الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوية العراق (إنسانه رخيص)!!

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2009 / 4 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عاد النقاش حول هوية الدّولة العراقية و بقوة بعد مشاركة العراق مؤتمر الجامعة العربية و دول أمريكا اللاتينية في الدوحة، و قد سبق لي أن كتبت أكثر من مقال حول هوية العراق، و المؤسف أن الأحزاب و الجهات "المنتخبة"!! و التي كتبت الدستور هي ذاتها التي تتخاصم و تتبادل الاتهامات حول الهوية التي ينبغي تعريف العراق بها، هل هي هوية قومية أم دينية؟، و الجدير بالملاحظة أن الدين نفسه يسبب نوعا من الإشكالية، كالنصوص التي تنص على "احترام الدين الإسلامي" و هي صيغة قابلة للتأويل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فقد يكون الاحترام بمعنى توفير الحرية للتدين بالإسلام ـ حاله حال الأديان الأخرى ـ و قد يستخدم النص ذاته ضد أغلبية العراقيين، كأن يُمنع المذهب الشيعي (مثلا) من التداول بحجة ـ أنه مذهب يكره الصحابة و بالتالي لا يحترم الإسلام "الأموي" ـ إذا فمشكلة الدستور هو غموضه أولا و افتقاره للحس الوطني ثانيا.
أنا ضد عروبة العراق و ضد جعل الإسلام دين الدولة الرسمي و ضد وصفه بأي صفة عرقية أو مذهبية، و الذين اعترضوا على المالكي في وصفه للعراق بأنه "عربي" هم أول من طبل و زمّر للقوميين العرب و بوّسوا خدود حامي حمى البوابة الشرقية "صدام البعث"، و لماذا كانوا منافقين حينما شاركوا في كتابة هذا الدستور المريض، الأرجح عندي أنهم كتبوا الدستور بهذه الصيغ "الغيبية" ليجعلوها قنابل موقوتة و موجهة ليفجّروها حينما يريدون، و إلا لو كان نص الدستور صريحا في أن "الهوية العراقية قائمة بذاتها"، حالها حال الهويات "البريطانية" و "الأمريكية" و "الكندية" لكان حال العراقيين غير الحال و لكنا الآن دولة في طور التفوق لا التقوقع، و الحقيقة أن الدستور مصاب بالعطب لأن من كتبه أرادوا منه أن يكون كذلك، و الدستور نفسه إذ يعطي باليد اليمنى يأخذ ما أعطى باليد اليسرى، و المؤسف أن جهات دينية و طائفية و عنصرية متعددة ساهمت في إفشال وضع دستور قصير موجز و واضح.
لا أدري، و ليتنا ندري، ما الفائدة في وضع هوية دينية أو قومية للعراق؟ و ما الذي استفاده العراقيون طوال 80 سنة من خطاب الهوية الفارغ و الاحترام الكاذب "للإسلام"!! بينما "الإنسان" المسلم قبل غيره يهان و يداس بالأقدام، فها هي الدول الغربية تتيح للمنظمات الإسلامية و لغير الإسلامية الحرية الكاملة من دون أن تكون هوية تلك الدول "مسيحية" أو "يهودية"، و حتى لو وضعوا هوية كهذه فهي لا تتحول، كما هو عندنا، إلى سيف رقابة مسلط على رقاب الناس.
إن العراق كان موجودا كنواة حضارية قبل كل "المكونات"!! و بالتالي لا معنى من هذا النقاش الفارغ الذي يهدف من وراءه صعلوك من الصعاليك أو مملوك من المماليك إلى التغلب على رقاب الناس، لا زلنا شعبا يفتقر إلى الحرية، فلم نجعلها هدفنا الأسمى و لا كانت مطمحا لنا، بل لا زالت مناطق كثيرة من العراق تعبد "البطل القومي" و "السيد بن السيد" و "العلامة الفهامة" و غيرها من خزعبلات العصور البائدة، فكان ينبغي أن يعرف العراق بأن هويته هو "العراق" و لا حاجة للمواطن العراقي بأن تلون هويته الوطنية بهوية ما أو رائحة أو طعم كالماء الذي يهب الحياة و هو لا طعم له أو لون، سوى أن العراق بلد الحرية و الإنسانية و مواطنه محترم حتى لو كان أصله صينيا أو هنديا أو كيوليا أو أي انتماء بشري آخر، و لكن ماذا نفعل بجمهرة من الأحزاب الطائفية و القومجية من التي تريد جعل العراق "سوق عكاظ" آخر، كل شيء فيه غال، إلا الإنسان فهو رخيص جدا، و كان على الأحزاب الحاكمة، و يا ليت كان هناك و لو حزب واحد، يتبنى الخطاب الوطني و لا ينظر إلى كلمة عراق على أنها "فارغة تحتاج إلى إظافة تعريف"، و كأننا في صف من صفوف مدارسنا التي تخرج ـ عذرا إن قلتها ـ الأغبياء و الفاشلين و الرؤساء.
مشكلتنا أننا لا نتعض و نحن نلدغ من الجحر ذاته لا مرتين بل ألف مرة، فرجال الدين عندنا على الأغلب، ينظرون إلى مفاهيم الحرية و الديمقراطية و الإنسانية نظرتهم إلى أمر مريب قد يخرج منه عفريت من عفاريت جهنم في أي لحظة، و هذه كارثة ما بعدها كارثة، فالمستبدون و المغامرون الباحثون عن السلطة يستفيدون من هذه الكوارث الكثير جدا، و الفقير المسحوق يؤيد و يبصم بالعشرة لمن يتاجر بمعاناته و أطفاله.

Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Bravo Suhail
Sare ( 2009 / 4 / 5 - 19:35 )
Dear Suhail
You are right, our problem is politicised Islam. We need Iraqi Identity and Iraqi Constitution not Religious or Ethnic one.
We need a constitution that preserves human rights for all Iraqis. We need a state of law and order to put an end to the ethnic or religious conflicts.

Best wishes


2 - هويه عراقيه قائمه بذاتها
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 4 / 6 - 08:12 )
لا تنتظر من اناس حكمهم الجهل والخوف والتعصب والقوه مده طويله ان يكونوا في كامل وعيهم السياسي والوطني والانساني هذا هو حال سياسينا واولي الامر اللذين كتبوا الدستور او شاركوا بصياغته وتعديل الدستور قريب كما يقولون ونحن ننتظر لعل وعسى

اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا