الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعددت الجيوش ... والخراب واحدُ !!

محسن صياح غزال

2004 / 4 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أدى سقوط النظام الكارتوني المقبور الى هروب قطعات الجيوش المختلفة التي شكلها القائد الضرورة لحمايته ونظامه وأطالة تسلطهما على رقاب العراقيين , مما ترك آلاف الأطنان من الأسلحة والعتاد , التي دفع ثمنها الشعب العراقي جوعاً وحرماناً وتنكيلاً , عرضة للنهب والأستباحة من قبل الجماهير الغاضبة والمحرومة .. واللصوص , نتيجة الفوضى والتسيب والفراغ الأمني والسياسي , لتتحول تلك الأسلحة الهائلة الى بضاعة تفترش الشوارع والأزقة لمن يرغب في أقتناءها , دون ان تنفع معها الأجراءات والقوانين غير الصارمة اصلاً لمنع أنتشار وتوسع هذه الظاهرة الخطيرة .
وبوجود قوات البيشمركة في الشمال ودخول قوات بدر من الشرق , قفز مقتدى الصدر الى الواجهة مرتدياً عباءة والده الشهيد محمد صادق الصدر , ومستتراً بتأريخ وسمعة عائلته المناضلة ضد الديكتاتورية , لدغدغة المشاعر وألهاب الحماس الديني المتطرف الهائج الجياش لدى الشباب المتحمس والمندفع وجيش العاطلين الهائل , وألتفاف المقلدين لوالده في العراق وخارجه , حوله , مما أعطى " جيش المهدي " قبولاً وتأييداً حماسياً لينخرط فيه جمهرة غير قليلة
من الشباب الفقير والمعدم واليائس , ومما دفع خليط غير متجانس من بقايا البعثيين والخاسرين للجاه والسلطة , والعسكريين العاطلين والمتضررين , ومن هؤلاء الكثير ممن تأهل وتدرب تدريباً جيداً على السلاح في عهد النظام الساقط , وكثير من اللصوص وأصحاب السوابق وخريجي السجون المطلق سراحهم في الآونة الأخيرة .
كان تشكيل هذا الكيان العسكري الديني والسياسي " جيش المهدي " في يوليو 2003 ,فاتحة تصدّر الصورة والموقف
السياسي والأمني لمقتدى الصدر في الظرف العراقي القلق والمتشنج , مما أضاف مصدراً آخر للقلق والتوجس والأرباك
لجهود ومحاولات القيادة السياسية العراقية وقوات الأحتلال وضع حد للأنفلات الأمني وترتيب البيت من الداخل وأعادة الحياة الى طبيعتها , خصوصاً وأن هذا الجيش يضم في صفوفه الآلاف من الشباب , غالبيتهم من المؤهلين عسكرياً وممن كانوا ضمن تشكيلات النظام الساقط العسكرية المختلفة والتي زجّت في حروب عديدة , أو ممن تدربوا حديثاً على أيدي الخبراء الأيرانيين على الحدود كما أٌشيع مؤخراً .
وبأستثناء قوات البيشمركة وقوات بدر , يمكن أعتبار " جيش المهدي " هو أول ميليشيا شيعية تتشكل منذ الأطاحة بالنظام العفلقي . في حين قوات بدر هي ميليشيا عسكرية تابعة للمجلس الأعلى للثورة الأسلامية والتي تأسست في أيران في أوائل الثمانينات من المهجرين واللاجئين اوالهاربين من بطش النظام المقبور , وحيث دخلت هذه الميليشيا
العراق بعد سقوط النظام , وتركز وجودها في مناطق الوسط والجنوب الشيعية بشكل خاص . ليس معلوماً – حصراً – عديد أعضاء " جيش المهدي " , لكن التقديرات تشير الى تراوح عدده بين 10 – 12 ألفاً , معظمهم من شباب الأحياء الفقيرة البائسة في بغداد ومن مدن الوسط والجنوب التي عانت من القمع والقتل والأذلال عقوداً على يد النظام الفاشي
المنبوذ وخصوصاً المدن الشيعية المقدسة .
للمرحوم الشهيد محمد صادق الصدر منزلة رفيعة ومقام عالٍ في نفوس المسلمين الشيعة , تأثير ونفوذ عميق وواسع على جموع الأتباع والمصلين الذين يؤمهم في صلوات الجمُعِ والخطب فيها وفي المناسبات الدينية الأخرى , والتي كانت السبب والدافع لكراهية ونقمة النظام الفاشي الطائفي العنصري له وبالتالي أغتياله وعائلته عام 1999 , ما دفع وشجع
مقتدى على تقليد والده من خلال أمُّ المصلين أيام الجُمع والخطاب فيهم في مساجد الكوفة والنجف , في مسعىً لتوطيد وترسيخ نزعته القيادية وهيبته الدينية نفوذاً وتلازماً مع تأثير منزلته وسمعته العائلية .
تعارضت مواقف وأجراءات مقتدى الصدر – منذ البدء – مع مواقف وتطلعات وأجراءات القيادات الدينية الشرعية , المرجعية ودرجات العلم الديني في النجف من جهة , ومجلس الحكم وقوات الأحتلال من جهة أخرى , لذا لم تجد خططه السياسية صدى لدى قطاع واسع في الوسط الشيعي والعراقي , وقوبل بضعف التأييد الشعبي والتردد والخشية من شقّ
الصف الوطني والشيعي خصوصاً , فكانت أنتكاسته وتراجعه وتخليّه عن فكرة الحكومة البديلة الموازية لمجلس الحكم الأنتقالي حين دعا الى الأستفتاء عليها وتزكيتها !
ولكون تلك التوجهات والقرارات والتصرفات نابعة من طموح ونوايا قيادية سياسية , لذا تعارضت وبشكل واضح مع توجهات وخطوات المرجعيات الدينية النجفية وعلى رأسها آية الله السيد السيستاني والسيد النجفي , والذين أطلق – الصدر – عليهم أسم " الحوزة الصامتة " , لعدم مقارعتهم وتصدّيهم لقوات الأحتلال ! . ومقتدى يؤمن بولاية الفقيه
كما هو عليه نظام الحكم في أيران , الأمر الذي لاينطبق على مرجعية النجف كالسيستاني والنجفي , في حين جاءت
مواقفه وخطواته وأجراءاته السياسية والدينية والعسكرية بوحي من مرشده وأستاذه ومصدر علومه الدينية , السيد
كاظم الحائري , المقيم في مدينة قم الأيرانية .
لقد كان مقتل نجل المرجع الشيعي الراحل أبو القاسم الخوئي , السيد المتحرر والمحبوب عبد المجيد الخوئي , رحمه الله ,
على يد رجال وأنصار مقتدى الصدر , وبأوامر منه , حسب شهادة شهود الواقعة والمشتركين في فعلها وتصريحات القاضي المسؤول , القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين مقتدى وأنصاره من جهة وبين أوساط شيعية عريضة
ومرجعياتهم والحوزة العلمية النجفية ومجلس الحكم والسلطة المدنية وقوات الأحتلال من جهة أخرى ! . توالت وتوسعت ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة لتصرفات وتحركات وتصريحات مقتدى الصدر وأنصاره , تجلّت بغلق صحيفة " الحوزة
الناطقة " الناطقة بأسمه وأنصاره , وأعتقال أقرب مساعديه , اليعقوبي , حتى وصلت ذروتها بأصدار أمر أعتقال مقتدى الصدر شخصياً بتهمة الأشتراك أو التحريض على قتل السيد مجيد الخوئي وثلاثة من صحبه !!
وبدلاً من أطاعة القانون وأحترامه وأحترام العدالة والقضاء , وردّ التهمة عن نفسه بأثبات براءته – ان كان بريئاً – من خلال ممارسة حقوقه التي يضمنها القانون للأفراد دون تمييز ومن خلال القضاء والمحاكم , لجأ مقتدى الصدر الى التصعيد والمواجهة والعصيان المسلّح والعنيف مع السلطة المدنية والعسكرية , ودعا أتباعه للتحرك وأحتلال المدن ومراكز الشرطة والبلديات والهجوم على القواعد العسكرية لقوات الأئتلاف , وكانت تلك الخطوات الغير محسوبة , فرصة ذهبية نادرة أستغلتها قوى الشر والظلام وفلول النظام الساقط وكل أعداء العراق المتربصين بوحدته وأنعتاقة وتقدمه سواء في الداخل أو على حدود الجوار الملغومة .
وجاءت أحداث الفلوجة البشعة والهمجية , بقيام ثلّة من القتلة الأوباش وحثالات السلف الطالح وبقايا نظام الجريمة المأفون , بقتل أربعة مدنيين وحرقهم وتقطيع أوصالهم وسحلها وتعليقها على الجسر وبطريقة وحشية بربرية في سابقة لم يألفها العراق في تأريخه , ولا الأسلام في سيرته ونصوصه وتفاسيره , اللهمِّ الا تحت حكم بطل الجحور أبن العوجة !
لتزيد – الجريمة المروعة – النار سعيراً والمواجهة حدّة وعنف وتدمير , ولتكون مبرراً لشنّ حرب عسكرية دموية في مناطق التوتر والعنف والأنفلات .. والجريمة , وخصوصاً في ما يسمى بمناطق المثلث !
فلول النظام الساقط ومرتزقته وأبواقه المأجورة والخاسرين الجاه والسلطة بسقوط نظام البصم والكوبونات والعربان المرعوبة من زلزال الحرية والديموقراطية والتغيير العراقي , الظلاميين والمتمسلمين من أتباع السلف المقيت , كل هؤلاء هللّوا ورقصوا طرباً وأنشدوا تشفّياً , حقداً وبغضاً , على منظر الدماء والأشلاء والخراب والفوضى , خصوصاً
وأن مسرح الأحداث – هذه المرّة – مربعات ومستطيلات السيد مقتدى الصدر وأتباعه , فألى أين تقود العراق نزوات المراهقة السياسيه واللعب على وتر الطائفية والتصيّد في المياه العكرة والعزف المشروخ – عدو عدوي صديقي !!!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير المالية الإسرائيلي: مقترح بايدن خطير وسأقف ضد نتنياهو إ


.. لحظة قصف الاحتلال لبرج سكني في البريج وسط قطاع غزة




.. بيان قطري مصري سعودي أردني إماراتي: نؤكد على ضرورة انسحاب قو


.. اندلاع حرائق ضخمة قرب عدد من المدن والبلدات شمال إسرائيل




.. حريق هائل في محيط محطة للكهرباء في كاليفورنيا