الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقه العاملة العراقية وموقعها فى العملية السياسيه

أحمد السعد

2009 / 4 / 8
الحركة العمالية والنقابية


أزاء الواقع السياسى والأقتصادى والأجتماعى المعقد فى العراق تبرز قضايا ملحة لابد من التصدى لها والتعاطى معها بالشكل الذى يسلط الضوء على اهميتها وضرورة اعطاءها الأهمية التى تستحقها تاريخيا . ومن هذه القضايا المهمة قضية الطبقة العاملة العراقية وتكونها وظروف عملها والتهديدات التى يشكلها الوضع الشاذ وغير المستقر الذى يشهده العراق والدمار والخراب الذى اصاب بنيته ألاقتصاديه .
من المعروف ان الطبقه العامله هى الطبقه الأسرع تطورا من الناحية الفكريه والتقنيه والسياسيه حيث انها ترتبط مباشرة بعملية الأنتاج وتتطور بتطور وسائل الأنتاج وتتسع آفاقها ومدركاتها كلما أتسعت العملية الأنتاجيه وتطورت والطبقة العامله هى الطبقه الأكثر التصاقا بالقضايا الوطنيه ليس فى العراق فحسب بل لقد أثبتت التجربه العالميه أن الطبقه العامله فى عموم بلدان العالم هى الأكثر أستجابة للقضايا الوطنيه لبلدانها والأكثر التصاقا بقضاياها الوطنيه وهى بالتالى الأكثر أرتباطا بقضايا الشعوب ونضالاتها التحرريه . ولقد قال لينين ذات مره بأن " لاوطن للعمال" فقضية العمال قضية أمميه وهى مرتبطه بأوضاع الطبقه العاملة العالميه ومعاناتها وطموحاتها ونضالها مشترك من أجل حقوقها من أجل تشريع قوانين عادله للعمل وتحديد ساعاته وتحسين الأجور وظروف العمل ومن أجل حقوق العمال فيما يتعلق بأصابات العمل والحقوق التقاعدية للعمال . لقد ناضل عمال العالم من أجل ظروف عمل افضل ومن أجل منع الطرد والتسريح التعسفى وضمان حقوق العمال وحقوق عائلاتهم وأرتبط هذا النضال المهنى المطلبى الى نضال أكثر شموليه ليصب فى مجرى نضال الشعوب من أجل تحررها الوطنى وخلاصها من الهيمنة الأستعماريه وتحرير أقتصادياتها من سيطرة الأحتكارات وتقنين نشاط القطاع الخاص وألزام المشاريع الخاصه بتطبيق شروط السلامة المهنيه وتأمين حقوق العمال.
لقد أدركت الأنظمة المتعاقبه على حكم العراق الخطر الذى يمكن أن يلحقها به تنظيم العمال لأنفسهم فى نقابات وتجمعات مهنيه وحاربت تلك النقابات بكل ما أوتيت من قوة وبطش وأعتقلت قادة النقابات وحاولت بشتى الطرق أضعاف دور الطبقه العامله وتحجيم دورها الطليعى وكان آخر مبتكرات هذه الأنظمة ما أصدره صدام حسين من قرار بتحويل العمال الى موظفين لكى يلغى وجود شىء اسمه طبقه عامله ويتنصل من حقوق هذه الطبقه ويلتف على النقابات والتى كانت فى الأصل واجهات لحزب السلطه وعلى الرغم من ذلك لم يستطع صدام ونظامه أيقاف الأحتفالات بالأول من آيار عيد العمال العالمى حيث كان شعار الأتحاد العام لنقابات عمال العراق هو " يا عمال الوطن العربى أتحدوا" وهذا يشير الى أقرار الحزب – وليس صدام – بأهمية دور الطبقه العامله العربيه وأهمية أتحاد الطبقه العامله العربيه . ولكن ما حصل بعد أستيلاء صدام حسين على السلطه وتصفية القيادات المثقفه فى حزب البعث والأجهاز على الأتجاهات الوطنيه والتقدميه التى كانت قد أقرتها سلطة البعث بعد تموز 1968 حيث كان هناك مكتبا عماليا فى القيادة القطريه ثم جرت تصفية كل هذه الأنجازات العماليه الى درجة انه لم يبق من أتحاد نقابات عمال العراق سوى البنايه التى يشغلها وهكذا كان الحال بالنسبة لفروع الأتحاد فى المحافظات العراقيه .
واليوم ، وبعد الأطاحة بالنظام الدكتاتورى فى العراق تبرز أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه الطبقه العامله العراقيه فى عملية التغيير الثورى للمجتمع العراقى لأن الطبقه العامله – كما قدمت – هى الطبقه التى لن تخسر شيئا فى معركتها ضد الأحتكار والعسف سوى قيودها كما قال ماركس وهى الطبقه التىتستطيع أن تلف حولها كل الفئات الأجتماعيه التى تضررت من الوضع الأقتصادى المتردى والتى تشعر انها صارت فى خندق واحد مع العمال فى نضالهم المهنى والوطنى وبدأت الدائرة تتسع حيث أنسحقت الكثير من الفئات الأجتماعيه العراقيه من فلاحين وكسبه وذوى الحرف والموظفين والمحامين وعموم المثقفين الذين يشعرون بأن الأقتصاد العراقى يسيربأتجاه لا يعزز أستقلاله الوطنى ولا من شأنه أن يؤسس لمجتمع يسير نحو الرخاء الأقتصادى بل أقتصاد أحادى الجانب مدمر عرضة للنكسات والأزمات التى تعصف بالأقتصاد الرأسمالى .
أن تعطيل عملية تنشيط الأقتصاد العراقى وتنويع مصادر الدخل وتوسيع الأستثمار فى الميدانين الصناعى والزراعى وأعتماد البلد على أغراق السوق العراقيه بالمنتجات الزراعيه والمصنعه المستورده من دول الجوار يضر كثيرا بالأقتصاد العراقى ويعطل نموه وتطوره ولابد أن وراء ذلك دوائر ومؤسسات لها مواقع مهمه فى أدارة الدولة وهى التى تدير شبكة التجار والمستوردين والذين تضاعفت ثرواتهم على حساب موت القطاعات الأقتصاديه العراقيه .
لقد بدأ صدام ومنذ العام 1986 بعملية تصفيه واسعه لقطاع الدولة تمثل فى بيع مؤسسات كبيره للقطاع الخاص كما جرى غلق وتعطيل الكثير من المنشآت الصناعيه وجرت عمليه كبيرة للتحول للتصنيع العسكرى وسخرت موارد البلد فى هذا الأتجاه ، أن الهدف من تعطيل تنمية الصناعه والزراعة العراقيه هو الخشيه من ظهور طبقه عامله عراقيه واسعه ومنظمه يمكن لها فى حال فى ظل تطور وسائل الأنتاج وتفتح آفاقها وتطورها الفكرى والتنظيمى أن تكون قوة هائله يمكنها أن تكتسح الشارع العراقى وتزلزل الأرض تحت أقدام الحكام والذين يريدون للعراق ان يبقى رهين الأقتصاد المتهالك المعتمد على النفط لكى يديموا تسلطهم على مرافق الأقتصاد العراقى ويتحكموا فى السوق العراقيه .أن الحقد على الطبقه العامله يتضح حتى من خلال أستهداف العمال وتجمعاتهم بالسيارات المفخخه والعبوات الناسفه ويتضح أيضا فى عملية تسطيح وعى الجماهير وأبعادها عن أدراك ما يجرى على الصعيد الأقتصادى من تخريب وفساد . هم يعرفون أن الطبقه العامله العراقيه هى الطبقه الوحيده فى المجتمع التى لايستطيعون أحتواؤها كما فعلوا مع فئات المجتمع الأخرى لأن العمال ملتصقون بالآله والآله فى تطور مستمر وكلما تطورت تطورت عقليتهم وأنفتحت آفاقهم وهم من خلال تجمعاتهم فى المعامل والمصانع يعملون بروح الجماعه مما يسهل توحيدهم وهم لذلك الطبقه الأكثر تنظيما فى المجتمع ومن هنا يكمن خطرهم على الفئات الحاكمه والتى تريد تعطيل المشروع الوطنى بتعطيل الأقتصاد العراقى وشله والحيلوله دون تكون طبقه عامله عراقيه واعيه ومنظمه وهم يخافون أيضا من أن يستوعب الشيوعيون هذه الطبقه ويقودون نضالاتها وهذا الخطر يؤرقهم كما يؤرق كل الأنظمة المتخلفه والتى تعيش على تغييب دور الجماهير وقمع توجهاتها للتحرر والديمقراطيه . لقد جرت محاولات كثيره لألغاء النقابات المهنيه كان آخرها القرار الذى صدر ايام حكومة الجعفرى والذى نص على تجميد عمل النقابات ومصادرة ممتلكاتها وهو القرار الذى رفضه العمال ووقفت ضده القوى الوطنيه ولم تستطع السلطه تنفيذه . وأستمرت حالة موت الأنشطه الصناعيه فى العراق حيث توقفت معظم المصانع العراقيه وتحولت الى مجرد خرده وحتى تلك التى ظلت تعمل – بجهود ذاتيه من منتسبيها – فهى تعمل بربع طاقاتها الأنتاجيه بينما يعانى منتسبوها من بطاله مقنعه وهى الظاهرة التى بدأت تنهش فى جسد الأقتصاد العراقى حيث تثقل ميزانية الدولة بميزانيه تشغيليه لاتشغل سوى عشر الطاقة الأنتاجية للبلد .
وسيحتفل عمال العراق وعمال العالم بعيد العمال العالمى فى الأول من آيار القادم وسط حالة من الأحباط والتشتت وفى جو مشحون بالشعارات الدينيه وتوجه عام للدولة العسكريه وحالة طوارىء غير معلنه وأشك فى أن الحكومة ستسمح بخروج مسيرات عماليه للأحتفاء بالمناسبه لأنها ببساطه غير معنيه بالعمال وبعيدهم لأن الهاجس الأمنى لديها وتعزيز سلطتها فى الشارع صار هو شغلها الشاغل وتعتبر أن الأحتفال بعيد العمال هو شأن القوى العلمانيه – واليساريه حصرا- وهى ليست منهم لذلك لن تبدى الحكومة العراقية أى أهتمام بعيد العمال لأنها لاتؤمن بدور الطبقه العامله وأهميتها بل تعتبر أن عملية التغيير المطلوبه يقودها رجال الدين وحدهم لأن المجتمع المطلوب بناءه وفق تصورهم هو مجتمع تذوب فيه الطبقات لأن الدين يوحد الجميع المستغل والمستغل فالكل مسلمون !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا


.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل




.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا