الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتجال..

مها عبد الكريم

2009 / 4 / 14
الادب والفن


صامتاً.. وسط مسرح من الرخام الأبيض
مستعدا بقامتك الضبابية , أن ترتجل عبارة ذهبية يكسر التصفيق الذي يتبعها الصمت البارد المنسجم مع ارض المسرح وأعمدة الرخام البيضاء على جانبيك
فتنسدل عندها الستارة الزرقاء المرفوعة بترف , غير بعيد بينما ارض المسرح تدور ..


من بوابة البيت الخشبية تدخل ناديا ..
شامخة بقامتها الرشيقة وبأنفها المدبب قليلا وجمالها الطافح بكل الألوان, ثم تمضي مختفية في إحدى غرف بيتنا القديم ..
لون السماء الصافية الذي يصبغ الجدران لا يتناسب مع برودة المشاعر هنا ..
ولا مع لون ضفيرة ناديا الطويلة الشقراء
مازالت أقف في مكاني أراقب كل شيء بصمت .. تدخل ناديا وتخرج دون أن تنطق بحرف واحد فهي في كل الأحوال لا تجيد لغتنا
لماذا دائما أنا وحدي ؟ وكم يشبهني هذا البيت السماوي الذي أدور فيه دون أمل أن اسمع لإنسان صدى
حتى مسرح الرخام الذي يقع خلف باب من أبوابه الكثيرة غير المفضية إلا على مزيد من الفراغات , خال
أين أنت ؟ لماذا لا تسير الدروب نحوك ابدآ
والمسافات بيننا كبرت كثيراً وليس في نيتها ان تشيخ ..
حتى ناديا , تلك المخلوقة الغريبة التي هبطت بها الأقدار في هذا البيت الغريب صامتة دون أمل أن تنطق يوم ما
أقف وسط مسرح الرخام وكأني أصغي لهذا الصمت آو بانتظار دور اعتقدت انه يليق بي
مطمئنة أنا ..أني سأجيد ترديد الكلمات
لكن هذا البيت يمتلك لغة لا أجيدها
السماوي البارد الذي لا يعني لي شيئا كان يهمس لك بلغة سرية
الرخام الأبيض والأبواب الكثيرة الموصدة
وضفيرة ناديا التي تنطق بلغة لن اعرفها ابدآ
وعيونك ..
افتح الأبواب اختصر المسافات الكبيرة الباردة بخطوات
أدور .. أدور أريد ان الحق مسرح الرخام قبل أن يغير موقعه متواريا خلف الستائر خافيا معه أبطال حكايتي
افتح الستائر .. النوافذ .. الأبواب المغلقة دون همس لن يكسر القيود ليغادرها
فتلوح ناديا في إحدى الزوايا تلملم حقائبها ..سترحل
ما يهمني من هذه الصامتة.. غير ان لغتها السرية غلبتني
وحلقت بك
أناديها فيصفعني صمتها ونظراتها الحادة
تواصل جمع ثيابها غير مكترثة بأسئلتي الغاضبة
اسند جسدي الضعيف الى الجدار السماوي الكئيب بينما تتسمر عيناي على فتحة ثوبها الصغيرة القريبة من رقبتها
ثوبها الرمادي البشع بفتحته الصغيرة تلك ينطق بلغة لا اعرفها
وعيناك المبتسمة رغم ستار المسرح المنسدلة
تنطق نفس اللغة التي نسيتها ..
افتح الأبواب .. انطلق نحو الشارع الذي لم تطأه قدماي من قبل
اركض .. أدور ..كل الطرق هنا ستؤدي إلى مسرح حكاياتي
أصل إلى وسط المسرح الرخامي الأبيض لأجدك صامتا مستعدا لارتجال عبارتك التي انتظرها ..
هل كنت ارتدي الثوب الذي هيئته لذلك المشهد ؟!
لم يعد مهما لأني سئمت ترديد كلمات لا افهمها .. لا اعرفها
أتجه نحوك بينما أتلو لأول مرة كلمات لم ترددها من قبل الجدران السماوية الباردة
كم تأخرت في اكتشاف كلماتي ..
كنت سأهز بها أعمدة الرخام .. سأهدم الجدران ..

- النجوم التي همستك ذات ليلة ..كانت رسلي
غير انك لم تصدق ..أو نسيت
أن الأبواب هنا حتوف ..
والسقوف التي نحلم أن تظللنا .. مخالب
هل اطلعت عليها .. تعتصر العمر ثمرة لم يحن أوان قطافها
أم أحسبك نسيت ..
مثلما أنا..حين مللت السؤال
عن أرضك التي بقيت تدور
لكني حسبت انك لن تأتي !
أو أن أوقاتك الغارقة في غيها ..
غفلت عن زمني المكلل بالوهم
فتساءلت طويلا .. ودون بارقة رد يغيث
عن تاريخ الجرح الغائر
لأنسبه إلى تقويم استثنائي
يبتدئ بك ..
لكن أرصفة الطرقات التي لم أزرها
وأخرى أثقلها سيل الخطوات ..نَسِيت
ظلك الذي وشحها ذات غفلة ..
فحَسبت –مثلما افعل –انك لم تأت
او انك تركت عيونك تحت ظل صفصافة
حين غَفَلتَ عن حدائقي الممشطة بالعبث !
لكن ظل الأنثى يلح في احتضاره الأخير
باحثا عن أثار يديك ..
أزرعت في ليل شعرها زهر الياسمين ؟
ام انك نسيت ..
كما أحسبك أنا ..لم تأت
........
........
.......
هل رف لك جفن ؟
لم يكن ليفوتني لو حدث ..
وقد تسمرت عيناك على وجهي بينما ارتجل دوري
لن تدع مزيدا من الوقت يمر ..دونها
انظر إلى وجهك دون ملل , أتأمل ابتسامتك الخفية أو هكذا أضنها وكأنك تخفي تحتها ضحكة مجلجلة
تمشي بضع خطوات يمينا تنظر إلى ارض المسرح البيضاء ثم تعود إلى موضعك الأول ,وبعد لحظات من الصمت ...
- قد أدرك حقا كل الذي كان , غير أني سأختار ان لا أدركه
مسرح الرخام والجدران الزرقاء والصمت المستمر هنا .. يخنقني
وأنت ..
مازال الصمت يملأ المكان
وأنت في مكانك تنتظر ان ينتهي زمن الانتظار ..
لا احد يصفق فالصمت هنا ابن للهزيمة والنكسات
سأدعي انك لم تكن موجوداً واني لم ألحظك وأنت تغادر مسرح حكايتي الذي كف عن الدوران ..
...........
...........
...........
المعبر الحديدي خلف هذا البيت والماء المتدفق تحته بقوة
أنا ..ناديا التي ظلت صامتة حتى النهاية وأنت بابتسامتك التي لن تغادرك ..
وكل الحكايا الحزينة والمرتجلة في بيتنا القديم ..لم يبقى منها غير حلم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا