الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل في الانقلاب على الذات وليس في الانقلاب العسكري

عبد العالي الحراك

2009 / 4 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كلما تعمقت الازمة السياسية وتعقدت الحياة الاجتماعية في العراق وضاقت فسحة الامل,دارالحديث عن حل لها بالانقلاب العسكري,تنظمه وتشرف عليه قوات الاحتلال الامريكي قبل انسحابها,ثم تسلم امر التنفيذ لضباط عراقيين وتخرج مطمئنة..لكن لا احد يعرف,من هم هؤلاء الضباط؟ ومن يقوده؟ ومن سيحكم العراق من جديد بالحديد والنار..؟هل ضباط الجيش السابق,ذوي الخلفية العسكرية الانقلابية؟ ام اولئك القادمون في الطريق من سوريا والاردن,شرط نجاح (المصالحة الوطنية) باتجاه معين؟
ليس هناك جواب,الا بانقلاب على الذات السياسية,للاحزاب السياسية العراقية التي تحكم البلاد الان وتقوده الى المجهول.
على الاحزاب السياسية في العراق جميعها ان تقلب صفحة جديدة,بعد ان فشلت في صفحاتها السابقة, قديمها وحديثها وتعتذرالى الشعب العراقي,لما سببت له من مآسي وويلات, فاعلة او مشاركة او مساهمة.ولنبدأ بالاحزاب السياسية الحالية في العملية السياسية,لان المهم في الحياة حاضرها,وما يبنى لمستقبلها,ومن الماضي تأتي الدروس والعبر.في مقدمة الاحزاب الحالية تكون احزاب الاسلام السياسي بشقيها المتناقضين مذهبيا وطائفيا,خاصة الاحزاب المتآلفة في السلطة والحكم,عبرالاغلبية العددية.. فقد جرت هذه الاحزاب البلاد الى الطائفية والحرب الاهلية وعرضت الشعب الى معاناة كبيرة وتأخرفي انجازالخدمات وبناء الدولة على الاسس الصحيحة,وساعدت في تفشي الفساد الاداري والمالي و....... عبرالرشاوى والسرقات والتهريب والتزوير,وارتباط بعضها بالاجنبي الذي تدخل سلبيا بشكل سافر واضر بالشعب ضررا مباشرا,وساعد على تقسيم البلاد وتجزئة الشعب قوميا وطائفيا..على هذه الاحزاب ان تقلب هذه الصفحة الطائفية الفاسدة وتستبدلها بصفحة وطنية ناصعة مبنية على نشر الحرية والديمقراطية وحق المواطنة على اساس الخبرة والكفاءة.لم يبد اي حزب من احزاب هذه المجموعة توجها وطنيا حقيقيا من خلال اعلان الاعتراف العلني عن اخطاء الصفحة السابقة,وفتح صفحة جديدة تحتوى الاعلان عن مباديء جديدة وبرامج سياسية جديدة وخطاب سياسي جديد.. لقد بادرالسيد المالكي شخصيا ومن موقعه كرئيس للوزراء,وبخطاب سياسي وطني وخطوات عملية محدودة,وليس كحزب سياسي يقود تحالفا,ما زال طائفياعلى رأس الحكم والسلطة الطائفية والمحاصصاتية العاجزة عن انجازالاعمال وتقديم الخدمات..مطلوب منه تغيير جوهرالحزب الذي يقود,كي تتطابق الاقوال مع الافعال ويكون العمل جمعيا لا فرديا ينحصر بشخصه.اما احزاب الطرف النقيض في مذهبيتها وسياستها الغائرة في طائفيتها,فقد كانت هي الاخرى سوداء في صفحاتها السابقة,حيث عمقت الطائفية وشاركت في القتل الطائفي والفوضى السياسية, يد تعارض في العملية السياسية ويد تجامل ما يسمى بالمقاومة, ولم يتطورخطابها السياسي نحو الوطنية قيد شعرة, وهي ما زالت تتحين الفرص لأقتناص اخطاءا هنا او هناك في العملية السياسية, دون ان تعلم وتعترف بانها مشاركة مشاركة كبيرة فيها وفي مؤسساتها الرئيسية,وتتحمل مسؤلية جسيمة في ما يعاني الشعب..الاحزاب القومية الكردية يقع عليها نصف الحيف او يزيد,في ما يعاني منه الشعب العراقي,حيث انفردت قياداتها بانانيتها الشخصية والقومية واستحوذت على اكثر من حقوقها المادية والمعنوية,باتجاه خدمة المصالح القومية الكردية واهمال المصالح الوطنية العراقية العامة,سواء كان في مواد الدستور,ام في مواقع المسؤؤلية الرسمية في الدولة او في الحكومة او في البرلمان, فيما تصرفت حكومة الاقليم المحلية بشبه استقلالية عملية واهمال واستعلاء على الحكومة المركزية,مما ولد سخط الشعب العراقي وتغيير موقفه من القضية الكردية, خاصة رفضه لمفهوم الفيدرالية الذي اريد له تقسيم العراق..فقد تمادت القيادات الكردية في الاستحواذ على خيرات النفط هناك بمعزل عن الحكومة العراقية,وشكلت قواتها المسلحة بمعزل ايضا عن القوات المسلحة العراقية. هي تحلب من العراق ولا تسقي العراق (العطشان).. واخطاء القيادات الكردية عديدة لا مجال لذكرها,لان المطلوب الان طي صفحة الاخطاء وفتح صفحة جديدة للاعمال الخيرة لعموم الشعب.الاحزاب والمجموعات القومية العروبية,هي الاخرى مليئة بالاخطاء,حيث ما زال خطابها قومي شوفيني مشبع بالقبلية والعشائرية,الذي يقابل خطاب المذهبية والطائفية السياسية الاسلامية والانعزالية القومية الكردية, وكأنما المطلوب خوض صراعات قديمة خاسرة يرفضها الشعب, بحيث لم تستطع هذه المجموعات توحيد جهودها ولم شمل الشعب حولها من خلال عقلية جديدة وخطاب سياسي وطني جديد,وهي ايضا تماثل نظيراتها الاسلامية النقيض,من حيث بقاء يد في العملية السياسية تشاكس وتعارض وتمانع, ويد تلوح لما يسمى بالمقاومة.المأساة الكبيرة تنبع من حقل الاحزاب الوطنية واليسارية,التي لم تثبت وجودها لحد الان,الا مشتتة مجزئة,تصغرعن ذاتها الحقيقية يوما بعد يوم,دون ان تكبراوان تراجع نفسها,وبعضها بعيد عن العملية السياسية وبعيد عن نبض الشارع..اما الحزب الشيوعي العراقي,فالمأساة فيه تتضخم مسببة له عجز وقعود,بالضبط كما يحصل لأعضاء جسم الانسان الاساسية,عندما تتضخم ثم تصاب بالعجز..لاتعالج علاجا جذريا,الا بالزرع وفيه مجازفة,اذا لم يتوفرالعضوالبديل السليم من الامراض والاضداد الذاتية,واذا لم تجرى العملية بيد جراح ماهر,وصالة عمليات مجهزة بما يلزم ومراكزعلاجية وتأهيلية متطورة.. فاذا اعطي العذر للاحزاب السياسية الاخرى اسلامييها وقومييها,ان ترتبك نظرياتها ويختلط ليلها بنهارها,وان يسيل لعابها,وان تجمع غنائمها,وان تحد سكاكينها,تنهش بجسم الشعب وتمتص دمائه..فالحزب الشيوعي ليس هكذا.. يفترض ان يكون لحمه لحم الشعب ودمه من دماء الشعب..لكن من يتكلم وينقد بالالم والحسرة,يقول عنه الضعفاء انه حاقد على الحزب,ويسعى لأنهائه,دون ان يشعروا بان الحزب ققد انهى نفسه بنفسه وشتت قواه بنفسه..كل القوى السياسية في الساحة العراقية(العملية السياسية)قد كسبت بما تشتهي وما كسبته ماديا ومعنويا لم تحلم به في يوم من الايام.
الخاسرالوحيد فقط,هوالشعب العراقي والحزب الشيوعي العراقي,والعلاقة بينهما متلازمة مترابطة لا تنفصل,سواء في الفوز اوفي الخسارة..لا ابالغ اذا قلت ان نسبة الخمسين بالمائة من الشعب التي لم تشترك في الانتخابات المحلية الماضية,هي حصة الحزب الشيوعي العراقي( تصوروا كم انه حزب قوي,يجهل قوته) والاحزاب الوطنية الديمقراطية التي يفترض ان تكون متحالفة معه,وهي حصة الممانعة في ان لا تهب نفسها بسهولة للطائفية ,كما لا تهب نفسها لحزب شيوعي اختار طريقا غير طريقها وقوى وطنية وديمقراطية مشتتة.. وحتى الخمسة والعشرون التي شاركت بتردد,فقد اعطت اصواتها وبتردد ايضا للمالكي فقط,لانه تكلم وعمل قليلا بالوطنية.فاين انتم,واين منكم ذهبت الحركة الوطنية النشطة يا شيوعيي العراق؟؟ لن احقد عليكم ولن انتقم منكم,لكن اشكو من تأخركم ويشكو الشعب من ابتعادكم عنه..ان حصة الاحزاب الطائفية هي فقط الخمسة والعشرون بالمائة من اصوات الشعب العراقي,وهي اصوات المساكين والمغفلين,اما الغالبية العظمى فهي اصوات الحزب الشيوعي العراقي والقوى الوطنية والديمقراطية المهمشة لذاتها,والمشتتة لقواها والمغيبة في الداخل وخارج البلاد, بعيدا عن ارادتها ورغبتها. اذن صفحات السياسة في العراق الان ومنذ الاحتلال معظمها سوداء والبعض فيها رمادية, مطلوب قلب هذه الصفحات والأتيان بالبياض والشفافية والاخلاص.. قلب الذات وليس انقلابا عسكريا على الاخر,واراقة الدماء..لا امل في الافق المنظور,الا بقدرة استثنائية تفاجيء الجميع تنقذ الارواح الطيبة والنفوس النزيهة وهي موجودة في عموم الشعب وفي صفوف الاحزاب,لكنها تبتئس من حالتها ويكتنفها الحزن والاحباط.. كيف تحريرها؟كيف نهوضها؟.. ومن يتحمل مسؤؤلية تقدمها وقيادتها؟ كلما تنهض مجموعة شريفة في هذا الحزب او ذاك يتفائل الشعب نحوها ويعقد الامال عليها,ثم تغيب في مشاكلها وازماتها..لا امل كبير في احزاب الاسلام السياسي,الا في المالكي الذي يبدو انه انقلب على ذاته, وهو امل ضعيف,اذا لم يجذرانقلابا وتحولا وطنيا عميقا في حزبه والغاء ائتلافه وتحالفاته..الامل كامن في الحزب الشيوعي ان يغير سياسته ورموزها,فلا امل فيها,كما لا امل في الاحزاب الاسلامية الاخرى التي تغيب في طائفيتها وارتباطاتها المشبوهة وعلى الضفتين ,وان يوحد يسارا مشتتا وقوى وطنية ائتلفت مع الحزب دائما,وانتصرالجميع تحت قيادته الواعية والمضحية, كما حصل في ثورة 14تموزعام1958 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل