الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوقفوا النزيف

ناجي رحيم

2004 / 4 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بسقوط الجلاد ونظامه العفن ، تبرعمت أحلام النخل وتطلعت بعد جفاف كاسح إلى تذوق هواء جديد.
ولم تكد السنة الأولى تمرّ بما تخللها من مآس ونكبات ، حتى بدأت سماء العراق تشتعل بنيران جديدة .
فهل هو قدرنا أن لا نغادر أو لا تغادرنا رائحة الموت؟

عندما كتب الصديق الشاعر أحمد عبد الحسين بيانه " فليكن لنا صوتا " تنديدا بجريمة التمثيل بجثث الجنود الأربعة على أيدي نفر من سكان مدينة الفلوجة، كنت أحد الموقعين عليه ، إيمانا بأن لا شرائع من أي نوع تبيح التمثيل بجثة إنسان.
لكن، ها نحن " نتابع" الصواريخ الأمريكية وهي تمثل بكل بشاعة تفوقها العسكري الكاسح بأجساد عراقية .
ها نحن نعيش أحداثا مأساوية تنزف فيها دماء مئات العراقيين في الفلوجة وغيرها من مدن العراق.
كيف نوقف إرهابا تقوده أعظم دول الأرض جبروتا ، بآلاتها العسكرية الهائلة ، عقابا لمدينة كاملة على جريمة نفر منها؟
كيف نوقف النزيف ونمنع تكراره في مدن عراقية أخرى؟
سؤال علينا جميعا أن نجيب عليه، بالأفعال والكلمات التي يجب أن نحسن تنظيمها واختيارها .

مرة أخرى ، إن الذي يجري في العراق الآن ، من هدر للدماء ، واستعراض للقوة ، وتصعيد للأحداث ، واستخدام مبالغ للعنف ، يتطلب منا جميعا أن نعي هذا الذي يحدث ونحسن التصرف معه، وإلا فان الآلة الجهنمية لقوات الاحتلال ستحرق مدن العراق واحدة فأخرى. لقد تورّم جسد الوطن وما عاد قادرا على مزيد من الحروب ، تكفينا حروب الطاغية وآثارها المقيمة. أضحى العراق مسرحا كبيرا لأفواج من المتسللين عبر الحدود ، ممن لا يعنيهم صراخ طفل أو تذرع أمّ عراقية ، هؤلاء الذين تعشش في لحاهم القذرة عناكب من القرون الغابرة ، وتفحّ السموم في قلوبهم حقدا وضغينة .
من يدعم ويغذي القتال الدائر في الفلوجة؟
انهم " العربان " من الوهابيين والقوميين والمخدوعين بهم من شتى بلدان الأرض.
من يطبطب بحنو على كتفي مقتدى الصدر لإشعال الوضع في الوسط والجنوب؟
انهم المتأسلمون على طريقة آيات الله في ايران.
يجب تمرير الفرصة ـ على رغم النجاح الذي تحقق لحد الآن ـ عليهم ، هؤلاء الذين صنعوا من وطننا مسرحا لعملياتهم وبؤرا لمخططاتهم في تخريب حاضر يمكن أن نستثمره في بناء وطن حلم .

الوقت الآن لا يحتمل على أية حال مهاترات من أي نوع ، إذ لا بد من وقف النزيف بأسرع ما يمكن ، وكذلك العمل المحسوب بدقة لمنع تكرار نزيف الفلوجة في مدن عراقية أخرى . على العراقيين أينما كانوا أن يركنوا جانبا احتمالات خلافات فكرية ، عقائدية ، انتمائية ..الخ والعمل سريعا على تهدئة الأوضاع وبقلوب يجمعها الانتماء للعراق أولا وأخيرا. فليقم مجلس الحكم بمسؤوليته ومناشدة ، بل مطالبة سلطة الاحتلال على الاتصال بأطراف الصراع في الفلوجة ، وبمقتدى الصدر لنزع الفتيل عن مدن الجنوب.
إن الأوراق التي تلوّح بها سلطة الاحتلال ، أوراق مكشوفة بل ومحروقة سلفا ، فما معنى مطالبة مقتدى الصدر لتسليم نفسه على جريمة اغتيال عبد المجيد الخوئي وقد مرّ عليها عام كامل ؟ ما سرّ هذا التوقيت ؟ وما معنى الانتظار هنا ، واستباحة مدينة عراقية وبكل قسوة بعد أيام ؟ أليس هذا دفع بالأحداث إلى نهاياتها ، وفتح جبهات نزيف أخرى ، هل تعمل سلطة الاحتلال على خلق ذرائع لإدامة وجود آلتها الحربية؟

أيا كان الرأي في آراء وتصرفات مقتدى الصدر، يجب التعامل معه " كرجل سياسة " ، له أتباع قادرون على إشعال حريق هنا أو هناك، ولتعطيل مخططاتهم أيضا. والخشية من استمرار لعبة جرّ الحبل غير المحمودة هذه بين سلطة بريمر، من جهة ومقتدى الصدر والأيادي التي تعمل خلف الستار من جهة أخرى ، تكمن في إمكانية اتساع دوائر المؤثرين في الأحداث مما يؤدي إلى انفجار الأوضاع بأكثر مما هي عليه الآن .
إن الجرح العراقي مفتوح على احتمالات عديدة ومخيفة، ويجب علينا ، نحن العراقيين، العمل على إيقاف النزيف. ولنستعيد بهجة سقوط الطاغية في ذكراها الأولى، ونعمل على بناء وطن أنهكته الحروب وسفك الدماء.


شاعر عراقي مقيم في هولندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ