الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستنصرية : مواجهة جديدة

سلمان النقاش

2009 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



ليس غريبا ان نلمس بعد ست سنوات من عملية التغيير التاريخية في العراق اشكالا من العنت والامتناع والاصرار على عدم مغادرة مواقع الوهم بامتلاك الرؤية الاحادية المعرفية في قيادة المجتمع (كل المجتمع) والمصادرة والتشكيك في الامكانيات والكفاءات لدى الاخر، ويتجسد ذلك جليا عندما تعتمد المنافسة والصراع الاجتماعي المصاحب على الدوام لحركة ونشاط المجتمع اثناء تلبيته لحاجاته الاساسية والمتجددة ، في تحديد قواها ومواقعها بالاستناد على ثوابت الانجاز الفكري الانساني بتراتبه التاريخي الموزع بين مكونات اي مجتمع حسب ملائمته مع المصالح وحمايتها واستمرارها .. ووفق هذا الوصف تبدو الصورة المجتمعية الراهنة وكانها صفحات تاريخية تدعو متأملها لاكتشاف البدايات والتحولات من خلال التباينات بين المكونات اذ تبدو القوى الممثلة لاي تصنيف اجتماعي وهي تحمل روح العصر الذي كانت ثقافتها تمثل السلوك الارقى فيه..
لكن الثابت او البديهي ان المنجز الحضاري الانساني يعمم انجازه ليؤلف قانونا طبيعيا يضبط حركة الانسان بالاتجاه التقدمي ويكتسب قوته بفعله المؤثر والكاشف للمواقع الجديدة لضمان الوصول للمثل التي تاقت حياة الانسان بلوغها.
وما تحقق من نجاحات خلال الاعوام الستة الماضية في العراق رغم تواضع ادوات الضبط يعد ارضية مقبولة للاستمرار في بناء المجتمع العراقي مدنيا وحضاريا اذ تتساقط ولو ببطء اوتاد الاصرار والعنت المتخلف .. ولكن في الوقت نفسه تاخذ هذه القوى المضادة بعض جرعات المطاولة والمواجهة بتعكزها على نقاط ضعف في مشروع التغيير عادة ما تكون النشاطات السياسية هي الضاغط الاول في في استمرارها ، ونستطيع القول ان امتناع بعض المتصدين للمواقع القيادية في نشاطات المجتمع سواء في مجال الخدمة العامة او المشروع الثقافي المدني ،عن القبول بضرورات التغيير تمهد سبلا لانتكاسات قد تحدث في الوضع الامني او الاداء الحكومي او حتى على مستوى اداء النخب الثقافية والعلمية والمهنية، لانها تفتح الطريق امام النزوع الفردي الطامح نحو المجد الشخصي على حساب المصلحة الجمعية مما يعني الايغال في حماية المصلحة الخاصة من خلال تسليك الممرات المؤدية لهذه المصلحة بما يؤمنها اذ تملأ القيادات الادارية الفرعية باشخاص بعيدين عن الكفاءة لكنهم منتجين في الاتجاه المطلوب تكتيكيا وهكذا يعطل البرنامج السياسي المعلن للحكومة الذي نال التفويض الشعبي لتطبيقه وتتجه الخطوات الى الخلف .
ما يحدث اليوم في الجامعة المستنصرية بعد اجراء تعديل على رئاستها لما تراه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضرورة تصحيح لمسارات مؤسسة علمية كبيرة مرت خلال مدة السنوات الست الماضية باوضاع وان كانت مشتركة لما مر به البلد من ظواهر مصاحبة لعملية التغيير ، وامتناع رئيسها من تنفيذ امر الوزارة بانهاء مهمته في هذا الموقع وتمسكه به مكررا حالات مشابهة كانت قد حدثت في فترات تتصف بحدة المواجهة مع رافضي مشروع التغيير كما حدث على سبيل المثال في دائرة البعثات والعلاقات الثقافية وفي ادارة جريدة الصباح والكثير من المواقع القيادية الادارية حتى اصبحت ظاهرة تكشفت اسبابها لاحقا وبشكل لا يحتاج الى كثير من امكانية التحليل وان سببها المباشر هو اسلوب الموازنة السياسية في شغل المناصب ، بات يشكل ضغطا ((لوبيا)) اتضح اكثر في التقاطع مع برامج توزيع القيادات الادارية من قبل الوزرات مع الحكومات المحلية في المحافظات اذ اثر على فعالية القرار في مركزه لكن بالاتجاه المعاكس للبناء المطلوب وهذه حالة تؤكد ما نلفت اليه اذ لا يقل هذا عن اي خرق امني قد يحسب على هيبة الدولة و وزعزعة ثقة المواطن بمن يدير مصالحه ويقربه من الخيبة بالشعارات التي رفعتها وترفعها الكتل السياسية المؤتلفة فيما اتفقت عليه انه حكومة وحدة وطنية .. اذ توجب هذه الوحدة ان يستجيب كل من موقعه للوائح والتعليمات والصلاحيات الممنوحة لاعضاء هذه الحكومة دون اعتبارات تحدد مصلحة هذه الفئة او تلك امام المصلحة العامة..
ونحن نعلم كيف استطاعت حكومة الوحدة الوطنية الخروج من ازمات كانت قد وضعتها في اشد الحرج لكنها اتخذت قراراتها بجرأة وحققت بها نتائج مذهلة عندما تجاوزت الضغط اللوبي كما حصل في صولة الفرسان وموضوعة حزب العمال الكردستاني وتوقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية ونجاحات باهرة في تنظيم الانتخابات المحلية وما لحقها من قرارات كانت تصب تماما في مشروع التغيير المدني ..
ان ما تحقق في العراق اذا ما قارناه مع البلدان التي تأثرت بموجة التغيير العالمية سواء على الصعيد الاقتصادي او الاجتماعي او الثقافي او السياسي يشكل نمطا مبشرا بالافضل ،والمتابع يدرك ان الضغط باتجاه الخلف والتنازل للسير فيه كما حدث في افغانستان وقبول كرزاي بتشريع يحدد النظام الاسري في مجتمعه تنازلا لضغط بعض الجماعات وتكتيكا منه لضمان نجاحه في الانتخابات الرئاسية القادمة وكذلك قبول الحكومة الباكستانية في تطبيق نظم خارج اطار الدستور على بعض المناطق نزولا ايضا عند رغبة جماعات ضاغطة كاسلوب لضمان القبول الشعبي بمستوى سيطرة نمط تنامي قوى الجماعات الضاغطة ضد المشروعات المدنية ..
الوصول الى الاداء الامثل طريق شاق وطويل لكنه لا يسلك الا من خلال تقديم التضحيات والتنازلات ازاء المصلحة العامة .. وعلى ما يبدو ان هذه الهنات تفرضها حالة التوافق وان شئنا ندعوها التراضي لكف الاذى والمشاكسة على حساب مشروع التغيير المشرع دستوريا .. واحيانا يصل حدود هذا التراضي الى مستويات خطيرة اذ تستخدم بعض القوانين السارية وتجير لهذه المصالح كما هو الحال في استخدام المادة( 136ب )من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل والذي يمنح بموجبه الوزير او المرجع صلاحية عدم الموافقة على احالة الموظف الخاضع للتحقيق الى المحاكم المختصة ومن خلال هذه الصلاحية من الممكن ضياع واهدار الكثير من الاموال والطاقات والتغاضي عن الاهمال او عدم الكفاءة ، ولنا في قضايا الفساد التي حققت بها هيئة النزاهة دليلا على الفعل السلبي الذي تحدثه هذه المادة فاغلق عدد كبير منها مما دعى هذه الهيئة للمطالبة بالغائها ..
نحن اليوم امام تحديات ما بعد تشكيل الدولة العراقية بمفهومها المدني الحديث فلقد انتهى مفهوم السلطة وليقتنع ممن يرفع شعار النضال انه لم يبلغ بعد محطته الاخيرة فما زال هذا النضال في اشد مراحل المواجهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا