الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في السابع عشر من نيسان: لانبياء العصر سلام

علي عبيدات

2009 / 4 / 17
القضية الفلسطينية


حكاية كفِ ومخرز تأبى أن تنتهي، منذ عشريات السنين، إرادةٌ تخترق الجدران، وأسطورة صمود بين قضبان الحديد، وأسودٌ رابضة لم ينل الأسر من عزيمتها، لم تنزل عن الجبل، ولم تصعد على الشجرة، ولم تهجر الخندق.
لم يبق لنا مفرٌ إلا أنتم، رغم قيدكم، ورغم معاناتكم التي تجاوزت كل الحدود، رغم صرخاتكم المكتومة بفعل السجان، إلا أن إصراركم وعزيمتكم ووحدتكم هي الملاذ، لا مفر ولا خيار، فانتم حماة الدار.
صدقتم ما عاهدتم رفاقكم عليه، لم تبدلوا ولم تغيروا، حملتم جراحنا في قلوبكم الحية، سادةً للنضال، وفرسانا للحرية والاستقلال، تحييكم الشمس المحجوبة في "بورشاتكم" كل صباح، تتجاوز آمالكم مساحة "الفورة"، ورسائلكم تجاوزت تقليد "البوسطة" و "الكانتين".
في كل يوم عند "العد"، ينظر إليكم السجان مدركا أنكم لستم مجرد أرقام، يده ترتجف، ويرتقص القلم، طرباً لأغنيات الحرية التي يخلفها مروركم، كم يكره نفسه ويضعها في مصاف البلهاء، لكنه راضٍ عنها لأنها في كل يومِ تُحصي الأنبياء.
لكل الناس أهزوجة ومكان مقدس، يحُج إليه المتطهرون من الخطايا، أماكن تقدسُ مَن فيها، إلا أماكنكم، قلاعُ مجدِ صنعتموها، مدارس وجامعات، منارات علم، مصانع رجال، عرينُ أسودٍ تخلفوها، في كل مكان تطأونه.
في عسقلان، النخلة في وسط الساحة تروي قصص الثائرين، كبريائها يضاهي شموخ هاماتهم، وصمودها في وسط ساحة الأسرِ عنوانا للحياة، فالأسلاك الشائكة، والأسوار العالية، لن تعزل يوما أحلام الثائرين.
في النقب، خيامُ الأحرار تتوسط رمال الصحراء، ثورةٌ تضاهي عاصفة الريح، وعقول لا تهدأ ولا تستريح، ترهن في كل اللحظات على أن الجسد المحبوس، يولِدُ من بين قضبان الأسر، مارداً يخترقُ القيدَ، ويجترح الحياة.
في "هداريم" في شطه، في نفحة، في كل القلاع، عناوين لا يمكن لكاتب التاريخ أن يتجاهلها، أسماء محفورةٌ على الجدران، قصص عزائم لا تلين، فكرٌ حرٌ وايمان، معاركُ تخاضُ ضد الظلمِ، لا تعرفُ توقيتاً وزمان.
من قال أن لكم يوما في السابع عشر من نيسان، ومن قال أن تضحياتكم يمكن أن تُحصر، في يومِ ودقائق وتاريخِ وزمان، كل يومٍ في هذا الوطن يحملُ لكم تحية، وكل فجرِ يضرب لكم موعدا مع الحرية.
ليت لي شبحا يطير فوق جدران القهر، ويجتاز حواجز الذل في كلِ الأصقاع، يعبرُ خطوطا رسموها على خريطة لتقيدنا، وحاجزا وضعوه ليترصدنا، كي أصلَ إليكم، وأصافح أيدٍ صنعت مجدا، وأقبلَ جباهاً احترفت الصمود في زمن التخاذل.
ليت لي أجنحة لأحلق في السماء، لأجوبَ فلسطين الخضراء، لأنحني أمام امهاتِ انجبن رجالا، طرقوا بسواعدهم السمراءِ، أبوابَ الحرية الحمراء، وخاضوا في غياهب السجون معارك طوال من أجل البقاء.
لكم موعد مع الحرية في احد الصباحات، وسنكتب لكم أغنية النصر، وباب أسركم مثلما فتح سيُغلق، ولن يبقَ من زنازين الأسرَ غير الذكرى، واسماؤكم المحفورة على الجدران، وخيالاتكم المنعكسة على ساحة "الفورة" كل صباح.

* كاتب وصحفي مقدسي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير