الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

وسام يوسف

2009 / 4 / 20
الادب والفن



في الرابع من آذار توجهت إلى كلية الإدارة والاقتصاد كأي يوم دراسي جديد يبدأ بركوب الباص أو كما نسميها في اللهجة العراقية (الكية ) ..وكما يعرف معظم الذين يركبون الكية إن تلك السيارة ليست مخصصة فقط للركوب والأجرة بل هي أستوديو سياسي مصغر يدير الحوار ويخرجه في هذا الأستوديو السائق أو الشخصين الذين يجلسون في المقدمة , وغالبا ما ينطلق الموضوع من المقعدين المتقابلين في وسط السيارة لا اعلم ما السبب ولكن يبدو إن شكل المقاعد يوحي لك انك تجلس في صالون ثقافي أو مقهى رواده سياسيون , والمواضيع في اغلبها سياسية وتتناول ما دار في الساحة السياسية أو يكون الموضوع تكملة لبرنامج تناولته احد القنوات في الليلة السابقة أو فضيحة سياسية أو تصريح ديني , وفي الأغلب يمارس الأشخاص دكتاتورية على الذين يجلسون في المقعد الأخير ولا يسمعون أراهم ولكني لا اضن أنهم لا يسمعون بسب سلوك دكتاتوري بل بسب صوت المحرك لذالك تراهم لا يأخذون برأي الشخص الأخير رغم صراخه وهو يحاول أن يوصل رأيه جاهدا , وقد تأتني فكرة مجنونة أن أوجه الحوار وان اجعل من الكية منبر لدفع المدنية ومقر لممارسة الديمقراطية وحقيقة قد نجح الأمر من دون عناء كبير فقد كان الناس هم يتشبهون بسلوك البرامج الحوارية وكثيرا ما ترددت كلمة (كل واحد أو رايه ) بل وكان هناك شخص متزمت وحاول أن يمارس سلطة مطلقة على الجالسين والتحكم حتى بالسائق وأمره أن يغلق جهاز الراديو وذلك بسب عرض أغنية فأجابه السائق (كلمن حريته إذا ما أيعجبك انزل ) فقلت بيني وبين نفسي الديمقراطية قادمة وقد نعاني من فرط الديمقراطية والحريات .. وعلى العموم قد وصلت إلى الكلية وترجلت من السيارة مودع الراكبين بكلمة (الله معاكم ) واسمع كلمات وانأ أغلق باب السيارة من رجل عجوز قد بدت عليه خبرة الزمن ( احنه شريد غير الأمان والعيشة ) وابتعدت السيارة وأنا ابتعد كأننا فارسين يتجه احدهم إلى الشمال والأخر إلى الجنوب ...وكنت أفكر وأنا راضي عما دار في السيارة واردد بيني وبين نفسي ما دام المجتمع يتكلم سيجد طريقه ومن الممكن أن نصبح دولة حديثة مدنية دولة القانون دولة الحريات والأفكار , فكما كان النطق الطريق الأول لاختراع الكتابة كذلك الكلام هو الطريق إلى الديمقراطية حتى وان كان ثرثرة وغمرتني فرحة كانت تبدو على ملامحي حتى لحضها زميل لي صادفني بالطريق وكنا قد اقتربنا من الكلية ولكن كان هناك تجمهر في الباب كان يبدو شجار مابين احد الحرس وطالبة الدكتوراه (هندرين حسن أحسين ) وهي من الكادر التدريسي في الكلية , وبعد تدخل الطلاب وحالوا منع اعتدا الحارس على أستاذتهم رغم انه شهر السلاح بوجهها ونعتها بكلمات نابية , انتهى الأمر بان الحارس هو المعتدي وان الأستاذة لم تعتدي عليه , وكما هو متوقع أو يجب أن يتوقع أن يعاقب الحارس أو يعتذر من الأستاذة فوجئنا بردة فعل غريبة من قبل القائمين على الكلية فقد منع رئيس قسم الاقتصاد نشر اعتذار الحارس في لوحة الإعلانات في القسم وكان هذا اقل ممارسة ديمقراطية لحل خلاف بين شخصين هو إعلان الاعتذار,ورجعت ذاكرتي إلى الشخص الملتحي في السيارة وكيف تقبل تعليق السائق بممارسة ديمقراطية أكثر من رئيس القسم , وحقيقة قد بحثت عن سبب عدم نشر الاعتذار رغم انه كان مطلب للأستاذة لحل الخلاف فقد تبين إن لا سبب مقنع سوى نظرة تعسفية ضد المرأة فقد قال لها رئيس القسم ( هو رجل شنو يعتذر منك , أنتي أتهينين كرامته ) ورجعت ذاكرتي إلى ذلك الذي كان يجلس في أخر السيارة وكيف انه حاول جاهدا أن يتكلم وكيف كان يشعر بعدم الإنصاف من الذين يتكلمون ولا يفسحون له المجال أن يتكلم رغم أن لم يهنه احد بل كان الجميع يحاول أن يسمعه وصوت المحرك يحول عن ذلك ..
وعرفت حينها إن الديمقراطية سلوك قبل أن تكون قانون أو كتاب مطبوع فبرغم الشهادات والألقاب التي يحملها الإنسان قد يكون متعسف ,, وبرغم بساطة الوعي والثقافة قد يحمل الإنسان في داخله من حب للإنسانية ما يجعل الديمقراطية من طباعه فتراه يسمع همومك في الصباح الباكر رغم رائحة الدخان والسجائر ورغم الصداع الذي ينتاب ( نواب الكية ) من قلة الإفطار فتراهم أكثر احترام للمرأة ويعتذر عن ابسط الأشياء بل قد يتنازل عن مقعده ويجلس امرأة ...ومر اليوم وانأ أحاول أن أقارن من أكثر ديمقراطية ,,, مؤسسات الدولة وممثلوها أم أصحاب البرلمان المتحرك ,,وكبرت الصورة في مخيلتي ووصلت إلى نوابنا السياسيون في البرلمان وكيف يجلسون متباعدين رغم محاولة مهندس الديكور أن يقرب كراسي القاعة فتراهم يحاول أن لا يلامس احدهم الأخر حتى لو عن طريق الخطاء ,, وكيف كان (نواب الكية ) يحاول أن يقترب احدهم من الأخر رغم إن المكان لا يتسع إلا ثلاث في كل صف وان كان هناك من يحاول أن يركب يعطوه جزء من المكان ويقولون ( هية عبرة هسة نوصل ) ,,,, وبعد صراع طويل معه المقارنة مابين التحليل ما بين النخبة الرسمية والمجتمع البسيط نمت رغم انه لم يكن نوم بل كان إعياء وفي اليوم التالي ركبت في الكية وقد تغير بعض الراكبين وسارت السيارة ووصلت إلى المكان الذي انزل بهي يوميا ولكني لم استطع أن انزل فقد قررت أن استمر إلى نهاية الطريق وان يكون درسي اليوم من المجتمع وانتهى اليوم وأنى أجوب بغداد إلى المساء وعرفت الكثير حتى أسماء أماكن لم أكن اعرفها وحوادث عبرت الزمان كما أنا اعبر المناطق وأناس مروا كثيرا حتى بدئت احتاج إلى أن اخلد إلى النوم وحينها عدت إلى البيت ورغم إني تعبت إلى أني تعلمت درسا جيدا ...ليس كل ما هوة منظم يدل على المعرفة .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل جدا ولكن الفاعل مرفوع
محمد محسن الكريطي ( 2009 / 4 / 20 - 16:38 )
جميل سيدي الكاتب ان تلتقط هذه الصور وتكتب كدرس والأجمل لو انها تكون اقل تعديا على اللغة المكتبوبة بها فان الفاعل مرفوع في يخرجه السائق والشخصان وليس الشخصين.. وتكون قانونا ..وكان مطلبا للأساتذة .. الخ ..والظن انها غير متعمدة والفكرة اجمل من ان تنقصها اخطاء الشكل الذي هو اللغة ..وهذا يدعو لشكرك والاعتذار للغة. ولك اعجابي كقاريء تهمه المضامين كما انه لا يستطيع اهمال اشكاله .والسلام مع المحبةالتي هي الحل.

اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته