الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


9 نيسان وبوصلة اللحظة التاريخية

تقي الوزان

2009 / 4 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يقول العراقيون " العافية درجات " , والتحرر من الخوف والرعب بعد ان سقط النظام الصدامي يأتي بدرجات. وفي يوم 9 نيسان 2003 كان الكل مندهش ومرتبك ويراقب , ولااحد من العراقيين يعرف : هل ان النظام الصدامي المرعب سيصمد ؟ ام ستكون هذه النهاية ؟ كان البعثيون يتجولون باسلحتهم ومفارزهم في اغلب مدن العراق , بمافيها المدن التي سقطت بطريق اندفاع الجيش الامريكي , الا ان قبضتهم تراخت , وسيطر الذعر عليهم , واخذوا يتوددون للجماهير المكتوية بنارهم . كان للخوف المتراكم في نفوس العراقيين ولعدة اجيال الاساس الذي جعل الترقب والانتظار سيد الموقف , للتأكد من نهاية النظام , وهذا هو السبب الذي كان المانع الرئيسي من ان يتعرض البعثيون الى مجزرة تقلع آخر جذورهم . كان شبح فشل انتفاضة عام 1991 هو الذي سيطر على ذاكرة العراقيين , واثار كل هذا الخوف من الانتقام الدموي الرهيب اذ تكرر الفشل مرة اخرى .

لم تكن هنك فضائيات تلفزيونية , ولم يكن ( الستلايت) موجودا عند العراقيين ليطمئنوا من عملية اقتلاع النظام الصدامي والى الابد , بعكس الذين في الخارج ويتابعون الحدث دقيقة بدقيقة . كم ذرف العراقيون الحقيقيون من الدموع وهم يشاهدون ابو تحسين وهو يتلو البيان الاول , ويحدد السبب الحقيقي للمأساة . كان سماع رنين اصطدام نعله بصورة صدام يسمو بنفوس العراقيين الى ذرى لاتستطيع ارقى السفونيات من ايصالهم اليها . ابو تحسين وصوته المتهدج كثف عمق المأساة , وكثف الاصرار المتحفز للنهوض من جديد . في تلك اللحظة الفاصلة , في تلك اللحظة الخالدة , تفجر الامل , وطار بالعراقيين الى سهول خضراء وينابع كثيرة , وفي اليوم الثاني عرف الجميع ان ابا تحسين شيوعياً , فازدادت الثقة بخصب الارض العراقية , والثمر الذي تذوقوه من هذه الشجرة المعمرة , كان اكسير الحياة في الوطن الجريح على مر السنوات . ولكن فات الشيوعيين بعد ان شعروا بالفخر بالتاريخ المجيد وشرف الانتماء – وهذا حقهم – ان ابا تحسين كان لوحده يلقي بيانه امام الكاميرات , والجموع خلفه هرعت الى الفرهود .

استرجعت هذه الصورة بعد ان قرأت لبعض الاخوة الشيوعيين وهم يلومون حزبهم وقيادته لانه تراجع , ولم يأتي بالنتائج المرجوة في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة , وفاتهم ان الفوز في الانتخابات لايأتي عن طريق التاريخ العريق , ولابطول فترة النضال , ولا بكثرة الشهداء والتضحيات الجسام , ولا بوضوح البرامج والاهداف , والحزب مغيب لاكثر من ثلاثين عاما , واكثر من نصف العراقيين ممن ولدوا في هذه العقود لايعرفون اسم الحزب الشيوعي . ولاشك ان الحريصين ابدو ملاحظات جادة تعالج الكثير من نواقص العمل الحزبي , الا ان احدا لم يتطرق الى الضعف الاهم الذي لازم اعادة بناء الشبكة التنظيمية في مختلف انحاء العراق , وما رافق هذه الاعادة من اشكالات قد يكون اقلها آلام الاستلاب وعقده الذي تركته مرحلة البعث الطويلة , وما احدثته من حساسيات وهشاشة فكرية لايمكن تجاوز آثارها السلبية بذات السهولة التي مارست فيها باقي الاحزاب العراقية عملها السياسي , وادعت ان منتسبيها من وكلاء الامن ومن البعثيين هم فوق الشبهات . والمتفحص سيجد حجم الدمار الحقيقي الذي لحق بالحزب , وانها مشكلة حقيقية لايمكن تجاوزها بالتنظيمات الحالية , والبحث عن وسائل غير تقليدية ضرورة لابد منها .

ولكي تكون تقديراتنا قريبة من الواقع يجب ان ندرك ماذا يعني ( الحفر في الصخر ) , ليعاد التنظيم المتين في مثل هذا الخراب الذي تعرض له المجتمع العراقي برمته . وحتى لانبقى محلقين في الفضاء , فرغم كل النواقص التي رافقت العملية الانتخابية الاخيرة , وسلبت منا – وليكن نصف اصواتنا – فسيبقى حزبنا ضعيف عددياً بين باقي الاحزاب الكبيرة في هذه المرحلة الانتقالية بالذات .

ولكي لاتغيب عنا بوصلة اللحظة التاريخية لابو تحسين , فقد كان وحده يتلو بيانه , وكان وحده يرفع رايته , كان وحده يتقدم من الكاميرا التي نقلت صورته لكل المعمورة , وعبرت عن الجوهر الحقيقي للعراقيين , وحفظت ماء وجههم من صور الجماهير التي عاكسته المسير وذهبت الى الفرهود . ومن يريد المحافظة على الجوهر عليه ان لايترك للخسارات ان تتشابك وتمنع عليه النمو بالضوء الواضح الذي لايخلق السراب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو اللي قتل ولدنا
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 4 / 6 - 08:34 )
كان صوت نعال ابو تحسين اقوى من صوت القائد الضروره وهو يلقي احدى ترهاته عن تنظيف اليدين جيدا بالصابون بعد الخروج من التواليت التي يلقيها بجمهره من تلاميذ ابتدائيه اضناهم الحصار والجوع في احد ايام حكمه الميمون اما هذا العملاق العراقي الذي شارف الثمانين والذي يصيح بصوته ان الدكتاتوريه قد ماتت الى الابد فهو الذي يمثل الهويه العراقيه لا غيره

اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في