الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ست سنوات على التغيير ... كيف سيكون مستقبل العراق ؟

علي وتوت

2009 / 4 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


على الرغم من أن أعواماً ستّة لا تعدُّ شيئاً بحساب عمر الشعوب.... غير أن السنوات التي مرت منذ أبريل 2003، وبحسابات معظم العراقيين.. كانت طويلة وقاسية.
إذ إنها أضافت لإرث الدكتاتورية المرعب مخاوف جديدة... فأعوام الاحتلال أرست ذاكرة جديدة للعراقيين.. وصاغت إنجراحات فريدة للعراق، وأوجدت إحساساً بالخيبة من الديمقراطية لدى كثير من العراقيين... اعتاشوا اليأس والقنوط، وأدمنوا الخوف والحزن، وهم يشاهدون ما يحدث لوطنهم، وفي وقت تساوت أو كادت.. عذاباتهم!!
إن التغيير الذي أحدثه الاحتلال الأمريكي للعراق لم يطل النظام الدكتاتوري فحسب، بل أسهم في التعجيل بانهيار النسق السياسي بالكامل، مثلما أوجد تغيرات كبيرة في النسق الاجتماعي. وذلك لأن سلطات الاحتلال لم تتردد كثيراً في خرق قوانين الاجتماع العراقي. وقد أوجد هذا الخرق اختلالات عدة في المجتمع. فحين نتحدث عما طاله التغيير، فعلينا الانتباه ليس إلى الدولة فحسب، بل هناك المجتمع أيضاً.
وإذا ما تحدثنا عن تغير المؤسسة السياسية فإن ما حدث فيها كان كبيراً بكل المقاييس، غير أنه لا يبرر ما حدث من إرباك وسوء إدارة، تعلقت بعمل هذه المؤسسة!!. فقد انحدر المشروع بشكلٍ مخزٍ، من نموذج الديمقراطية العددية إلى المحاصصة (الطائفية/الأثنية) التوافقية، التي رعتها سلطات الاحتلال، وتحولت أخيراً إلى دعم وتسليح العشائر. فالعراق ما زال بعد ست سنوات من الاحتلال معرضاً للتفكك أو الانهيار الأمني وعودة الاحتراب الطائفي والمذهبي. فهو يعيش توازناً قلقاً قابلاً للانفجار في أي لحظة.
بناءً على ما سبق، يبدو مشروع صناعة دولة مؤسسات، تعتمد النظام الديمقراطي، ويسيطر عليها القانون... بعيداً عن التحقق، على الأقل في السنوات القليلة القادمة، كما يرى البعض. إذ تبدو الدولة العراقية ضعيفةً إلى حد الضياع، ومخترقةً من الناحية الأمنية.
لكن إنجازات السنة الأخيرة (المتحققة على مستوى الأمن والمصالحة الوطنية) أثبتت أن هذا المشروع الضخم في تحقيق (دولة المؤسسات) و(مجتمع القانون) ليس ببعيد عن إرادة العراقيين، إذا ما وجِدَتْ النخب السياسية التي تضع مصلحة الوطن قبل مصالحها الحزبية أو الفئوية الضيقة. وهنا تشكل الديمقراطية... كثقافة ونظام حلولاً ناجحة لمشكلات العراق... فهي منظومة قيم وأساليب حياة ترقى بالإنسان ليسمو فوق الصغائر... ويمكن لنا التفاؤل بالمستقبل المشرق للعراق في ظلها.. فالديمقراطية ستنتصر في الحرب الضروس ضد الاستبداد والدكتاتوريات بكل أنواعها سياسية كانت أم لاهوتية... فالديمقراطية ولود.. والاستبداد عاقر.
والعراق بعد ست سنوات من التغيير السياسي يتجه نحو ترسيخ الديموقراطية، مما يعطي معظم العراقيين فرصاً متساوية للمشاركة في الحياة السياسية التي كانت محتكرة في عهد النظام السابق على فئة معينة.
أما على مستوى المجتمع، فالإشكالية العراقية خلال السنوات الست الماضية كانت (تأسيسيّة)، إذ تناولت مقوّمات عدة منها ما هو فوقي (كثقافة الاجتماع والتنوع مروراً بقضايا الانتماء وصولاً إلى حدود فاعلية الدولة في الشخصية الاجتماعية). ولذا فإن فئات المجتمع انقسمت في توصيف ما حدث، فالبعض يشير إليه بأنه (تغيير) وهي كلمة محايدة تخفي موقف مستخدمها إن كان مؤيداً أو معارضاً للتحولات التي رافقت 9 نيسان !!
ومن المقومات التي رافقت السنوات الست الماضية ما هو واقعي.. فعذابات العراقيين والعراقيات وحدها، توحدهم من أقصى شمال العراق حتى جنوبه.... فالمصاعب التي تكاد تتشابه بـ(النوع)، تختلف بـ(الشـدة)... إذ إن انعدام الأمن يكاد يكون عاماً، وفي هذا قدم العراق عشرات الآلاف من الضحايا... أما النقص في الخدمات والبنى التحتية في عراق الاحتلال فهو ما لا يختلف عليه اثنان في العراق. وترتبط هذه القضية بالفساد المالي والإداري الذي ينهش جسد العراق، ويفتك بأرواح مواطنيه.
أما على المستوى الاقتصادي فقد شكلت السنوات الست الماضية تحولاً نوعياً لكثير من فئات المجتمع، فبعد أن عاش معظم العراقيين سنوات الحصار الاقتصادي الـ(14) تقريباً، ظروفاً صعبة بفعل التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل مرعب، مما تسبب بفقدانهم لمعظم ممتلكاتهم الثمينة والكمالية وحتى الأساسية بعد أن قاموا ببيعها، ليوفروا ما يطعمون به أطفالهم وأنفسهم.
لكن منذ أبريل 2003 تغير الحال وحاول العراقيون إشباع كل حاجاتهم وسد لهفتهم لكل ما افتقدوه خلال سنوات الحصار الطويلة... وابتداءً بالسلع الغذائية البسيطة التي بدا العراقي متلهفاً إليها.. وصولاً إلى تعميره بيته فإن تغيراً مهماً على مستوى حياة العراقيين منها تشير إلى قدرة أكبر للعراقيين على المستوى الاقتصادي.
هكذا امتلأت الأسواق والمتاجر الغذائية العراقية بكل الأصناف ومن جميع الأسواق، وهي تكبر يوماً بعد يوم، وامتلأت منازل العراقيين من جديد بالأثاث والسلع الكهربائية التي ملأت واجهات ومخازن محال ومتاجر يتزايد عددها كل يوم، فضلاً عن ذلك تكاد جميع المهن تزدهر من جديد (كالنجارة والحدادة والسباكة والميكانيكا وغيرها) لإقبال العراقيين على البناء وتجهيز منازلهم من جديد. هذه أمثلة بسيطة على ارتفاع المستوى المعيشي للعراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24