الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهود العراق والحقوق المهضومة

حسن الناصر

2009 / 4 / 17
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


حينما أتصفح النت وبعض مواقع اليوتيوب ويقع بصري على موضوع يخص يهود العراق أصاب بالأسى جراء ما تعرضته هذه الطائفة من قتل وتشريد من قبل أنظمة الحكم السابقة رافقه استعداء غبي من بعض شرائح المجتمع الجاهلة جاء متوائماً مع الموجة القومية والثورجية التي قادت البلد الى الهاوية , وقد انفرد العراق دون سواه بتهجير شعبه بدءاً باليهود مروراً بالكرد الفيليين انتهاءاً بالصابئة والمسيحيين واليزيديين سواء بتشريع قوانين جائرة كإسقاط الجنسية ومصادرة الممتلكات او بخلق أجواء الكراهية والعنف بين أوساط وأطياف المجتمع العراقي .

تعد الطائفة الموسوية (اليهود) من أقدم أطياف المجتمع العراقي وقد جئ بهم الى العراق كرهاً واخرجوا منه كرهاً , حيث جلبهم الملك البابلي نبوخذ نصر قبل 2600 عام كأسرى حرب من فلسطين في السبي البابلي الأول والثاني بعد ان دمر دولتهم (مملكة يهوذا) , كما هاجر البعض منهم الى العراق بعد ذلك بسبب اضطهادهم من قبل الرومان في فلسطين حيث تمتعوا بقصد وافر من حرية العبادة في العراق .

ولليهود دور ملموس في تاريخ العراق وقد استوطنوا مدنه الكبرى لطبيعتهم المتمدنة كبغداد والبصرة والموصل وكركوك إضافة الى مدن العراق الأخرى التي تمتاز حواريها عادة بمناطق خاصة بهم يطلق عليها ب(عكد اليهود) , وامتهن الكثير منهم الطب و الصيدلة والأعمار والصحافة والطباعة والصناعة والصيرفة وتبوء البعض منهم مناصب مهمة في الحقبة الملكية مثل حسقيل ساسون أول وزير مالية عراقي وهو من نظم هيكلية الضرائب على أسس حديثة وأسس أول ميزانية مالية في العراق وبلغ من دهائه انه أصر عام 1925على بيع النفط الى شركة نفط العراق البريطانية وفق باون الذهب وليس بالعملة الورقية مما أنعش الاقتصاد العراقي في أعقاب تلك الحقبة حيث حدا بالبريطانيين عدم استيزاره مرة ثانية , كما برع البعض منهم في الوسط الفني مثل الفنانة سليمة مراد ونجاة العراقية والموسيقار داود يعقوب عزرا وغيرهم .

وكان يهود العراق في وضع اجتماعي متفوق على أقرانهم العراقيين من ناحية الإمكانية المادية او المستوى الثقافي ومازال قصر شعشوع في كورنيش الاعظمية الذي امتلكه تاجر يهودي ماثلاً حتى الآن كدليل لثراء هذه الطائفة في تلك الحقبة وهو القصر الذي استأجره الملك فيصل الأول بعد غرق منزله في باب المعظم , ولهم أيضاً مكانة جليلة ضمن يهود العالم لما يمتلكون من طاقات بشرية ومالية جعلت من مسالة استقطابهم من قبل الصهيونية العالمية تجاه الهجرة الى إسرائيل هدف اكبر بالتعاون مع أقطاب السياسة في الحقبة الملكية .

وهناك مفارقة عجيبة من تهجير العراق لابناءه المخلصين الذين مازالوا يحنون الى بلادهم الأصلية ويتناولون أكلاته البغدادية ويطربون للمقام العراقي وأغاني المطربين العراقيين و شيوخهم يلعبون النرد ويتحاورون باللهجة البغدادية أينما وجدو وفي شتى أرجاء المعمورة وفي نفس الوقت يتم التمسك بأناس آخرين لا يشعرون بأدنى شعور وطني تجاه العراق بل هم أغراب قولاً وفعلاً ويتعالى البعض منهم على الجنسية العراقية في حين يستجدي الجنسيات الأوربية والغربية ويفتعل كل المبررات ويدعي الحجج الباطلة لتسفيه وتسقيط المجتمع العراقي في الأوساط العالمية و مازال يمتلك في نفس الوقت جميع الحقوق السياسية والمدنية كمواطن عراقي . والمتتبع لليهود القلائل في العراق حالياً وهم من كبار السن قد يصاب بالدهشة من تمسك هؤلاء ببلدهم العراق وعدم مغادرته رغم كل مايجري الآن وما جرى سابقاً من مآسي أرغمت الكثير من أبناءه ومن جميع أطيافه على مغادرته الى دول أخرى .

انني استغرب لهذا الكم الهائل من الاستعداء للسامية بدون مبرر , فلو لم ينتج اليهود الى البشرية سوى البرت اينشتاين وبيل غيتس الذَين غيرا مجرى العالم وأسسا التقدم العلمي الراهن لكفاهم فخراً , فكيف وهم امة معطاء على قلة عددهم , وان تحولوا الى شعب متعسكر فهي نتيجة حتمية عن جور مالقوا من قتل وتشريد في كافة أصقاع الأرض ومنها العراق .

ان الواجب الأخلاقي للساسة العراقيين يفرض إعادة الحقوق المهضومة لهذه الطائفة العراقية الأصيلة بعيداً عن هراء بعض الاسلاموين والقومجيين الذين لم ولن يبنوا العراق , ويتحتم إعادة الجنسية التي أُسقطت عنهم ومنحهم كافة حقوقهم المدنية والسياسية كباقي العراقيين مع إعادة أملاكهم المصادرة او الموقوفة اليهم او لورثتهم .

إن هذا الإجراء بقدر ماهو إحقاق وإنصاف بقدر مايعطي ثماراً يستفئ بها العراق بأسره لما يمتلكه اليهود العراقيون من أموال وعقول بناءة والعراق بامس الحاجة إليها إضافة الى انه يمهد الطريق للتطبيع مع الدولة العبرية التي لم يكن لنا أي مصلحة في استعدائها , وربما يكون هذا التطبيع متأخر مقارنةً مع باقي الدول العربية التي أنشأت مصالح مشتركة معها اتت بنتائج رائعة على اقتصاديات هذه البلدان واستقرارها الأمني , حيث تعد إسرائيل الآن اكبر دولة صناعية في المنطقة وأكثرها ديمقراطية وتتمتع جامعاتها بمستويات متقدمة جداً حيث حازت جامعة تل أبيب على التسلسل 17 عالمياً في حين كانت الجامعة الأولى عربياً هي الجامعة الأميركية في القاهرة التي جاءت في التسلسل 501 على جامعات العالم علماً هي ليست مصرية متكاملة حيث اغلب كادرها التدريسي من أميركا او من باقي الدول الأخرى ولم تحصل جامعات العراق على أي موقع ضمن ال 4000 جامعة عالمية , اضافةً ان إسرائيل تنتج 17000 كتاب ومجلد علمي سنوياً في حين لاتنتج الدول العربية مجتمعةً سوى 3000 كتاب .

كفانا هراءاً بالدعوة لحقوق الآخرين وننسى مصالحنا التي حطمتها التشنجات والتناحرات الخارجية مع دول تتفوق علينا تكنولوجياً وعسكرياً واقتصادياً وأكثر نضجاً من ناحية تشريع القوانين والنظم السياسية وأكثر ترسيخاً للديمقراطية , إنها دعوى للتعايش مع الواقع وترك الخواء الفكري والجعجعة الإعلامية والشعارات الفارغة التي أنتجت ملايين الجياع والمرضى والمتخلفين وجعلت من شعب العراق الذي سن أول التشريعات القانونية وابتدع أول حرف مكتوب مهجراً في أصقاع الأرض بلا هوية ولا جذور .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلا كفاك هراء
زيد عبد الصمد نعمان ( 2009 / 4 / 17 - 12:48 )

. لا اختلف معك فيما قلته عن يهود العراق و لكنهم كانوا ضحايا قيام اسرائيل
اما قولك ان اسرائيل دولة ديمقراطية فأحيلك الى البروفسور ايلان بابه الذي يرى ان التحدي الذي تواجهه اسرائيل القرار اما ان تكون دولة ديمقراطية او عنصرية (يهودية)
الحل برأيي ان تقوم دولة واحدة من النهر الى البحر مهما كان اسنها يعيش فيها الناس متساوين في الحقوق.
في منتصف التسعينات حضرت ندوة في مانجستر نظمها يهودي بريطاني بعد ان زار اسرائيل و كان ضيف الامسية عضو من راكاح. ظل المنظم يلح على ضيفه الاجابة على حقوق فلسطينيي 1948 و الضيف يتملص من الاجابة و في النهاية قال : نعم نحن مواطنون من الدرجة الثانية فرد المنظم: كلا انتم من الدرجة الثالثة و ابرز لوائح التعيين في شركات الطاقة و النقل و مجالات اخرى تمنع صراحة تعيين عير اليهود.
كانت جنوب افريقيا تفتخر انها الدولة الوحيدة في القارة التي فيها اتنخابات ديمقراطية و لكنها كانت مقتصرة على البيض كنا هي الحال في اسرائيل


2 - هل قرأ مثقفينا تاريخنا حقاً؟
سلام الشمري ( 2009 / 4 / 17 - 16:28 )
بعد اسابيع قليلة من الاحتلال بدأت وكالة انباء الاشاعات تتحدث ويلهج بها معظم اطياف المجتمع عن اليهود الذين يتسربون الى بلدنا بالمئات محملين بملايين الدولارات لشراء الاملاك والعمارات والمستشفيات والذمم ليسيطروا على هذا( البلد المقدس) ويهددوا شعبه (الابي) لتنفيذ نصوص البروتوكولات التي سمى فيها مدبلجيها كل حركة او فكرة تقدمية في التاريخ باعتبارها فصول من مؤامرة حكماء بني صهيون (الجبابرة) للسيطرة على البشرية والتاريخ ان صدقت نصوصها الكوميدية
وسميَ مستشفى السامري كأول ماحطت عليه اقدام الصهاينة كما تزعم الروايات
ولعل اسم مستشفى السامرائي كان هو المقصود لان المرحوم كمال السامرائي والذي نشرت مذكراته فى اواسط التسعينيات و قد تطرق فيها الى الاشخاص الذين عايشهم بما فيهم اليهود بنوع من الحيادية الايجابية فوصفهم من خلال منظور مهني وفق ثقافته وبدون فلاتر فئوية
وما ان بدأ الارهاب يوجه ضرباته حتى استهدف ومنذ البداية مؤسسات صحية وانسانية واصبح واضحا سر الاشاعات لكي تبرر ما حدث بعد ذلك , فالعدو المقصود أذأً هو (الصهيونية) ومن يمثلها من متطوعين اجانب من اطباء وغيرهم..وهناك من صدَّق ذلك فعلاً وقتها
كان ذلك قبل ان يضطر الارهاب الى كشف وجه المستتر بعد اتضح ان معظم ضحاياه كانوا عراقيين ابرياء و


3 - الصهاينة هم من هجر يهود العراق
ابراهيم خليل العلاف ( 2009 / 4 / 17 - 17:14 )
اخي ارجو ان تقرأالتاريخ حتى لاتظلم العراقيين فهم لم يهجروا اليهود بل الحركة الصهيونية وادواتها من خلال التفجيرات التي وقعت في بغداد هي التي دفعتهم للهجرة ويهود العراق يعرفون ذلك وهم يحنون الى العراق واقصة معروفة وليس هنا مجال ذكرها .

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟