الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح التغيير على كوكب الأ رض -4

محمود حافظ

2009 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


فى مقالتنا السابقة تحدثنا عن طبيعة النشأة الأمريكية وكان مجمل ما أوردناه فى الآتى
1- أن أمريكا نشأت فى ظل نمط الإنتاج الرأسمالى
2- أمريكا بلد بلا تراث ولاعادات وتقاليد ولا بنية ثقافية سابقة
3- التنوع فى المجتمع الأمريكى نتيجة التنوع فى المهاجرين الأوائل
4- تأصيل غريزة التوسع فى المجتمع الأمريكى حتى تعدى حدود الكوكب لتشمل التوسع فى الفضاء
5- تأصيل غريزة الحرية الفردية الإقتصادية والتى تمحورت حولها الليبرالية الأمريكية الجديدة وإعادة إنتاج هذه الليبرالية فيما تم تسميته بالنيوليبرالية .
6- ما آلت هذه النيوليبرالية فى فرض رأسمالية متهورة حسب تعبير أصحاب الشأن وضرورة العودة إلى رأسمالية منضبطة .
هذه النقاط قد شملت النشأة والتطور حتى وصلت إلى مرحلة السقوط المدوى أو الإنهيار الكبير ، وكيفية الخروج من هذا الإنهياربفرض التغيير .
ولما كانت أمريكا بقوتها الإقتصادية ونشأتها الحديثة أصبحت زعيمة العالم الأول بلا منازع الأمر الذى جعلها أن تفرض إرادتها عللا بقية العالم الأول وخاصة العالم مهد الحضارة الرأسمالية ونقصد هنا العالم الأوربى .
فقراءتنا اليوم عن القارة الأوربية مهد الحضارة الحديثة والتى أصبحت تدور بعد حروبها العالمية فى الفلك الأمريكى .
فى مقالاتنا السابقة تعرضنا على نشأة الحضارة البرجوازية الأوربية على أنقاض العصر الإقطاعى والذى هو نفسه قد نشأ على أنقاض العصر العبودى ، ومما هو جدير بالذكر فإن أوربا صاحبة أقوى وأغزر وأشيق حضارتين قبل الحضارة الإسلامية وهما الحضارة اليونانية والحضارة الرومانية بمعنى أن أوربا قارة لها تراث وعادات وتقاليد وبنية ثقافية غنية هذه البنية هى التى أهلتها لتبوءمكانتها لتكون القارة منشأ الحضارة البرجوازية الحديثة أو الرأسمالية الحديثة ، ونتيجة الغزارة فى البنية الثقافية كان هناك الرواد فلاسفة عصر النهضة وفلاسفة عصر التنوير والذين مهدوا للنشأة الحضارية .
إن الرواد والفلاسفة والعلماء فى شتى فروع العلوم الطبيعية قد أثروا المجتمع البرجوازى المشار إليه سابقا حتى أن هؤلاء الرواد الذين مهدوا للرأسمالية مهدوا أيضا لتطورها فى إتجاه الإشتراكية ، فالفكر الإشتراكى الطوباوى لسان سيمون والذى كان له مفاعيل على أرض الواقع من خلال ربط الكوكب بالممرات المائية هذا الفكر الذى أدى إلى إنشاء قناة السويس ومن بعدها قناة بنما كان يحمل فكرا تطوريا أتبعه بعد ذلك فكر هيجل وتلامذته أمثال فيورباخ ، ثم أتبعه فكر الإشتراكية العلمية أو تأسيس ما يعرف بالفكر الإشتراكى الديموقراطى على يد كارل ماركس وتطور هذا الفكر إلى الفكر الشيوعى كمرحلة نهائية للمرحلة الوسطى ما بين الرأسمالية والشيوعية وهى المرحلة الإنتقالية وهى المرحلة الإشتراكية الديموقراطية .
كل هذه الإفكار تم إنتاجها فى نهاية القرن الثامن عشر وفى القرن التاسع عشر والذى شهد نمو ونضج الفكر الإشتراكى الأوربى على مساحة القارة الأوربية ، فإذا كانت الرأسمالية كمرحلة تطورية قامت على أنقاض الإقطاع الأوربى وقامت بإرساء علاقات إنتاجية جديدة نتيجة التطور فى قوى اإنتاج هذا التطور الذى تتابع بخطى سريعة ومعه تتابعت الأفكاراللاحقة به والتى تدفع للتغير فى علاقات الإنتاج ، فإذا كانت الرأسمالية أشأت الليبرالية القائمة على الحرية والتى تم إختزالها على الحرية الإقتصادية هذه الحرية التى قوامها الفرد فإن الفكر الإشتراكى المتطور عن الفكر الرأسمالى واللاحق له قد وضع الجماعة فى مقابل الفرد أى بمعنى وضع الموضوعية مقابل الذاتية بمعنى آخر وضع الأنا التملكية بكل غرائزها فى مقابل الكل الموضوعى الخالى من الغرائز نتيجة خلوه من غريزة التملك وهذا ماقاد إلى تبوء الطبقة العاملة فى صراعها ضد الرأسمالى من خلال العلاقة اإنتاجية لتكون هى القائدة لحركة الصراع هذا التبوء مصدره أن الطبقة العاملة هى طبقة مجموع دخلها ناتج عن بيع قوة عملها لا عن إستملاكها أو رغبتها فى الإستملاك فهى طبقة تخوض صراعا مريرا ضد كل ماهو مستملك يعمل فلى زيادة نسبة إستملاكه .
بهذه المبادئ تأسست فى أوربا الرأسمالية ونتيجة لهذه الأفكار الواقعية التجمعات النقابية ثم الأحزاب الإشتراكية الديموقراطية ومن بعدها الأحزاب الشيوعية والتىقامت على تطور الماركسية بإضافة النضال اللينينى فى روسيا القيصرية والقيام يالثورة البلشفية وتأسيس الإتحاد السوفيتى بقيادة حزب لينين الشيوعى .
ما يهمنا هنا الحديث عن العالم الأول الأوربى وهو الذى يضم الجزء الغربى من القارة الأوربية هذا العالم الذى إنتشرت فيه وبمجمله الأحزاب الإشتراكية والشيوعية لاحقا هذه الأحزاب التى قامت بنضالها لصالح الطبقة العاملة السياسى فقد قامت هذه الأحزاب فى اليونان وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وكافة الدول شمال القارة وخاصة الإسكندافية وفى فترات النضال السياسى فى ظل السيطرة الرأسمالية تبوأت هذه الأحزاب السلطة فى بلدان القارة الأوربية واستطاعت من خلال تبوئها السلطة أن تقوم ببناء قطاع عام قوى فى بلدانها حتى أن البلاد الأوربية من العالم الأول ونتيجة هذه المكتسبات حافظت على عدم إنهيارها السريع وإستطاعت تحمل موجة الإنهيار كما حدث فى بلد مثل إيطاليا أو البلاد الإسكندافية ذات الحكومات الإشتراكية .
ما نود أن نقوله أن التطور الطبيعى كان فى إتجاه خط السير التلقائى وأن نضال الطبقة العاملة لم تستطع القوى المسيطرة من قمعه نتيجة وجوده القوى فى هذه البلدان منالعالم الأول الرأسمالى وأن سيرورة الذات والموضوع كانت متلازمة فى أوربا الغربية من خلال الصراع الطبقى وما زالت حتى الآن رغم مرورها بإنتكاسات كبيرة قد تعدتها بقوة جماهيرها العمالية رغم كل الألاعيب الرأسمالية نتيجة التطور فى النظام الرأسمالى وتعديه المرحلة الإحتكارية إلى مرحلة الإمبريالية ومحاولته رشوة الطبقة العاملة بتدفق فائض قيمة من المستعمرات لإشباع الحاجات الإقتصادية للطبقة العاملة .
ايضا بمرور فترات الكساد الكبرى فىت العالم الأول الرأسمالى وخاصة الأوربى وفى الفترات التى تلى الحروب الكبرى والتى تسبق حروب كبرى أخرى مثل الكساد الكبير أو الأزمة المالية الكبرى فى العام 1929 م والتىبدأت فيها ملامح قوة الإقتصاد الأمريكى تطغى على العالم الأول نتيجة المساعدات المالية التى قدمتها أمريكا لدول أوربا للخروج من أزمتها هذا الدين الأوربى ما زال فى رقبة الأوروبيين حتى الآن وما زالت أوربا تقوم بالتسديد فيه إلى اليوم فقد قامت أوربا فى نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضى بتسديد فواتير أمريكية فى ف6ترة أزمة للإقتصاد الأمريكى بالقيام بإتفاق بريتنودز ثم فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى بالقيام بإتفاق رامبويه للخروج بالإقتصاد الأمريكى من مأزقه .
فودة إلى أزمة 1929 م والتى بدأ بها الإقتصاد الأمريكى الأقوى عالميا يظهر على وجه الكوكب وبدأ التسويق لطريقة الحياة الأمريكية أو الحلم الأمريكى هذا الإقتصاد الذى كان أكثر قوة وتنظيما قد بدأ يفرض نفسه على النمط الأوربى حتى بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية وقد بدأهذا الإقتصاد القائم على الحرية الفردية وإقتصاديات السوق وعدم تدخل الدولة فى الإقتصاد وإزالة كافة العراقيل من أمام الرأسمال وعدم البحث عن المصادر الرأسماليةكل هذه الأمور قد بدأت تدب فى الإقتصاد الأوربى وفى توقيت ضعف فيه نضال الطبقة العاملة وتحديدا فى توقيت التحالف بين ريجان - وتاتشر وبداية تفعيل نظرية المحافظين الجدد حتى بدأت بعض دول أوربا الغربية بالتخلى عن مكتسبات الطبقة العاملة وفى حالة ضعفها وقامت ببيع قطاعها العام والتخلى التدريجى عن رأسمالية الدولة وهنا بدأت الذات الأوربية تعصف بالموضوع ساعد على هذا التحكم الغرائزى للذات هذا التحكم الذى فرض نفسه نتيجة الفرض الجبرى لقوة الإقتصاد الأمريكى على الإقتصاد الأوربى الأمر الذى جعل هذا الإقتصاد الأمريكى ينقل طفيلياته إلى الإقتصاد الأوربى ويجره معه فى الإنهيار المدوى فى بداية القرن الحادى والعشرين .
كان لابد ونتيجة الثقافة الأوربية إستنهاض عصر الرواد وإعادة إنتاجه حتى تزيح أوربا هذه الطفيليات الأمريكية المصاحبة لإقتصادها وأن تستعيد مكاسب النضال العمالى فى دعم رأسمالية الدولة ووضع حد لجماعات الرشوة والفساد وأعمال المافيا وغسيل وتهريب الأموال هذه الطفيليات الأمريكية والتى نشأت فى أمريكا نتيجة التركيبة الإجتماعية الأولى وأن تهب رياح التغيير من الشرق الأوربى إلى الغرب الأمريكى لكى تتبنى أمريكا ولأول مرة منذ نشأتها فكرة إنضباط الإقتصاد عن طريق رأسمالية الدولة وتعمل أمريكا وتسوق فكرة القضاء على طفيلياتها هذه الطفيليات التى هزمت الدولة الأمريكية فى السابق حينما حاولت الرأسمالية الأمريكية فى قوتها أن تعمل على تقوية والحفاظ على قوة عمل الطبقة العاملة الأمريكية بتحريم الخمور وقامت المافيا الأمريكية بهزيمة الدولة وتهريب الخمور بقوة سيطرتها وإفسادها لعناصر النظام فهذا دليلا عن ما نسوقه لطبيعة النشأة الأولى والأدلة كثيرة فهل ينجو العالم الأول من الإنهيار وتغليب العقل والمنطق على الأفعال الغرائزية المصاحبة للذات وأن يضع هذا العالم القاطرة أمام العربات حتى يكون السير طبيعيا ومتسقا وفق التطور الطبيعى ؟ وهل بالفعل سوف تعود الشفافية الحقيقية ويندثر الفساد ؟
إن غدا لناظره قريب وهذا أمل نعمل فى سبيل الوصول إليه وحق طبيعى نعمل لنصرته لصالح الأجيال القادمة والتى بدأت منذ الصغر تضع أمام أعينها نظارات سوداء كلنا أمل لتنقية هذا السواد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا