الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية ... مجرد (خربشات) طفولية

مازن شريف

2009 / 4 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


نصرخ وكأننا نتكلم في حلم كرس الوجع والألم، فلم تعد كلماتنا رصاصات في وجه الطغيان بل بداية لتاريخ مقتول يكاد يلغي مقاومة العقل ويستسلم للفاجعة.
إنها صورة لمشهد حقيقي للبعض من إخوتنا في المعارضة الذين يحاولون تعمير أهداب الخيال بصدأ العزلة المتراكم على إضاءات حلم يرافق عملية انكسار في الإرادة، بعد تدوين الألم الذي يشبه (خربشات) طفولية ، لتدخل في أرشيفنا المليء بالعجز حيث لا إنتاج ولا جمال في التجربة بل متعة في هذيان الكلمات وقبح في معانيها لتفتح الطريق أمام ضجر العقول والابتعاد عن الجدية التي ربما لو انطلقت من إستراتيجية شفافة وحريصه لكان لها صدى قويا خارج حدود ما نسميه بالحروف الكبيرة (الوطن).
تيارات تحاول عبور العقل والمخيلة لتظهر أنها قادرة على ردم الآلام لكن اختراق النار لا يتم بحمى الجوهر المطعون بخنجر السلطة القمعية التي منحتها مختبرات المصالح الأميركية شرعية طويلة الأمد. وإذا كان البعض منا يتعاملون مع الواقع كحدث استثنائي يمكن أن يعيد لنا بعض الحق الضائع، فان عددا من مفكري وكتاب المعارضة حلوا ضيوفا على المعاهد الأميركية لإطلاعهم على سياسات النظام القمعية وكأنهم "عن جهل أو سذاجة" لا يعرفون بان استمرارية النظام السوري ممهورة بخاتم السلطان الأميركي.
إن عملنا كمعارضين أفرادا أو تنظيمات لا يشبه أية معارضة في العالم فنحن مجرد أقلام تجيد في بعض الحالات استخدام المصطلحات المبهمة لتعبر عن الشعور بالثأر بعد أن تم تعويم خشبة الخلاص واكتشفنا فخ الانحسار واليأس.
ما زلنا حتى الآن في نزهة فكرية يفارقها المشهد الواقعي وأحيانا تطغى عليها الأحداث المنغمسة في متاهات الفردية والشخصنة، وكل ثلاثة منا يؤسسون تيارا يتزعمه احدهم وينوب الاثنان عنه وبعد لحظات من النشوة يفترق الجميع إلا الزعيم وكأننا من وطن يبلغ عدد زعمائه عدد سكانه، إنها رؤية لتجربة تتفوق فيها العناصر القابلة للانفجار في اتحاد اثنين من أبناء سورية المعارضين لنظام القهر.
ومهما غازلنا الزمن واتكأنا على أكتاف الديمقراطية وداعبنا الحرية لن يدون في سجلاتنا أي نجاح ما لم يكن لنا امتداد وعمق في الداخل السوري، فلا فضائية ولا إذاعة ولا ندوة أو مؤتمر سيكون له اثر في أعماق الشباب السوري الذي اغلبنا يجهله لأننا من جيل يبلغ كمتوسط عمري نصف قرن ولا نعرف طريقا أو أسلوبا لتدريب أو رعاية لهؤلاء الشباب ليكتسبوا خبرة العمل السياسي وضرورة الانقلاب على المفاهيم المغلوطة، بل يتصرف الأغلبية فينا على أنهم الرواد في فهم خصوصيات الواقع السوري المؤلم ونكتفي بدعوة حماسية جامدة لينضم الجيل الشاب إلينا كي نقوده إلى الخلاص.
عندما ننطلق من مبدأ أن التضحية هي أكثر إشعاعا من نجوم التفرد بالقرار والعمل السري المظلم والمواقف غير الصائبة في تحليل نهج العمل السياسي المعارض، فإننا نكون قد فتحنا صفحة جميلة للحوار يزيل ما تحت الألسنة من إهانات ويتوقف على التفاهم بين الجميع للعمل المشترك من اجل التغيير السلمي في لهجة تطلق سراح الطاقات الكامنة التي يخفيها كل فرد متنور من أبناء سورية الداعين للتغيير نحو مستقبل أفضل.
إن ما نراه اليوم ليس منضويا في تيار واحد فقط بل يشمل جميع الأطياف وكأنه ظلام سري يكشف هول الصراع في التجربة المعارضة دون تقديم الحلول للخروج من هذا الحيز الضيق الذي ساهم في تصدع الصورة التكوينية للمعارضة والإحساس بارتجاج مكوناتها ومرتكزاتها وآفاق حضورها على الساحة السياسية السورية.
من منا لا يذكر الصمت الذي أصابنا جميعا اثر ثورة الصراعات والتخوين والاتهام بالعمالة والانزلاق إلى مكونات المفردات السوقية التي خرجت من البعض وصارت ملاذا طغى حضورها على وطن مصغر أطلقنا عليه اسم (المعارضة)!
علينا الخروج من آلامنا الشخصية وذاتنا الجريحة وأحلامنا المنكسرة وعزلتنا الحزينة وان نتمرد على أنفسنا باستخدام معجم النقد وان كنا لا ننحدر من سلالة التيارات الأيديولوجية وان ندخل كالإعصار بالحجة والكلمة إلى مختبر حوار تنمو فيه أزهار العمل المشترك وتثور فيه براكين الاتصال لتتفجر اليقظة وتسحق الاستسلام برسالة همها الوحيد تقليب الهوية الوطنية على المشاهد السياسية والعمل الجماعي ضمن إستراتيجية تنتج جيلا شابا ممن ينتظرون ردفهم بدراسات ومواقف تنير طريقهم وتبدد مخاوفهم وتقوي لحظة انفجارهم في الداخل الذي يعانون فيه من مخاض عسير ومؤلم.
ضاع ربيع دمشق وقد لا يأتي ويبدوا أننا نعيش في غيبوبة بعيدا عن أوجاع الوسط الفكري والاجتماعي وراء القضبان حيث تبقى أفكار هؤلاء ناصعة البياض في زنزانات الظلم وصومعات العري التي تغطي الكلمة والمواقع والأشخاص وتمحي الأيام لكنها مهما استمرت لن تستطيع أن تعري الزهور وعطرها مهما كان عمرها قصير، لان وصيتنا هي العزاء الذي سيضيء سلسلة أعمالنا عندما تدون في ذاكرة ربيع المنطق والجدية في العمل.
هيا بنا نعود إلى مفكرة الزمن وندون فيها أول حرف في زاوية العقلاء بعيدا عن الوسط الملوث ، ونجعل محور أعمالنا نابع من صدقنا في احترام بعضنا البعض، لأنه لا يمكن أن نعمر ونبني سورية أو نجملها ما لم نهدم جدار لوحة الماضي ونبني على أنقاضه صورة الهوية الجديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها