الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الصنم في الذاكرة العراقية

سلام خماط

2009 / 4 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


السنوات التي سبقت سقوط الدكتاتور في 9/ 4/ 2003 كانت من أسوأ عهود الظلام التي مر بها العراق عبر التاريخ,لأنها جاءت متزامنة مع وجود موارد طائلة والتي حولها صدام إلى نقمة وأداة ضاغطة ووسيلة للقتل والإبادة وشراء ذمم وضمائر بدلا من ان يستخدمها في عمليات الاعمار والبناء ورفاهية الشعب

لقد اعتمد الدكتاتور على سياسة الإرهاب في كل ممارساته طيلة فترة حكمه مستعينا بمجاميع من القتلة والمجرمين الذين أصبحوا فيما بعد قادة معروفين ,وما عملية إطلاق سراح السجناء الا دليل على ان النظام قد خطط لاستخدامهم كورقة اخيرة بعد سقوطه.
ان عمليات القتل والاختطاف والسطو المسلح والسرقات كان وراءها هؤلاء المجرمون الذين رافقوا القوات الأميركية منذ دخولها بغداد وكيف سمح لهم المحتلون بسرقة المباني الحكومية وما فعلوه من تخريب متعمد لكل مرافق الدولة ,الا ان الطامة الكبرى هي ان الكثير من هؤلاء قد تمكنوا من التسلل الى اجهزة الجيش والشرطة ,وان ما تمارسه هذه الاجهزة يغطي عادة أكثر البيانات عن الجرائم التي تتحمل مسؤوليتها الجماعات المسلحة الاخرى، وقد أثيرت ضدها أكثر من قضية حتى ان الفضائية العراقية قد عرضت الكثير من الإرهابيين الذين يتم القبض عليهم ومن بينهم رجال امن وبمختلف الرتب ,يبدو ان الأميركان قد اختاروا لحكم العراق النوع الطائفي حلا ومنهجا في بينونة الدولة بعد سقوط نظام صدام وكأنهم قد رسموا مستقبلا ملغوما ,وهذه السياسة ليست بالجديدة على العراقيين فهي امتداد لسياسة البريطانيين عندما أحتلوا العراق إبان الحرب العالمية الأولى ,وان التاريخ أثبت فشل هذه السياسة الطائفية إلا أنها كلفت العراقيين الكثير من الأرواح,ولهذا نستطيع القول ان أي ترويج طائفي او قومي مبني على أساس التعصب الشوفيني تنتهجه القوى السياسية الحالية سواء كانت مشاركة في السلطة او خارجها فهو عبارة عن محض جهالة لاتزيدها إلا بعدا عن الروح العراقية المتسامحة والمتحابة . وبعد مرور 6سنوات على سقوط الصنم فقد دفع الشعب العراقي ثمن التغيير الديمقراطي من خلال آلاف الضحايا من الشهداء الذين سقطوا بسبب الأعمال الإرهابية القذرة ,وان نزيف الدم سوف يتوقف إذا استيقظ كل صاحب ضمير وطني وكل شريف يسعى من اجل استقرار الوضع وتقدم البلاد وينبذ العنف والتعصب ويرفض خلط الأوراق .لقد لبى العراقيون الفتاوى الصادرة من المرجعيات الدينية التي تؤكد على المشاركة في الانتخابات بأنها واجب شرعي ,وان التقاعس يعد مخالفة شرعية ,لذا خرج الجميع للإدلاء بأصواتهم رغم الإرهاب الذي يتربص بهم تلبية لهذه الفتوى ,لكن الذي حصل قوائم مغلقة أنتجت لنا مؤسسات مبنية على محاصصات تبعتها انسحابات متكررة لوزراء وممثلي كتل وتيارات ,وقصور واضح في إدارة البلاد وفساد إداري ومالي وسرقات للمال العام في وضح النهار من قبل وزراء ومدراء وأمام سكوت عام مثير للتساؤل والحيرة لا نجد له تفسيرا منطقيا ,واتهامات لها بداية وليس لها نهاية وتصريحات منفلتة وانقسامات وتحالفات واستغاثة بمخابرات دول واستنجاد بتنظيم القاعدة عبر وسائل الإعلام .لم يختر العراقيون هؤلاء لأنهم أكثر وطنية بل اختاروهم لأنهم اعتقدوا إن فيهم القدرة على تحقيق طموحات المظلومين وإرجاع حقوقهم ,وليس لان فيهم القدرة على الدفاع عن مصالحهم في جلسات سرية ومغلقة ,اختارهم الشعب لأنه اعتقد إن فيهم القدرة على الحفاظ عن القانون والالتزام به ,هذا القانون الذي يجب ان يكون المقياس الذي يحاسب عليه الجميع ولا مقياس غيره ,يقول الحطيئة مخاطبا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رض):
ما أثروك بها إذ قدموك لها
لكن لأنفسهم كانت بك الاثر
إن الشعب العراقي يتطلع إلى إصلاحات اقتصادية سريعة لمعالجة الوضع المعاشي المتردي وإصلاحات إدارية تخلص المجتمع من النظام الإداري الفاسد والمتمثل برؤساء دوائر كانوا في زمن الدكتاتور المقبور يحتفلون في دوائرهم قبل شهر من عيد ميلاد رئيسهم (الميمون),هؤلاء لازالوا في دوائرهم رؤساء ومدراء وهم يسعون بكل ما أوتوا من قوة من اجل تعطيل كل القرارات الصادرة من الدولة الجديدة ,والهدف واضح وجلي وهو إيصال الناس إلى حالة من السخط والتذمر حتى يقنعوا الناس بان فترة حكم صدام أفضل مما هي عليه الآن.وان من واجب المثقف دراسة مواطن الخلل كي يضع حدا فاصلا بين ماهو سلبي وما هو ايجابي وليس المثقف من حفظ جملة من المصطلحات يجترها أينما جلس مصطلحات ليس لها علاقة بالواقع المعاش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة