الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغربيات

سعدي يوسف

2009 / 4 / 18
الادب والفن



نُــزْلُ تْرانس أتلانتيك (مِكْناس)
Transatlantique-Meknes Hotel

عُمرُ هذا النُّزْلِ عُمري :
عُمرُهُ خمسٌ وسبعون ، وبِضعٌ من حروبٍ .
ينهضُ النُزْلُ على مَشْــرفةٍ تَصْلُحُ أن تنصِبَ فيها مدفعــاً
يمكنُ أن يقصفَ حَيَّ العربِ ، الأسواقَ والتاريخَ والزُّلَّــيجَ ...
كانت هيأةُ الضبّاطِ في الجيشِ الفرنســيّ ترى في النُزْلِ بيتاً أو مَقَرّاً ،
من هنا يمكِنُ للخيّالةِ السيرُ إلى وجدةَ ليلاً ،
ثم يأوونَ إلى بردِ تِلِمسانَ صباحَ الغدِ ...
كان العالَمُ المعروفُ في مُنبسَطِ الكفِّ !
.......................
.......................
.......................
ولكني هنا
في البارِ ...
أبدو ضائعاً
مستَنفَداً في ولَهِي
إذ أسمعُ الـعَرْبِيَّ يتلو أزرقَ الجازِ
وإذْ ألمحُهُ يغمِزُ لي في آخِرِ الأغنيةِ .
النُّزْلُ الذي أعرفُهُ لم يَعُدِ النُّزْلَ الذي أعرفُهُ ...
........................
........................
........................
اللحظةُ ، كالقطّةِ :
إني أسمعُ ، البغتةَ ، خَطوي ، عبْرَ ممشى العشبِ
أسمعُ الأوراقَ تَسّاقَطُ في الليلِ
حفيفَ الطيرِ إذ يأوي إلى عُشٍّ بِــلِـــيفِ النخـــلِ
ِمن صومعةٍ في البلدةِ انثالَ الأذانُ ...
العالَمُ استكمَلَ معناهُ .
وهذا النُزْلُ أيضاً !
لندن 02.04.2009

الشاطئ البربريّ
Barbary Coast

أقولُ الصراحةَ :
هذي البلادُ التي كِدتُ أعرفُها مرّةً
لن أتوقَ لأعرفَها الآنَ ...
هذي البلادُ أخَبِّيءُ أعشابَها وأزِقَّتَها في جيوبي الكثيرةِ
لن أسألَ ؛
الوردُ والســِرُّ لا يُسألانِ
الحقيقةُ لا تُسألُ .
الحُبُّ لا يُسألُ .
الدربُ ما بينَ وجدةَ شــرقاً وسَــبْـتـةَ ،
دربي العتيقُ الذي وطّأتْــهُ خُطايَ الخفيفاتُ
أيّامَ كانت موائدُنا نَزْرةً
وبيارقُنا عاليات ...
لكَ الحمدُ ، يا شاطئي البربريَّ
لك الحمدُ
يا مَن وهبتَ الأصابعَ وقتَ النبات.
لندن 09.04.2009

الـمَــدْبَــغـــــة

سـُـلَّـمٌ ضيّقٌ ، وحديدٌ ، سيأخذكَ ...
السُّلَّمُ الضيِّقُ ، الحلَزونُ ،سيبدأُ من آخرِ المخزنِ .
السّترةُ الجِلْدُ ، ثَمَّتَ ،والشايُ أخضرَ ،
تلكَ الحقائبُ مفتوحةٌ ، كفِخاخٍ ،ستسقطُ فيها عجائزُ برلينَ ...
والشمسُ غائبةٌ أبداً
( ربما تُحرِقُ الجِلْدَ )
يأخذك السلَّمُ الضيِّقُ ، الحلزونُ ، إلى السطحِ :
من ههنا تُـبصرُ الـمَدْبَــغــةْ :
شمسُ إفريقيا تتمهَّلُ ، حتى تغورَ عميقاً بتلك القدورِ المدوَّرةِ .
الماءُ يفقدُ ما هو للماءِ .
للماءِ رائحةٌ كالمجاري التي في الحميمِ
وللماءِ لونٌ ،
وللماءِ طَعْمُ الرصاصِ .
الرجالُ يدورون بين القدورِ ، عراةً إلى النصفِ .
كانت جلودُ جِمالٍ على السطحِ تَنْشَفُ
كان قطيعٌ من الماعزِ الغِرِّ ينزعُ أثوابَهُ قربَ ثورٍ بلا جثّــةٍ
أتُرى دخلتْ في القدورِ خيولٌ من الأطلسِ ؟
الشمسُ باردةٌ
شمسُ إفريقيا تتمهّلُ كي تُنْضِجَ الجِــلْـدَ
كي تتفادى سكاكينَــنـا بالغياب...
لندن 30.03.2009

جْوان في بار نُوفَـلـْتِــي

ربّـما للمرةِ الأولى يرى الساقي ، جَمالُ ، امرأةً تجلسُ في كرسيِّها العالي
بهذا البارِ ،
كي تطلبَ منه كأسَ رِيكار ...
لقد كان نهاراً رائقاً
والشمسُ في يوم الربيعِ الأولِ ؛
الناسُ الذين اقتعَدوا مقهى الرصيفِ استمتعوا بالقهوةِ
الآنَ تجيءُ الخطوةُ الأخرى :
إلى البارِ !
..........................
..........................
..........................
كأنّ جْوانَ لا تدري بما يَحْدُثُ في البارِ ...
لقد جاءَ الجميعُ !
اختفتِ الشمسُ
وما عادَ بهذا الصَّوْبِ من مكناسَ مقهى ...
وسماءٌ رَطْـبــةٌ تُمطِرُ رِيكاراً على رأسِ جــوان ،
البارُ أمسى مسرحاً ...
قالت جوانُ :
الآنَ حانَ الوقتُ كي نمضي إلى الفندقِ ...
لندن 08.04.2009

خِزانةُ جامعِ القرويّـين

كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان بسيطاً
خشباً
لم تجرحْه يدٌ لتزخرفَه ،
أو لتلوِّنَهُ .
كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان على بابِ المخطوطاتِ السعديةِ
يحرسُــها .
لو كانت تلك القُبّةُ مُذْهَــبــةً من تِبْرِ السعديّينَ !
لكنّ القبّةَ عاريةٌ
إلاّ من مخطوطاتِ النحوِ
وكرســيّ محمدٍ الخامس !
لندن 30.03.2009

ســاحةُ الهَــدِيــم ( مكناس )

مولاي ، اسماعيلُ ،
قِفْ ، نرجوكَ ... هذا حَدُّكَ !
ابتدأتْ منازلُنا الفقيرةُ
وانتهى غالي قصورِكَ!
ليس بَعدَ الساحةِ القوراءِ مِن هَدْمٍ ...
أتعرفُ أننا نخشى الدخولَ إلى حدائقِكَ ؟
الصهاريجُ ارتوَتْ منها خيولُكَ
غيرَ أنّ غِياضَنا ، الزيتونَ والليمونَ والنعناعَ ، جفّتْ ...
نحن ، يا مولايَ اسماعيل ، شعبُكَ
نحن لسنا في بلادِ السِّــيبةِ ...
الراياتُ رايتُكَ
المنابرُ كلُّها تدعو لكَ ،
الغاباتُ مزرعةٌ لكَ
الشطآنُ والوديانُ ، والنُّعْـمى ، وثلجُ الأطلسِ البحريّ .
يا مولاي اسماعيلُ
قِفْ !
نرجوكَ ...
هذا حَدُّكَ !
لندن 07.04.2009

ســيّدي اللقلقُ

ملأَ الرومانُ هذا السهلَ بالأعنابِ والأعمدةِ .
الأَرْزُ الذي يكْمُنُ في الأطلسِ يُمسي سفناً
أو عرشَ جنديٍّ ،
وقد يصبحُ كأساً لنبيذ السهلِ
باباً
أو ســريراً ...
نحنُ جَوّابونَ ،
لم نغلقْ علينا أفُقاً
لم نبْنِ بيتاً
دارةً ، أو قلعةً ...
نحن بنَينا مُدُناً في صحنِ حلوى
وانتظرنا لحظةَ الإفطارِ ، آنَ التّمْــرةُ الجنّةُ .
ما أشبهَنا بالنحلِ والنخلِ !
وما أشبهَنا باللقلقِ !
الســهلُ فســـيحٌ ...
هل سيبني سيِّدي اللقلقُ عشّــاً
بـينَ مكناسٍ وفاس ؟
لندن 01.04.2009

88








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل