الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الانتخابات الجزائرية : الجزائر وأزمة الهوية

حسام مطلق

2009 / 4 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الحقيقة ان الازمة التي تواجهها الجزائر هي ازمة هوية, ليس بمعنى التشكيك بهوية الجزائر العربية, ولكن بمعنى التحولات الداخلية التي تطرأ على الذات الجمعية عبر دفاعها عن نفسها. يطرح هيجل حركة الصراع بين الاضاد والانتقال في ثالوثه من المباشرة الاولى الى الثانية التي ترفع المنظومة القيمية الى المرحلة الزمنية اللاحفة عبر وسيطين, هما عنصرا فعل الصيرورة. العنصران هما الامتصاص والالغاء. بغض النظر عن شكل الهوية التي يبدأ بها اي صراع فإن التغير عبر فعل الديالكتيك يضفي على الاحاد صفة جديدة. هو ليس بالضرورة يقود الى التغير النهائي, الا في حال الممانعة الشديدة, ولكنه بالضرورة لن يكون الاحاد الذي انطلقت منه الحركة. الجزائر خاضعت معركة الاستقلال عن فرنسا, وهذا حق, ولكنها, عبر ذاكرتها الجمعية, اغفلت فعل الامتصاص الذي تعرضت له هويتها من الاستعمار الفرنسي ومن الصراع مع فرنسا. في الحالة الفرنسية تلك الحيوية, اقصد الاستقبال القيمي, كانت نشطة, ودليل ان الجزائر لم تستقل, كما يروج المتطرفون العرب بمن فيهم الجزائريون, بفعل المقاومة الباسلة, وهذا ليس تقليلا من دورها, ولكن التاريخ علمنا ان خسارة صاحب القوة مردها الى انهيار داخلي لا الى قوة ارادة المقاومة. في الحالة الجزائرية لعب الليبراليون الفرنسيون دور احرار الجزائر وصارعوا من اجل حرية الجزائر وهم بخوضهم لهذا الصراع قدموا للامة الفرنسية الامتصاص الذي تحتاجه للاستمرار. لقد ساهموا في النقل القيمي الذي جعل الامة الفرنسية عظيمة اليوم حين حملوا لواء القيم الانسانية البعيدة عن الشيفونية والمعترفة بحق الانسان في الحرية والكرامة. لم يقصروا هذا الحق على المواطن الفرنسي, كما فعل جنديهم البونابرتي, والذي استمدت من اسمه كلمة شيفونية, بل قالوا بالحرية للانسان. في الحالة الجزائرية رفض الجزائريون وبمدى منقطع النظير التأثير الفرنسي على بلادهم, وهذا مفهوم عاطفيا في المرحلة الاولى من الاستقلال, ولكنه اصبح كارثيا في المرحلة التي تأكد فيها الاستقلال, ومن هنا صار بحثهم عن احياء الهوية التي بدأوا بها الصراع دون مراعاة للمتغيرات التي طرأت على تلك الهوية بفعل الامتصاص القيمي الذي حدث خلال الاستعمار الفرنسي بما فيه معركة الاستقلال. هذا الرفض هو ما ولد الانقسام, حيث صار التناقض شديدا بين الهوية القادمة من القرن الثامن عشر وبين الهوية المتعصرنة على الحرية والليبرالية. المشكلة التي تواجه القوميين العرب عموما تكمن هنا. انهم عاجزون عن تحديد شكل الهوية, عن تحديد الانجاز الحضاري المرحلي الذي يعرفون به الهوية, وهذا في علم النفس التحليلي يسمى تقزم الانا, ومن هذا التقزم لا يجدون سوى الانا العليا يستحضرون منها ما نقص في " اناهم " الحضارية المرحلية. والجزائر ليست استثناء في ذلك. الحقيقة ان النزعة الشيفونية التي ناضل الليبراليون الفرنسيون ضد اليمين الفرنسي وانقذوا بما اتهموا به من اعدائهم بالخيانة, انقذوا بلدهم , هو ما عجز يعجز عنه القوميون العرب . هناك هويات كثيرة داخل الهوية العربية, القصد بالمعنى الثقافي, وللاسف فإن الفزع من العجز الواضح امامهم هو ما يدفعهم الى رفض الاعتراف بتلك الهويات, طبعا البربرية والكردية والامازيغية وغيرها من الهويات العرقية المطموسة قسرا داخل الهوية العربية انما دلالة ما بعدها دلالة على مدى عمق ازمة الفكر القومي العربي. ففي وقت يطالبون فيه بالحرية وبحق تقرير المصير , وهو مطلب محق, يمارسون ازدواجية, يشتكون انهم ضحيتها من الغرب, حين ينكرون على تلك الاقليات العرقية وغيرها حقها في التمايز الثقافي. بنظرة بسيطة لقد صارت كل المعاني المتخلفة والرافضة للمدنية والحداثة هي التعبير عن الانتماء العروبي. انها دعوة كي تنقى العروبة من صفات الانتقاص في القيم الانسانية والخروج عن مضامينها الى الاقتداء بالحالات الانسانية الاكثر نضارة , طبعا احداها الليبرالية الفرنسية التي ساعدت, ان لم تكن مكنت, الجزائرين يوما من الاستقلال. لم يكن الفرنسيون الذين تظاهروا من اجل استقلال الجزائر خونة ولا جبناء ولكنهم بكل بساطة كانوا مناضلي حرية فلتكن لنا بهم اسوة حسنة ونلعن اننا لم نعد ابناء العرب القحطانيين ولا ابناء الاسلام المحمدي ولنقل اننا نمتلك اوطاننا بالشراكة مع الاخرين فما من امة نقية وما من ارض نقية والا اقمحنا انفسنا من حيث لا ندري في الفكرة الصهونية باعادة انتاجها بطابع عربي. اتمنى للجزائرين التوفيق والسلام ولكنني ارى انهم بعيدون عنه مالم يقم المثقفون منهم بمراجعة فلسفية لتاريخهم وهويتهم تستند الى قراءة عميقة لهيجل فالتاريخ الانساني بالعموم يسير نحو ما قال هذا الرجل فلم نهمله من حساباتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - AMAZIGH
Sassi Dehmani ( 2009 / 4 / 12 - 12:36 )
Nous sommes amazighs et africains du nord et nous sommes fiers de notre identité.
Lislam et larabité sont bien pour larabie saoudite mais pas pour nous hélas.
Hégle a dit; lidee puis lobjet
et nous sommes pas des objets a ceux qui nont
meme pas des idees nest pas mr Moutleq.
Nous voulons etre libre comme lair
et chez nous sur notre terre amazigh.
Merci

اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا