الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤول حريص على ( المودة )

نبيل قرياقوس

2009 / 4 / 17
حقوق الانسان


طيلة الخمسة عقود من عمري لم اغادر العراق سوى مرة واحدة كانت قبل اكثر من عشرين عاما ، حيث حالفني الحظ بزيارة مملكة تقديس الوقت والعمل ، اليابان ، ولازلت للحظة اتذكر قطارات الانفاق المتغلغلة بين الجبال وتحت البحار لتوصل مئات الوف اليابانيين الى اماكنهم بالدقائق والثواني المحددة مسبقا ، ولا ادري هل اصبحت لتلك القطارات الان منافذ للمرور في مدن القمر او احياء الكواكب ام ان المشروع لازال تحت التنفيذ ، لكني اتذكر جيدا ان تلك القطارات لا تحوي الا اعدادا قليلة من المقاعد مخصصة للحوامل وكبار السن والمعوقين بينما ينتصب الالوف الباقين على ارض عربة القطار وبينهم من يقرأ كتابا صغيرا يحمله بيد بينما يسند قامته باليد الاخرى ، لم ارى او أسمع يابانيا يتحدث مع آخر في هذه القطارات السريعة ، بينما تجد في مجتمعنا وربما في كل المجتمعات الشرقية ظاهرة انطلاق الحوارات والمناقشات بين راكبي وسائط النقل الشعبية ، وحتى الخرسان منهم تراهم ينشغلون بالتحدث باشارتهم طالما تواجدوا ، وكم كنت اتمنى لو ان القدر اسعفني لأتبادل الآراء حول هذه الظاهرة الاجتماعية مع الراحل العالم علي الوردي ، اذ قد تكون هذه الظاهرة انعكاسا لوضع عدم قدرة ابناء الشعوب الشرقية ايصال اصواتهم الى اداراتهم الحكومية ما يضطرهم الى اطلاق العنان لهمومهم لتعلو كلماتا وجملا وآراء تناطح احدها الآخرى في تجمع لا احد فيه يعرف الآخر ولتصبح بعد لحظات هباء منثورا ، او قد تكون هذه الظاهرة انعكاسا ينبأ بالشعوب التي تتكلم اكثر مما تعمل ، وربما لاسباب اخرى ، لا أدري !
بالأمس ، تحدث احدهم في سيارة ( كيا ) قائلا ، والعهدة عليه :
( انقضى اليوم علي دون ان احصل على شي ، صباحا تواجدت وجموعة مواطنين وموظفين في مبنى وزارة ........ حيث موعد مقابلة مسؤول رفيع المستوى ، وكانت مشكلتي بخصوص اخطاء في احتساب درجتي الوظيفية ، وبعد انتظار دام أكثر من ساعتين ، تم اخبارنا بان المسؤول لديه اجتماع في دائرة اخرى تابعة للوزارة في بغداد ، وأنه يتوجب علينا الذهاب الى تلك الدائرة حيث سيقابلنا ، وهكذا توجه الجميع بسياراتهم الخاصة او بسيارات ( التاكسي ) الى الدائرة الاخرى لمقابلة السيد المسؤول ( حلال المشاكل ) ، وصلنا وانتظرنا فترة اخرى حيث اخبرنا احد الموظفين هناك بان السيد المسؤول لديه ( بريد ) ، ومعروف للجميع سرعة البريد الرسمي في العراق ، لذا فان المسؤول اختار تمشية البريد قبل المقابلات المتأخرة حرصا على دقة مواعيد البريد !
بعدها شاهدنا السيد المسؤول يخرج من مكتبه داخل الدائرة برفقة الحماية وظننا انه سيتوجه الينا باعتذار عن تأخره ، لكنه توجه برفقة ( الحماية ) الى المرافق الصحية ، حيث عرفنا فيما بعد ان السيد المسؤول يستعد لأداء الصلاة ، وبعدها بدأت اشكال ( صواني ) المأكولات تدخل مكتب السيد المسؤول ، وكل هذا ونحن ننتظر ، وبتنا في شك فيما اذا كان المتبقي من وقت الدوام الرسمي سيكفي لمقابلتنا ، لكن احد موظفي الدائرة طمأننا بالقول : لا ديرون بال ، كلكم يقابلكم وينفضكم بربع ساعة ! )
لا اطيل عليكم سادتي القراء ، فحديث هذا المواطن طويل وتعليقات بقية الراكبين اطول ، لكني اختصر كلام المتحدث بجملته الاخيرة التي قال فيها : طلع هذا المسؤول كلشي ما يفتهم !
ونحن نقول الله اعلم !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز


.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر




.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس