الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجل الرئيس ...مرتشي

بكر أحمد

2009 / 4 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


بسرعة البرق أنتشر خبر تقديم شركة أمريكية رشاوى مالية إلى يمنيين في شركة اتصالات هاتفية ومن ضمنهم نجل الرئيس علي عبدالله صالح ، وكون هذا الخبر هو خبر يصل في مصداقيته إلى نسبة عالية لدى الشعب اليمني ولا يمكن ألتشيكك به كون هذا الشعب يعرف جيدا أن النظام برمته هو نظام يقتاد على هذا الأسلوب الغير أخلاقي في استغلال الوظيفة والمنصب والمسئولية ، إلا أنه ورغم أن هذا الخبر من المفترض به أن يمر مرور الكرام لأنه خبر جدا اعتيادي نراه في إشارات المرور وعلى أبواب الدوائر الحكومية وفي مكاتب الوزارات إلا أنه إثارته تكمن في أن أبن الرئيس نفسه متورط في مثل هذه الأعمال مما يعني أن الأمر يستحق أكثر من وقفه وتأمل .

بطبيعة الحال لا يجب على أحد أن يتوقع أي ردة فعل على هذه الاتهامات بحق فرد من أفراد الرئيس ، فهم فوق القانون والنظام بل أنه ربما من السخرية لو طالبت أي شخص منهم بتقديم إبراء ذمه أو مطالبة عرضه على القضاء أو على هيئة مكافحة الفساد ، فهذا هذيان لا طائل منه ، إلا أني سأقف من زاوية التشكيل الثقافي " للأسرة الحاكمة " وطبيعة تعاملها وتفسيرها للأمور في بلد استولت فيه على كرسي الحكم فيه منذ ثلاثون عاما وتشكلت داخل هذه الأسرة أجيال متتالية ووعي متراكم ، أنتج عنه للأسف الشديد نزع للكبرياء في نفوسهم تجاه المال وقبول رشاوى بشكل مهين لتمرير أوراق من هنا أو مناقصة من هناك رغم اكتفائهم المادي والاقتصادي الكبير .

فيما قبل تولى الرئيس سدة الحكم وبينما هو في مدينة تعز سرت شائعات أنه مطالب من قبل أشخاص كثيرون بأموال كان أقترضها منهم ولم يستطع لسوء أوضاعه المالية سدادها ، إلا أن الزمن قلب له ظهر المجن فصار أحد أباطرة العالم يهيمن على بلاد شاسعة ويدير دفتها الاقتصادية دون أن تكون هنالك فوارق واضحة بين المال العام والخاص ودون وجود قانون أو شخص يمتلك مقدرة السؤال أو المحاسبة عن الداخل لخزينة الرئيس الشخصية أو لخزينة الدولة ، بل يقال أن معظم استثمارات الرئيس هي في ألمانيا التي يزورها بين الحين والآخر بحجة الفحوصات الطبية المتكررة ، ولأن هذه الأموال لم تأتي كنتيجة عمل فكري تجاري يدل على عقلية تستطيع أن تنتج بل جاءت من خلال الاستحلاب المستمر لثروات البلاد على مدى عقود من الزمن ، ولأن هذا الاستحلاب ما كان له أن يمر دون أن يؤسس ثقافة معينة تساعده وتجعل من ممارسة هذه الأعمال أمر طبيعي ، فقد انتهجت هذه الأسرة الحاكمة سياسة قلما وجد لها من نظير في هذا العالم وفي هذا الزمن ، ألا وهي إصرارها على ترسيخ كل مقومات القبيلة السلبية من ثأر وأعراف تتناقض مع المدنية وتنحاز لأبن الشيخ على حساب الرعوي ، ثقافة تميز بين البشر على أساس لونه أو نسبه أو دينه ، ثقافة انتشرت بين الشعب اليمني قائمة على الفساد وقبول الرشاوى وعد مثل هذه الأمور على أنها من الأمور التي تدل على الشطارة والفحولة والتميز الإيجابي .
وعليه فحين يرى هذا الشعب المحموم بثقافة الفساد أن رئيسه أو نجله أو أحد أقاربه قام بقبول رشاوى فهو قد يعتقد أن هذا النجل شبل لأبيه الأسد .

لكن إذا كان تثقيف الشعب بالأخلاق السلبية هي سياسة منهجية للنظام فهل من المعقول أن يقوم هذا النظام بتربية أبنائه على نفس الثقافة القائمة على الفساد الأخلاقي والسياسي والثقافي أم أنه سيحاول الارتقاء بهم إنسانيا والجواب على هذا السؤال يعتمد في الأساس على عقلية رأس هرم السلطة .

فنحن أمام أحد خيارين أولهم بأن عقلية رأس النظام هي عقلية " نابهة " قامت بتشويه أخلاق الشعب اليمني من منطلق الدهاء وإبقائه يرزح تحت التخلف والفاقة لأن هذا حسب وجهة نظره يساعد على إبقائه في السلطة أطول فترة ممكنة ، أما الخيار الثاني فهي أن عقلية النظام هي فعلا عقلية متخلفة ترى كل بشع وسيء وسلبي هو أفضل ما يمكن الحصول عليه وتسويقه على اعتبار انه أحد المنجزات التاريخية .

لذا من نافلة القول أن أنجال الرئيس تربوا على ما هو شائع بين المجتمع سواء كانت هذه التربية عن قصد أو عن لؤم فكري ، وتم إفهامهم بأن أبيهم هو عبقري زمانه فهو يستطيع أن يأخذ الملايين دون أن يوقفه أحد ويستطيع أن يشعل الحروب لمدة سنين طويلة ثم يوقفها بمكالمة هاتفية ، يستطيع أن يقيم وحده مبنية على دستور مدني واتفاقيات مصدقة ، ثم يعلن الحرب عليها ويلغيها ويعود بالدولة إلي ما قبل عهد القبيلة يستطيع أن يفعل أي شيء وفي أي وقت بدون حدود أو ضوابط ، وهم ومنذ صغرهم يمارسوا هذه الغواية باعتبارهم أمراء قد تم ضمان مستقبلهم .

لكن من هو المقصود تحديدا من بين أبناء الرئيس باستلام تلك الرشوة ، بل من هو صاحب النفوذ الذي يستطيع أن يتواصل مع شركات أمريكية ويعدها بتسهيل أمورها أن هي دفعت له مبالغ مالية طائلة ، طبعا إجابة هذا السؤال لا تستحق الكثير من البحث والتقصي ، أنه الرجل الذي يعده الرئيس لحكم اليمن ثلاثون عاما أخرى بنفس السياسة وبذات النمط ، فالنظام لم يعد يبالي كثيرا حين تنكشف أوراقه بالفساد الأخلاقي فهنالك سوابق كثيرة مرت مرور الكرام ، والجميع هنا يعتمد على ضعف الذاكرة التي صارت تستوعب كل شيء .والنظام باقي بنفس ثقافته كأمر واقع وكقضاء وقدر يجب أن نؤمن به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أبن الريس مرتشي
john angel ( 2009 / 4 / 11 - 01:55 )
أستاذي العزيز
إيه الغرابة أن أبن الريس مرتشي قولي علي ريس أوملك في دولة عربية مش مرتشي حضرتك تستعجب لو كان في ريس أو ملك مش مرتشي .أحنا عندنا رؤساء عصابات مش دول

اخر الافلام

.. هل يصوت الناخبون يوما لذكاء اصطناعي؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ما تداعيات إلغاء إسرائيل -المحتمل- للإعفاءات المقدمة للمصارف




.. الانتخابات الأوروبية.. صعود اليمين | #الظهيرة


.. مارين لوبان تعلن استعداد حزبها لتولي السلطة إذا منحه الفرنسي




.. استقالة غانتس.. مطالبه وشروطه | #الظهيرة