الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا نسمي مسرح بيتر بروك

اطياف رشيد

2009 / 4 / 14
الادب والفن



اذا اردنا ان نميز نقطة الشروع في العملية الأخراجية لدى بيتر بروك ،والتي تدفع الى الأنجاز النهائي ، فليس بامكاننا ان نتجاوز تلك النقطة المهمة والجميلة وهي (الأحساس الداخلي ). يتفجر هذا الأحساس الداخلي تجاة نص ما وبتفاعل عميق مع بيئة هذا النص .يقول بروك عن زيارتة للهندعندما عقد العزم على اخراج المهابهارتا (لقد مس قلوبنا هذا الحب الذي يكنه الهنود للمهابهارتا وملأنا هذا الأحترام والخشية معا تجاه المهمة التي اخذناها على عواتقنا (.....) رجعنا من الهند وقد عرفنا ان عملنا هو ان نوحي لا ان نقلد )فاذا كان مخرج مسرحي ما يقوم باسفار عديدة من اجل فهم نص ما ، ينتمي لمنطقة ما ، يحاور شعبها ،يتفهم ويحس بتلك القناعات والمعتقدات من اجل اخراج مسرحية ،مستنفرا لأنسانيتة وطاقاته الروحية والفكرية الا يجعل من روحه مسرحا لذلك العمل ؟

لذلك هو يوحي بما يريد وشاهد واحس من اجل ان يصل بالجمهور درجة من التواصل الشعوري والعاطفية مبتعدا عن عواصف الأفكار والمثاليات الفلسفية فهو يقول (قد نبدأها بأحتفال ،نبدأها بأي شيء ،ولكن لا نبدأ ابدا بالافكار)هكذا يبدو بروك على خلاف كثير من المخرجين المسرحيين لايبدأ عمله بفكره يستخلصها من النص (او يتم اسقاطها عليه ؟ ) وذاك الأحساس وهذه الأحتفالية تُنضِجان صياغات متعددة حتى للنص الواحد كما فعل في مسرحية (مؤتمر الطيور) (وفي تسمية اخرى لها اجتماع الطير ) لفريد الدين العطار الشاعر الفارسي المعروف ،حيث قدمت المسرحية في اكثر من مكان وباكثر من صياغة حتى انتهت الى ان عرضت في ليلة واحدة ثلاث مرات بثلاث صياغات ، فالعرض الاول كان ارتجاليا والثاني كان هادئا ملتزما بالنص والثالث ذاطابع احتفالي ،كما عبرهو نفسه .تشكل هذه التجربه اتصالانموذجيا مع الجمهور ،المكون الأساسي في مكونات اكتمال احتفالية العرض لدى بروك. وهذا التيار في شكل العرض وصياغته ربما يستفز سؤالاً وهو الا يكفي شكل واحد من اجل ايصال المعنى ؟ تبدو العروض الثلاثة مثل الكلمة في اللغة فانك اذا قلت كلمة (فلك )تغيرت اذا ضممت الفاء الى سفينة واذا كسرتها كانت سماءً والفرق واضح بين السماء والسفينة .فان بروك يغير في كل مرة حركة من حركات النص ليعطي معنى جديداً ،معنى جماليا و تثقيفيا مؤسسا لحالة مؤثرة ومهمة في تاريخ المسرح وهي المسرحية في اجزاء او حلقات .وهذا السلوك الأخراجي متميز جدا لتأثيرة المباشر في ذائقة الجمهور ووعيه وغنى لتجاربه المعرفية والروحية.
لقداستخدم بروك في مسرحهِ افكاراً متنوعة مستفيداً من مرجعيات كثيرة منهااليوغا-التاثيرات المغناطيسية -مدرسة جان لوي باروالتمثيلية- فن التمثيل الصامت وايضا مسرح البايوميكانيك .وافاد من افكار ارتو وبريشت وكروتوفسكي ومايرهولد ودانشكو ،عمل مع الصم والبكم واهتم بثقافة الشرق الغنية ،هذا بالأضافة الى رحلاته الكثيرة الى افريقيا وايران والهند وغيرها .لكن ماذا يريد من كل ذلك ؟ هذا التنوع في الأفكار والمرجعيات يجعله قادرا على (ان يفسر مادته على ان تلائم داخلها )مقتربا من منطقها الداخلي و (الوظيفة التي كانت تؤديها في الثقافة التي صدرت عنها )وهو امر اتبعه في كثير من اعماله مثل اجتماع الطير (او مؤتمر الطيور ) وكتاب الزرادشتيين او لير او اوديب وهو في كل ذلك يبتغي تلمس الأحساس والحاجة الاساسية للجمهور (فالجمهور هو التحدي وبدونه تبقى الصورة كاذبة(....) ذلك السيد الجليل الذي لولاه لما اكتمل او يكتمل الحفل ولما تفجر الفعل المسرحي ). ان بروك لا يقصي دور احد في المعادلة الأخراجية كما فعل كروتوفسكي مثلا حين اعتمد في مسرحه على (العلاقة بين المخرج والممثل فقط متجاوزاالمتفرج ).كل شيء فعال في مسرح بروك مشارك في انجاز الشكل النهائي للعرض لذلك كان رايه بالمونودراما ،مسرح الممثل الواحد ،سلبيا وعقيما بسبب عدم وجود الممثل الثاني (الذي يساعد على تفجير الفعل المسرحي ) ان عمل بروك في الاساس- اذن- هو عمل انساني يؤسس لبلورة العلاقة الانسانية والعاطفية الشفافة بين مكونات الحياة ولان الحياة هي مسرح لديه فأن هذه العلاقة لا بد وان تتكثف وتطلق بعفوية في المسرح واذا اردنا ان نتبنى تسمية لمسرحه فليس من تعبير يمكن ان يتناسب والتنوع الذي يزخر به مسرح بيتر بروك الا تعبير (المسرح الأنساني الشامل)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل


.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب




.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح


.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال




.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان