الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤساء ديكتاتوريون يستقبلون ديكتاتوراً متهماً بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية

عبدالغني بريش اللايمى

2009 / 4 / 6
الارهاب, الحرب والسلام



المذكرة التي أصدرتها محكمة الجنائية الدولية في الرابع من مارس 2009 كانت واضحة في محتواها ومضمونها 00 وقد طالبت المذكرة المعنية المجتمع الدولي كافة والدول الأعضاء في نظام روما الأساسي خاصة التعاون لإعتقال الرئيس السوداني عمر البشير المتهم بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان 00 غير ان دول العِربان وجميعها دول ديكتاتورية إستبدادية قمعية رجعية ظلامية رفضت طلب المدعي العام الدولي بإعتقال السفاح عمر البشير الذي أباد وذبح ونحر أكثر من ثلاثمائة ألف من مواطنيه مستخدماً كل أنواع الأسلحة المحظورة دولياً وغير المشروعة لفرض أجندته الإسلاموعروبية على بعض الأقوام السودانية 00 وكانت مبررات تلك الأنظمة التي استقبلت السفاح ورفضت مذكرة الإعتقال مضحكة ومبكية في الوقت ذاته ؛؛ فبعضها ادعت حصانة الرؤوساء وسيادة الدول المستقلة ؛؛ وبعضها قالت ان هدف إنشاء هذه المحكمة هو احراج العرب والمساس بكرامتهم والنيل من اسلامهم - وانها محكمة رجل أبيض ضد غير البِيُض ؛؛ وذهبت بعضها إلى أبعد من هذا عندما اعتبرت محكمة الجنائية الدولية عودة للإستعمار الأجنبي للمنطقة العربية الإسلامية !!!!!!!! 0

أصعب ما كان على المشاهد السوداني البسيط بعد صدور مذكرة اعتقال سفاح السودان عمر البشير هو رؤيته للمتفلسفين والناعقين من الديكتاتورين العرب على قنوات الإستبداد والقذارة المرئية والمسموعة منها - وهم يدافعون عن زميلهم ورفيقهم في الديكتاتورية والتعذيب والتشريد الذي قتل عشرات الآلآف من مواطنيه السودانيين ظلماً ؛؛ وهذا الدفاع الأعمى بالطبع من أبشع وأفظع الأمور ؛؛ وهو ان يتجرد الإنسان من إنسانيته ويصب الزيت على النار بالتأييد المطلق لديكتاتور قاتل يدعي الإسلام زُورا - ديكتاتور لا يهمه أرواح الناس التي حرم الله قتلها إلآ بالحق !! 00 تحول الديكتاتور عمر البشير قاتل مواطنيه عند زملاءه الديكتاتوريين الذين استقبلوه إلى ضحية 00 بينما تحول الضحايا الأصليين إلى ظالمين ؛؛!! أي منطق هذا وأي دين يعتنقه هؤلاء الناس ؟؟ 00 هؤلاء الديكتاتوريون في واقع الأمر " كالطبيب الذي لا يريد أن يلبس قفازات - ولا يريد أن يمسك بيديه أدوات الجراحة ليدخل غرفة العمليات ؛؛ انما يخاطب المريض من مسافة بعيدة يطالبه أن يستلق على ظهره ويوقف نزيف جرحه بنفسه " وكذا ، بينما المريض المسكين ينزف دما ويتألم ويتلوى من الألم ؛؛؛ هذا هو حال الديكتاتورين العرب يتفلسفون ويصرخون ويعيثون في الأرض فسادا كبيرا ، بينما الشعوب والضعفاء يموتون جوعا وظلما ، وكأن شيئا لم يحدث على الاطلاق ؛؛ وعندما يتدخل المجتمع الدولي ومنظماته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه تقوم القيامة في عالم العِربان ولم تقعد إلآ عندما تتحقق أهدافهم العدوانية الخبيثة تجاه الضعفاء والمستضعفين 0

المصيبة الكبرى هي أن مذكرة اعتقال البشير الصادرة في الرابع من مارس 2009 فتحت مجالا للديكتاتورين المستبدين الفاسدين الناعقين النابحين القوادين لإستخدام أقذر العبارات في وصفهم للجنائية الدولية ، بعد ان سخروا كل الوسائل الاعلامية المتوفرة لديهم 00 مارسوا أخبث الطرق للنيل من مدعي عام الجنائية الدولية الخاص بالتحقيق في الجرائم التي وقعت في دارفور " السيد اوكامبو " 00 وهذا الغضب والثورة والصراخ راجع وناجم عن خوف كل ديكتاتور من مصير مشابه لمصير عمر البشير 00 ولذا كان هجومهم علي لويس مورينو اوكامبو كبيرا وشاملا وكثيفا وغليظا ، وهي هجمة استباقية قُصد منها التشويش والتشكيك في نوايا السيد مورينو اوكامبو ومصداقية الجنائية الدولية 0

تحدثت تلك الديكتاتوريات القمعية المستبدة التي استقبلت السفاح عمر البشير عن أزمة دارفور وكأنها قضية بين قبيلة وقبيلة أو بين عصابات تتقاتل فيما بينها دون هدف واضح !! ؛؛ وقالوا بكل وقاحة وقلة أدب وأخلاق (( ان قرار الجنائية الدولية بإعتقال البشير سابقة خطيرة وتدخل في شئون السودان الداخلي )) - ومثل هكذا الكلام الشاذ الغريب طبعا لا يصدر إلآ من أشخاص مرضى لا ضمائر ولا أخلاق ولا دين لهم ، 00 وإلآ فكيف لإنسان عنده ضمير أن يستقبل سفاحا متهما بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وكأنه برئ من كل التُهم الموجه إليه !! ؟0
الأنظمة العِربانية الديكتاتورية لا تنفك عن مهاجمة محكمة الجنائية الدولية وتتهمها بالمعايير المزدوجة 00 بينما ترفض هي نفسها الإنضمام إلى " نظام روما الأساسي " لمعرفة الحقيقة ، وما إذا كانت هذه المحكمة فعلا تمارس نفاقا دولياً أو تطبق معاييرا مزدوجة في حق أمة العِربان !! ،، لكنهم لم يفعلوا هذا 00 بل رفضوا رفضا جماعياً للإنضمام إلى محكمة الجنائية واستمروا في إتهامهم لها بالمعايير المزدوجة ، وذهبوا أبعد من هذا الاتهام عندما طالبوا بمحاكمة قادة إسرائيل بدلاً من البشير ؛؛؛؛ ومع ذلك لم يُقطع لسان أحد من أولئك الديكتاتوريون الكلاب - لأنه افترى على الجنائية الدولية وعلى لويس اوكامبو شخصياً 0

إن الديكتاتوريون المستبدون لم يتحدثوا قط في سنواتهم الطويلة التي قضوها في الحكم عن سرقتهم لأموال شعوبهم بالظلم 00 بل غضوا النظر عن كل ما يصب في مصلحة الشعوب ، وركزوا كل جهودهم في كيفية الحفاظ على على كراسييهم ومقاعدهم مدى حياتهم ، وهم تافهون منحطون 00 بينما يعيش أكثر من 90% من أبناء شعوبهم تحت خط الفقر 00 وعندما تحتج تلك الشعوب على الظلم الواقع عليها ، فتجد الديكتاتور وقوات أمنه لها بالمرصاد في كل مكان 00 لكن عندما تصدُر مذكرة دولية ضد أحدهم يتحولون فجأة إلى ضحايا ، يتوسلون إلى شعوبهم يطلبون منها ان تقف خلفهم تحت بنود الوطنية ومنع التدخل الدولي وعدم المساس بالسيادة وقدسية الرموز 00 الخ ؟؟ 00 هكذا هُم الديكتاتوريون العرب دائما يرفضون العدالة بكل أشكالها السماوية والأرضية ، أنانيون لا يهمهم المصلحة العامة 0

ان ما لا يفهمه الديكتاتوريين الذين يحتضنون ويستقبلون المُتهم عمر البشير في العالمين العربي ، والأفريقي ، هو انه يقع علي عاتق الدول ذات السيادة المسئولية الرئيسية لحماية سكانها حين يتعرضون لأذي خطير نتيجة الحروب الداخلية أو العصيان أو القمع ، وعند إخفاق الدولة المعنية وعدم قدرتها ، أو رغبتها ، في وقف الأذي أو تجنبه ، يتنحى حينئذ مبدأ عدم التدخل لتحل محله المسئولية الدولية عن الحماية وتطبيق العدالة 0

وما لا يفهمه هؤلاء المستبدون أيضا هو ان توقيع ميثاق الأمم المتحدة يجسد البعد الدولي لمفهوم السيادة ، حيث ان قبول عضوية أي دولة بالأمم المتحدة يعني قبولها بالالتزامات الدولية التي قبلتها الدول الأعضاء الأخري بمحض إرادتها 00 وبينما تقبل الدولة نفسها وبمحض إرادتها مسئوليات العضوية بمجرد توقيعها الميثاق ، فإن ذلك لا يعني نقل لسيادة الدولة أو انتقاصا منها ، ولكن الأمر ينطوي علي إعادة تصنيف مفهوم السيادة من السيادة كسيطرة إلي السيادة كمسئولية ، سواء في الوظائف الداخلية للدول أو فيما يتعلق بواجباتها الخارجية ، ومن ثم صار التفكير في السيادة كمسئولية يلقي اعترافا متزايدا في ممارسات الدول 0

ما يجري في اقليم دارفور السوداني من ممارسات وحشية وهمجية وحرب إبادة من قبل جيش عمر البشير وقوات أمنه ومليشياته الجنجويدية لسكان دارفور ، مدعومة بقوى إرهاب الرعاة والمراحلين والبدو ؛؛ وتحت مرأى ومسمع نظام عمر البشير ! يثبت بربرية الحكومة ، إنها حكومة التخاذل المذل للسودان ، ترتكب الجرائم حتى بلا استنكار مناسب من قبل الأنظمة العِربانية التي تستقبل عمر البشير اليوم 00 لذا ساد الإرهابيون والمجرمون وأمعنوا بجرائمهم ضد العزل والأبرياء في دارفور 00 السودان في عهد الديكتاتور عمر البشير بات تحكمه شريعة الغاب " القوي يأكل الضعيف " 0

اننا نتساءل أين الضمير العربي الإسلامي 00 بل أين ما يعرفوا بالعلماء والفقهاء والشيوخ والأئمة المسلمين من جرائم البشير ؟ وما هو موقفهم من الرؤوساء الذين يستقبلون رئيسا قتل أكثر من ثلثمائة ألف نفس مسلمة حرم الله قتلها ؟ أم ارتد هؤلاء جميعا عن دينهم وانصرفوا إلى شئونهم الدنيوية ؟ أم فقد هؤلاء آدميتهم فعاشوا كالوحوش المفترسة ؟؟ 00 ألم يقرأ هؤلاء حديث الرسول (ص) القائل " المسلمون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ؟ أم تحول هذا الحديث النبوي الشريف عندهم إلى " الديكتاتوريون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه ديكتاتوري واحد تداعى له سائر الديكتاتوريين بالسهر والحمى ؟؟ 00 وهل نسى هؤلاء أو تناسوا ان الله جعل المسلمين أخوة بجعل شرعي ثابت ، كأبناء أم وأب واحد ، بل أقوى من هذه الأخوة النسبية ؟؟ 0

إن الشهادة وحدها تكفي اعتبار شخصا ما مسلماً ، ومن ثم تترتب عليه كافة الآثار الاجتماعية والسياسية في العلاقة بينه وبين سائر المسلمين ، وله حقوق سياسية أصلية ، وعليه واجبات 00 الخ ، لكن ما يحدث الآن لمسلمي دارفور يتنافى تماما مع ما جاء في الإسلام 00 إنهم اخترعوا ديناً جديداً بمعنى جديد !! 0

أقل ما كان يجب على الديكتاتوريين العرب الذين استقبلوا السفاح عمر البشير الهارب من العدالة ان يفعلوه ، هو رفض زيارته وعدم الاستماع إلى مبرراته وحججه الواهية 00 لكنهم بدلا من قول الحق ومواجهته بالحقائق فتحوا حدود دولهم له ليزورها متجاهلا بذلك مذكرة المحكمة الجنائية الصادرة بحقه في الرابع من مارس 2009 0
ان أمر العِربان وأنظمتهم الديكتاتورية لغريب حقاً ، فهم يدعون الإسلام الذي هو دين المحبة والسلام والعدل والمساواة 00 بينما لا يترددون في ارتكاب أفظع الجرائم التي نهى عنها كل الديانات السماوية والقوانين الوضعية ، عندما يتعلق الموضوع بالسلطة ؛؛ 00 وليس لدينا ما نقوله غير التأكيد على ان هناك أزمة اخلاقية وضميرية وإنسانية رهيبة ومفزعة فى تفكير العِربان تجعل حدوث أي تقدم في مجال تحقيق العدالة في الدول العربية نوعا من الخرافات ، فيا أيها الراقصون على جراحات الآخرين، كفاكم تلذذا! كفاكم طربًا ! فلا تحموا السفاح عمر البشير - بل أتركوه يواجه العدالة الدولية ويدفع ثمن جرائمه 0

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -