الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كراسي المسؤولين

جعفر درويش

2009 / 4 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الكلام الدارج في وسائل الاعلام وتصريحات المسؤولين عن دعم الدولة للاعلاميين والمثقفين ومشروعاتهم ورؤاهم ، لا يبعث دائما على السرور ن بل لعله يثير الحزن في النفس لما ينطوي عليه من نظرة فوقية متعالية تاتي دائما من موقع الاقوى الى الاضعف ، وهذه الحقيقة المرة لمستها بوضوح في حديث الوزير (.......) الذي لا أحسبه كان واعيا لما يقول، إذ ذهب الانفعال به بعيدا وهو يحدثني: أخي نحن عازمون على ابعاد شبح الجوع عن الناس، وتعويض الشعب العراقي عن سني الحرمان التي تجرعها على أيدي النظام البائد، فلندع الناس تشبع من الخبز وبعد ذلك نفكر في الاعلام.
أرعبني حديث الرجل وصدم عقلي، لكني تمالكت نفسي وابتسمت للوزير المنفعل، وذكّرته بالشعب المصري الذي لم يشبع من الخبز يوما، وعانى كثيرا من الفقر والجوع وادمن التشرد في البلدان وتجرع الغربة باقسى صورها، فمن منا ينسى المصريين عندما اقاموا في العراق، رأينا الفرد منهم كيف كان يكد ويكدح ويجمع المال(بقليله وكثيره) لكنه لم ينس مصر ، كان لا يستثني شاردة ولا واردة حتى يكرسها من اجل بلاده، كان معبأ بحبها فهو يسميها”ام الدنيا “ ولا يعنيني هنا ان كانت مصر كذلك ام لا، انما يعنيني في حديث الوزير، مدى سذاجة الرؤية التي يحملها بعض المسؤولين الحكوميين عن الدور الذي ممكن ان يلعبوه في حياة العراقيين ، هم يعتقدون انما جاءوا لشعب جائع وعليهم اطعامه حتى يشبع ، وهذا لعمري مما يضحك الثكلى ، إذ كيف يتسنى لنا مع كل هذا(التسطيح للمسؤولية) ان تتدارك الحلقة المفقودة في مسلسل الوطنية وحب العراق، والتي لم تنفع معها كل محاولات الترقيع التي دأبت عليها الحكومات المتعاقبة، ولم تستطع كل شعارات الاحزاب وبرامجها السياسية واهدافها المعلنة وغير المعلنة من سد فراغها، فالكل عاجز ولا يعرف كيف يقنع المواطن العراقي البسيط بان تراب الوطن أعز من الحكام، وان كل قطرة دم عراقية تسقط على الارض هي اغلى ملايين المرات من كراسي المسؤولين، والسبب يعود في رأيي الى القصور الواضح والفشل الذريع في التعاطي مع موضوعة الاعلام، فمصر، ما صارت”ام الدنيا “ لولا ماكنة الاعلام الهائلة التي يمتلكها المصريون والحس الاعلامي الذي يتمتع به مواطنوها ، أما الاعلام في العراق فقدره مواجهة التحدي وهو تحدٍ من نوع اخر، تمثل بخلطة عجيبة من جهل وفساد وكاتم صوت ، وبات الاعلاميون العراقيون بين فكيّ كماشة: لا أبالية المسؤول وجهله التام في صناعة خطاب وطني خالٍ من المزاعم من جهة ، وقسوة الارهاب واستهدافه للاعلام والاعلاميين من جهة ثانية.
لذا أقول لا يمكن لاي عملية سياسية ان تنجح وتنطلق دون ان تنطلق معها عملية اعلامية شاملة يشتركان معا في مسيرة بناء واحدة تكون متناغمة ومتوازنة كي يتمكنا ان ينتجا لنا مفهوما حقيقيا للمواطنة. نستطيع جميعا من خلاله ان نبني الوطن.. والمواطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر