الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وليذهب الفقراء إلى الجحيم

رابحة الزيرة

2009 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية




العالم ليس بخير على الإطلاق، والأرقام تدعم مخاوف أكبر الاقتصاديين في العالم، فهناك خمس شركات عملاقة تسيطر على خمسين في المائة من الأسواق العالمية في مجالات الفضاء والسيارات والطائرات والالكترونيات، وخمس شركات أخرى تسيطر على سبعين في المائة من السلع الاستهلاكية، وخمس شركات غيرها تهيمن على أربعين في المائة من النفط والإعلام، كما أنّ واحداً وخمسين في المائة من أكبر الاقتصادات في العالم اليوم هي شركات لا دول! بينما وصل عدد الجوعى إلى أكثر من مليار شخص، وهناك أكثر من خمسين مليون شخص في قائمة العاطلين، ويُتوقع أن تقوم اضطرابات اجتماعية وثورات في أكثر من خمس وتسعين دولة في العالم قد تطيح ببعض الحكومات، مع العلم أن هذه الأرقام تتزايد بصورة مهولة وبسرعة غير مسبوقة.

ثمة مفارقة هنا تدعو للتأمّل، ففي حين أنّ الدول الغنية هي سبب الأزمة الاقتصادية إلا أن الدول النامية والفقراء في العالم هم من يدفع الثمن الأكبر، ويأتي على رأس قائمة البلدان المعرّضة لمخاطر عالية جدا: زيمبابوي وتشاد والكونغو وكمبوديا والسودان، ثم سوريا، والمغرب، والبحرين، والكويت، ومصر، تماماً كما هو حاصل بالنسبة للنتائج المترتّبة على التلوّث البيئي الذي تسبّبه الدول الصناعية الكبرى والغنية كأمريكا وأوروبا واليابان إلاّ أن أكثر المتضرّرين وأعلى نسبة وفيّات من أثر الاحتباس الحراري والتغيّر المناخي تُحصد في الدول النامية!

ويأبى الجشع اللامتناهي لحفنة من مصاصي الدماء، المتخمين من موائد الفقراء إلا أن يستمرّوا في سياستهم الحمقاء في محاولة الخروج من رمال (الأزمة الاقتصادية) المتحركة التي تورّطوا فيها بمزيد من النهم كما فعلت شركة أيه.إي.جي للتأمين حيث دفعت مكافآت خيالية لبعض موظفيها بمقدار مائة وخمس وستّين مليون دولار بعدما منحتها الدولة مساعدة مالية قدرها مائة وسبعين مليار دولار تمّ اقتطاعها من المال العام لإنقاذها من الإفلاس، وكان نصيب نائب رئيسها وحده ما يناهز ستة ملايين دولار ونصف(!) بحجة أنها بحاجة إلى مهارات مسئوليها للخروج من الوضع المالي الكارثي لإنقاذ الشركة من الانهيار حتى تتمكن من إعادة الأموال التي اقترضتها من الدولة (عذر أقبح من ذنب)، وقد وصف هذا التصرّف اللامسئول أحد النوّاب الديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي بقوله: "كأن قبطان الباخرة والطاقم يحتفظون لأنفسهم بقوارب النجاة ويقولون ليذهب الركّاب إلى الجحيم"، ويبدو أن هذه هي السياسة التي بات ينتهجها سرّاق المال العام حول العالم، فالهوامير تبدأ والحراسين (صغار السمك) تحاكي.

يموت البعض غرقاً في الرمال المتحرّكة لا لأن مصير من يقع فيها الموت بل لأن خوف الشخص واضطرابه وبالتالي حركته العشوائية تسبب غوصه فيها أكثر ومن ثم هلاكه، وهذا ما يحصل اليوم للمصارف والشركات المالية الضخمة في تعاملها مع الأزمة الاقتصادية التي تسبّبوا فيها للعالم بجشعهم وسوء إدارتهم لها، فلم يتصرّفوا بحكمة ونزاهة من بداية الأزمة، وحاولوا أن يداووها بما هو داؤها، فتمادوا في إسرافهم والإغداق على أنفسهم بدلاً من ترشيد الاستهلاك وتوجيهه، وتوخّي العدالة والإنصاف في توزيع الثروات، وبينما خُصّصت الأرباح الطائلة للمدراء التنفيذيين لسنوات طويلة، ولكن الآن يتحمّل العامة (وبالأخص الفقراء) تلك الخسائر التي سببها الأول هؤلاء المتنفّذون، وإن كان على حساب هلاك العالم.

يقترح مدير معهد أخلاقيات الأعمال التجارية - الذي يرى أنّ أحد أهم أسباب الأزمة هي هذه المكافآت – يرى للخروج من هذه الأزمة أن يقوم على المصارف مدراء يعرفون معنى النزاهة وأهميتها ولا يكون همّهم اللهث وراء جزرة المكافآت، ومصرفيون أقلّ غروراً من المتواجدين حالياً في البنوك، بعد أن تؤنسن مذاهبها الاقتصادية وتصحّح قواعدها التي يتعلّمها المدراء والمصرفيّون الآن في الجامعات، فهو يرى أنّ ما يحدث حالياً تنفيذ لهذه القواعد المنافية للأخلاق كقاعدة (الاستفادة القصوى من الأرباح) مثلاً والتي تُدرّس على أنها دليل على (العقلانية) في المعاملات التجارية لا أنها ترسيخ للطمع والانتهازية.

انتصرت مشاعر الأمومة لدى القطة (سيجل) على العداء التقليدي بين القطط والكلاب عندما احتضنت مع قطّتيها أربعة "جِراء" ماتت أمّهم، فبعد أن دسّ صاحب القطّة "جرواً" صغيراً في حضنها مع قطّتيها الصغيرتين بدأت بشمشمته، ثم لعقته كما تفعل لأطفالها عند تنظيفهم وسمحت له أن يرضع منها، ثم فعلت نفس الشيء مع بقية الجراء التي وجدت طريقها لصدر أمها الجديدة، فرضعت أربعة جراء وقطّتين من أم واحدة وتقاسموا الغذاء المتوفّر فيما بينهم بلا أثرة أو أنانية .. عبرة رهيفة – من حيوانات أليفة - لو يعتبر منها المتمسّكون بالرأسمالية المتوحّشة خلال الأزمة العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله