الاخرى فى هذه المعادله اننا قررنا الانسحاب من طرف واحد من معاهده السلام وتم الغاؤها فماذا سيكون حالنا اليوم؟ ارجوكم السماح لانسان بسيط لا يدعى اى مميزات من اى نوع ان بفكر على الورق
أولا: اقتصاديا لا بد ان نوفر ميزانيه كافيه للدخول فى المعركه المحتومه القادمه (او ليس هذا هو الغرض من الانسحاب من المعاهده؟ وان لم يكن فماذا هو الغرض؟) ثم يترتب على ذلك العمل على توفير القوه البشريه من اكفأ الشباب وأعلاهم فى درجات التعليم ليتمكنوا من استيعاب واستعمال الاسلحه الحديثه لدعم قواتنا المسلحه وزياده عددها لضمان شيئ من التعادل العسكرى او بعض من التفوق ان امكن وما يترتب على ذلك من فقدانهم لسوق العماله المنتجه, ولا يجب ان يعلو صوت فوق صوت المعركه (هل بذكر هذا بعضكم بشيئ ما؟ وزمن ما ونتيجه ما؟) ما علينا... وايضا علينا توفير وضمان مخزون وامداد كاف للاسلحه الحديثه وذخائرها لمده كافيه تغطى معركه قد تطول اكثر مما يتصور البعض. ومن المنطقى ان نفكر ايضا من سيدعم مصر ماليا طوال ذلك؟ وان وجد هذا الدعم هل هناك ضمان باستمراره وهل بمكن لنا الاعتماد على ذلك امام الضغوط التى حتما سيتعرض لها هذا المصدر (او هذه المصادر) وهل ستضحي بمصالحه

اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د