الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفيق بوش والراسماليون الجدد

كامل الجباري

2009 / 4 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد فعلها السيد بوش قبل انتهاء ولايته . فقد تحول ، فجأة ومن دون سابق انذار ، إلى "الاشتراكي" والرفيق المناضل بوش . ورغم كل التنظيرات عن اقتصاد السوق الحر ، واطروحات الليبراليين القدامى والجدد عن تضبيط الاسواق لنفسها فقد ابتلعوا كل اللعنات التي صبوها على الاشتراكية لما تقوم به من تدخل الدولة في الاقتصاد و"افسادها للطبيعة الانسانية" بذلك التدخل حيث إن الطبيعة الانسانية في عرفهم هي السماح لاقلية من البشر أن تكون ديناصورات مالية مخيفة ، بينما تعيش الاكثرية الساحقة منهم على الكفاف والتهميش أو الموت جوعا ومرضا وجهلا وقتلا .
الغريب أيضا في الامر ، هو تحول اغلب قادة العالم الصناعي الراسمالي المتطور إلى اشتراكيين متحمسين ، من الرفيق ساركوزي إلى الرفيق غوردن براون مرورا بالكثير من القادة الاخرين واخيرا وليس اخرا الرفيق المبجل اوباما . لقد اخذوا يغدقون المليارات تلو المليارات ، من الجنيهات والدولارات ، في دعم واقراض وشراء المؤسسات المالية والصناعية التي لم يضبطها السوق – مع شديد الاسف؟- وفق المبدأ المقدس للراسمالية الليبرالية من نقود دافعي الضرائب ، وبذلك يحملون الشعب مسؤولية فساد نظرتهم المخالفة للطبيعة لانسانية من أجل عودة الديناصورات المالية للكنز الفاحش من جديد والقاء الكثير من العاملين إلى سوق العاطلين . كما علت أصواتهم بنغمة تضبيط الاسواق من خارجها ، ووضع الخطط وفق أسس جديدة لضبط الاسواق وحركتها ، وهو ما كانوا يأخذونه دوما على الاشتراكية .
الاغرب والاعجب إن دعاة الرأسمالية ونظام السوق الحر عندنا يسبحون عكس التيار . إنهم يسعون بكل ما في وسعهم من جهد وطاقة إلى تهميش دور الدولة ، وجعلها مجرد (ناطور خظرة) لا تهش ولا تنش، وقد صاروا ليبراليين أكثر من الليبراليين الجدد – الذين اعترفوا بعورات الاقتصاد الحر – فهم يرفعون الدعم عن كل شيء في صناعاتنا الوطنية ويغرقون السوق العراقية بكل ما هب ودب من نفايات الصناعات الخارجية ويدعمون الاستثمارات الاجنبية ، بأي شكل ، المهم أن تتيح الكثير من العمولات للبعض من ذوي الشأن في صناعة القرار ، محولين إتجاه الاقتصاد إلى اصحاب التوكيلات من الكمبرادور المحلي وطامحين إلى خصخصة كل شيء ، في ظل الضروف الكارثية التي نعيشها من فقر وبطالة وأمراض وتلوث بيئي وفساد سياسي ومالي وإداري والقائمة تطول .
حقا إن عالمنا اليوم عجيب وغريب . ففي الوقت الذي تتراجع فيه الرأسمالية الام ، مرغمة عن ثابتها الاساس ، نرى رأسماليينا الجدد في بلادنا يطبلون ويزمرون للبرلة متطرفة في الاقتصاد فيما يحجبون مزايا الليبرالية في الامور الاخرى إن لم يكن العكس تماما .
خلاصة القول إن هذا هو حال الاقتصاد الحر وفرسانه ففي الوقت الذي تلجأ فيه الرأسمالية الام إلى "الاساليب الاشتراكية" التي تمقتها محملين العالم مسؤولية ازماتها ودفع ثمن انقاذها فإننا نرى رأسماليينا الجدد يلجأون إلى اللبرلة المتطرفة على حساب البلد والمواطن . بذلك لا يمسكون الخيط ولا العصفور بل يزيدون ثرائهم الفاحش فيما يحولون إقتصادنا إلى أقتصاد غرابي – نسبة إلى الغراب – الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس فلم يستطع كما إنه لم يتذكر مشيته الاولى فأخذ يقفز ، والخوف كل الخوف إن تكون له قفزة لا تحمد عقباها على البلاد والعباد .
ملاحظة اخيرة .. الطبقة الرأسمالية في العالم المتطور منتجة ومبدعة أما رأسماليتنا الجديدة ، في معظمها ، هي طفيلية وشرهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس