الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاطعة شكل من المقاومة

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2009 / 4 / 14
القضية الفلسطينية


لسنا أول الشعوب التي تشهر هذا السلاح في وجه محتلي أرضها ومغتصبي حقوقها، فالتاريخ يزخر بتجارب شعوب كثيرة نظرت إلى هذا الشكل من العمل كشكل من أشكال المقاومة، واهتدت بتجربتها إلى أن رحيل المحتل عن بلادها سيحصل عندما يصل المحتل إلى قناعة بان احتلاله لأرض الغير لن يجر عليه إلا الخسائر البشرية والمادية والمعنوية.. هكذا فعل الشعب الهندي الكبير بقيادة غاندي ضد الانتداب البريطاني وهكذا فعل السود في جنوب إفريقيا ضد البض ليتخلصوا من نظام الفصل العنصري.. بل وهكذا فعل الرسول الكريم محمد بن عبد الله عندما وجه المسلمين ليقاطعوا التجار اليهود والكفار والمنافقين، جراء عدائهم وممارساتهم ضد الإسلام والمسلمين.
ومع اليقين أن الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا لن يتزحزح إلا إذا ترنح من حجم الضربات التي على شعبنا الفلسطيني أن لا يتوانى لحظة عن توجيهها إليه.. يصبح من المفترض بل والأمر الطبيعي أن تتحول كل حياتنا إلى مقاومة، ويصبح واجبنا الوطني كشعب فلسطيني أن نحول كل ما لدينا من طاقات إلى أدوات وأسلحة نمارس من خلالها المقاومة.. وفي ظل الظروف الراهنة التي يعيشها شعبنا-- حيث موازين القوى بيننا وبين المحتل تميل بشكل كامل لصالح المحتل.. وحيث لا عمق عربي لنا يقدم لنا الدعم الكافي ويقف إلى جانبنا بحزم وإصرار.. وحيث العالم الخارجي يطبق عليه الصمت، وينقاد وراء السياسة الأمريكية الداعمة تماما للاحتلال-- في هذه الظروف وحيث لا مفاوضات ولا مقاومة مسلحة حقيقية-- يكون لابد من ملئ الفراغ والاستمرار بالمقاومة بالأشكال الأكثر جماهيرية والأكثر قدرة على جذب أوسع فئات المجتمع-- وهي المقاومة الشعبية-- التي تجعل كل الشعب يشعر انه جزء من الفعل النضالي الهادف لإلحاق الخسارة بالمحتلين، ويصبح مجرد صمود الشعب وبقاؤه على أرضه والعمل على تعزيز صموده مقاومة.. ويصبح الحجر والتظاهرة والتصدي لجنود جيش الاحتلال عند الجدار وبواباته وعند المستوطنات والأراضي المهددة بالمصادرة والتهويد مقاومة.. ويصبح الاعتصام أمام البيوت المهددة بالهدم والتوجه بالتظاهرات إلى حواجز الجيش مقاومة.. فإذا لم يستطع المعظم الفلسطيني ممارسة المقاومة المسلحة ( لأسباب مختلفة ).. فان الكل الفلسطيني بإمكانه أن يمارس باقي الأشكال من المقاومة الشعبية، وفي مقدمة هذه الإشكال مقاطعة البضائع الإسرائيلية.. وهذا ما تقوم به الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية التي أطلقتها مؤسسات ( الإغاثة الزراعية، جمعية تنمية الشباب، اتحاد جمعيات المزارعين، اتحاد جمعيات التوفير والتسليف، جمعية تنمية المرأة الريفية ) - والتي تعمل تحت مظلة اللجنة الوطنية للمقاطعة - عندما رفعت شعار ( بدنا نخسر لاحتلال ).
وفي ضوء ما تتحدث عنه الإحصائيات من أرقام مذهلة عن تغلغل واجتياح البضائع الإسرائيلية لأسواقنا الفلسطينية ( يبلغ حجم التصدير الإسرائيلي لأسواقنا حوالي 3 مليار دولار سنويا، ويأتي السوق الفلسطيني في المرتبة الثانية للمنتجات الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة ).. الأمر الذي يعني أن ميزانية دولة الاحتلال وميزانية وزارة جيش الاحتلال، تتغذى إلى حد كبير على ما يدفعه كل فرد من أبناء الشعب الفلسطيني من أثمان للبضائع الإسرائيلية التي يستهلكها.. في ضوء ذلك يصبح بديهيا معرفة أن مقاطعة البضائع الإسرائيلية ستلحق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي، وبقدرة جيشه على التسلح وعلى شن الحروب والاعتداءات على شعبنا، وعلى قدرة دولة الاحتلال على الإنفاق على مشاريع الاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية.. وعلى سبيل المثال فانه لو امتنع كل مواطن فلسطيني عن شراء المنتجات الإسرائيلية-- ولو بشيكل واحد كل يوم-- لتسببنا للاقتصاد الإسرائيلي بخسارة مليار شيكل سنويا، كما أن المقاطعة ستلعب دورا كبيرا في إنعاش الاقتصاد الفلسطيني.. حيث أن المصانع الفلسطينية تعمل حاليا بأقل من 50% من طاقتها.. وفي حالة النجاح في مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وإقبال المستهلك الفلسطيني على المنتجات الفلسطينية.. فان المصانع الفلسطينية ستعمل بكامل طاقتها.. الأمر الذي سيخفف إلى حد كبير من أزمة البطالة التي تعيشها طبقتنا العاملة.
والحديث عن المقاطعة لا يجري مقاطعة كل البضائع الإسرائيلية-- نظرا لأننا لا نستطيع فعل ذلك بسبب سنوات الإلحاق والتبعية التي فرضها المحتل على اقتصادنا، وإنما يجري عن مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي لها بدائل وطنية أو عربية أو أجنبية ( عدا الأمريكية ).. ولإنجاح هذا الجهد هناك أمور عدة مطلوبة من :----
1. السلطة الوطنية.. حيث عليها وقف الالتزام أو تجميد العمل ببعض بنود اتفاقية باريس الاقتصادية المجحفة بحق اقتصادنا.. وعليها التصرف بحزم ضد موردي بضائع المستوطنات إلى مناطقنا-- فمقاطعة بضائع المستوطنات أمر لا يتعارض أبدا مع القوانين والقرارات الدولية، بل وان كل العالم يتفق معنا في هذا الاتجاه، ويمارس جزء منه المقاطعة ضد بضائع المستوطنات منذ سنوات.. كما وعلى سلطتنا أن تقوم بتفعيل دور الوزارات المعنية-- وخاصة وزارة الاقتصاد-- لمراقبة جودة المنتج الفلسطيني.
2. المنتجين الفلسطينيين.. حيث عليهم دعم حملات مقاطعة البضائع.. وتحسين جودة منتجاتهم.. وجعلها أقوى في المنافسة مع المنتجات الإسرائيلية ( سواء من حيث الجودة أو الأسعار ).. كما على المنتجين الفلسطينيين العمل على ترويج منتجاتهم البديلة للمنتجات الإسرائيلية بشكل اكبر وأوسع وتعريف المواطن بها كبدائل.
3. وكلاء المنتجات الإسرائيلية.. حيث عليهم التوقف عن توريد المنتجات الإسرائيلية التي لها بدائل .. وعلى السلطة والجمهور ممارسة شتى الضغوط عليهم بمقاطعة بضائعهم والتسبب بكسادها.. لان استمرار عمل هؤلاء الوكلاء يصب في خانة دعم اقتصاد المحتلين.
4. القوى والمؤسسات والأطر العاملة في مجال المقاطعة.. حيث عليهم :
• نقل الحملة من الصالونات والغرف المغلقة ومن أوساط النخب إلى الشارع والى جمهور المستهلكين مباشرة.
• ممارسة هذا العمل كشكل نضالي دائم وليس موسمي أو مرتبط بمشروع ممول.. الأمر الذي يعني وضع الخطط الواقعية وتنفيذ الأنشطة التي تحقق الأثر بين أوساط الجمهور.
• اعتماد نهج التنسيق ما بين الحملات المختلفة التي تقوم به العديد من الجهات.. وجعل التنافس يتم على توسيع الحملة وعلى تحقيق النتائج.
5. الإعلاميون.. حيث وانطلاقا من الإيمان بان الإعلاميين الفلسطينيين هم بغالبيتهم وطنيون.. فإنهم مطالبون بدعم كل جهود المقاطعة.. والترويج للحملات وللأنشطة المتميزة.. والإسهام في عملية خلق ثقافة وطنية في موضوع المقاطعة.. وفي تغيير سلوك المواطنين نحو مقاطعة البضائع الإسرائيلية.
مخيم الفارعة – 12/4/2009










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة